أخبار سورية

الخادمة الفلبينية الوحيدة في غوطة دمشق ترفض ترك الأسرة المحاصرة التي جاءت لخدمتها

لعلها تصنف ضمن الحوادث الفريدة من نوعها في سوريا، تعكس تفاصيلها مدى الإنسانية والمشاعر النبيلة التي تحملها الشابة «مريم» تلك الخادمة الفيليبينية التي دخلت سوريا قبل ستة أعوام، كعاملة في منزل إحدى الأسر الثرية في الغوطة الشرقية، حيث أنها رفضت الخروج خارج أسوار ريف دمشق الشرقي، رغم الالحاح والطلب من الأسرة التي استقدمتها قبل عدة أعوام بضرورة مغادرتها البلاد حفاظاً على حياتها، الا انها أبت المغادرة بشكل قاطع، لتعايش الحصار الخانق والقصف الشديد اللذان تتعرض لهما الغوطة الشرقية منذُ أعوام على أيدي قوات النظام.

الشابة الفيليبينية مريم بدأت عملها قبل ستة أعوام خادمةً في منزل إحدى العائلات الراقية في مدينة دوما بالغوطة الشرقية قبل اندلاع الثورة ضد النظام السوري، ومع دخول مدينة دوما ركب الثورة ضد نظام الحكم، طلبت العائلة التي تعمل لديها الخادمة مريم منها بضرورة مغادرة المدينة، والعودة إلى زوجها وابنها في دولة الفيليبين، إلا أنها رفضت ذلك، وتحوّل الثورة السورية من حالتها السلمية إلى العمل المسلح لم يمنعها من الاستمرار في العمل لدى تلك الأسرة الثرية، رغم المطالب المتكررة من رب الأسرة بضرورة رحيلها عن أرض مدينة دوما، قبل إغلاق المطار في دمشق الدولي، واشتداد الحصار على المدينة، لكنها أصرت على موقفها بالبقاء لدى الأسرة.

ومع اشتداد وقع الحصار على الأهالي في مدينة دوما، كان لتلك الأسرة نصيبٌ من هذا الحصار، إضافة إلى القصف العنيف المستمر على المدينة، الأمر الذي كان سبباً في انتهاء الحالة الثرية للأسرة التي تعمل لديها الخادمة مريم، جددت الأسرة مطلبها من مريم بضرورة الرحيل قبل فوات الاوان، وقبل أن يحكم الجوع والحصار أذرعه على الأهالي، لكن مريم بقيت ثابتةً على موقفها في البقاء لدى تلك الأسرة، لتنتقل عقبها من العمل المأجور إلى العمل التطوعي المجاني.

تحولت الخادمة الفيليبينية من عاملة منزل إلى أحد أبناء الأسرة الثرية الفقيرة، وبدأت تدريجياً تعيش مع تعيشه الأسرة التي تخدمهن حالياً كابنة وليس كعاملة مأجورة، ثم تفننت الشابة مريم فنون الحصار، وطرق توفير الطعام وتحضيره بطرق اقتصادية، تحافظ فيه على المدخرات الغذائية للأيام القادمة من الحصار الذي ما زال مستمر على مدينة دوما منذُ عدة أعوام.

وفي الأيام القليلة الماضية أصيب رب الأسرة الذي أحضر مريم قبل ستة أعوام إلى العمل في المنزل، حيث طاله القصف الذي تتعرض له المدينة، فما كان من مريم إلا أن تقوم على رعايته بشكل كامل، وتعتني به اعتناء الابنة بأبيها، وتقدم له العلاج اللازم والطعام الواجب تناوله، ضاربة بذلك قيماً من المشاعر الإنسانية النبيلة التي تجاهلها المجتمع الدولي تجاه الشعب السوري، في معاناته التي تعد من أفظع الماسي التي تشهدها البشرية قاطبة.

كما ان الشابة مريم أصبح لها العديد من الفتيات الصديقات من أبناء المدينة، تزورهم ويزورونها بشكل دائم، في علاقة تعد من أسمى العــــلاقات البشـــرية التي جعلت من الخادمة ابنة لها ما لأبناء تلك الأســـرة التي أحبتهم وأحبوها، وعليها ما عليهم، حيث عايشتهم في السراء والضراء، وما زالت برفقتهم تنتظر فَرَجَاً قد طال أمده.

المصدر : القدس العربي

 

زر الذهاب إلى الأعلى