أيهما أقرب الى الرقة، الموصل أم حلب؟ الولايات المتحدة وحلفاؤها في الائتلاف الدولي يأملون في ان يقود زخم معركة الموصل الى الرقة. وذهب وزير الدفاع الاميركي آشتون كارتر الى القول بـ”تداخل” المعركتين في حين ان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان يقول علناً إن الموصل هي “روحنا” ويحذر الحشد الشعبي العراقي من الاقتراب من المدينة أو من مدينة تلعفر على الحدود السورية، ويعلن ان قواته ستشارك في معركة الرقة ويتحدث عن مدينتي منبج والباب بصفتهما ضمن المدى الحيوي لتركيا.
وفي المقابل، لا تبدو روسيا بعيدة من الرقة ومن المؤكد انها لا تستسيغ اندفاع تركيا الى مدينة الباب التي هي أيضاً تحت نظر القوات السورية المرابطة في مطار كويرس. والتحذيران اللذان صدرا عن الجيش السوري لتركيا يبدو انهما يعبران أيضاً عن الضيق الروسي من التمدد التركي في العمق السوري. ويبدو هذا خارج سياق التنسيق الروسي – التركي الذي تلا مرحلة ترميم العلاقات بين موسكو وأنقرة قبل أشهر. ولا بد هنا من متابعة دقيقة لتحذير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من “نفاد صبر” روسيا في سوريا. كذلك يبعث الحشد العسكري الروسي الجوي والبحري في سوريا برسالة واضحة عن التزام موسكو الدفاع عن مصالحها في الشرق الاوسط.
ومهما بدا من تناقض في الموقفين الاميركي والتركي من مسألة أكراد سوريا، فإن واشنطن يناسبها ان تتولى تركيا الدور الرئيسي في معركة الرقة عوض أن يتولى الأكراد ذلك. ومعروف ان واشنطن كانت اعتمدت الخيار الكردي لمواجهة “داعش” نظراً الى التردد التركي في دخول المعركة بشكل صريح ضد التنظيم الجهادي. وربما لولا الخوف التركي من ان يسفر الاعتماد الاميركي المتزايد على الاكراد عن تزايد قوة هؤلاء والمضي نحو تكريس كيان سياسي لهم على طول الشريط الحدودي السوري المحاذي لتركيا، لما كان اردوغان قرر دخول الاراضي السورية.
وفي ظل الانتشار العسكري التركي المبارك أميركياً من الموصل الى الرقة، تسعى واشنطن الى فرض معادلة عسكرية أمام روسيا وأمام ايران. ولم يكن في استطاعة “وحدات حماية الشعب” الكردية فرضها. ولذلك تتغاضى الولايات المتحدة عن الضربات العسكرية التي وجهها الجيش التركي الى المقاتلين الاكراد طوال الايام الاخيرة في الشمال السوري.
وزبدة القول، أن الشمالين العراقي والسوري هما هذه الايام وفي المرحلة المقبلة بمثابة رمال متحركة أمام القوى المتصارعة. ومن الموصل الى الرقة وحلب يمتد زنار النار وتحتشد الارادات الدولية للدفاع عن مصالحها.
المصدر : النهار