ما بين فيديو بثه طفل سوري يحمل رسالة للعاهل المغربي محمد السادس، من أجل السماح له بدخول أراضي المملكة، وإعراب الملك عن أسفه لاضطرار بلاده فرض تأشيرة على السوريين والليبيين، مسافة كبيرة من القصص والحكايات لمن عانى الأمرّين من هؤلاء في أوطانهم.
ويرى محللون مغاربة أن “الإرهاب”، و”الأسلحة” التي باتت منتشرة في بعض دول المنطقة، دفعت الرباط إلى فرض التأشيرة على السوريين والليبيين، مطالبين بمراعاة وضعية هؤلاء اللاجئين.
وفي حديث مع الأناضول، قال خالد الشيات، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة وجدة ( شمال شرقي المغرب) إن “الجانب الأمني هو العنصر الأبرز وراء فرض تأشيرة على السوريين والليبيين، خصوصاً في ظل إشكالية وجود دولة بهذين البلدين، وعدم التحكم في تدفق مواطنيهما للخارج، بالإضافة إلى الكم الهائل من الأسلحة في ليبيا، وهو ما يشكل تهديداً للأمن في البلاد”.
وأشار الشيات أن “المغرب يجعل من أمنه الداخلي أولوية”، غير أنه دعا في الوقت نفسه إلى أن يكون فرض تأشيرة على السوريين والليبيين “أمراً مؤقتاً، مع استحضار الحالات ذات البعد الإنساني”.
كما دعا البلدان الغربية، وخصوصا الأوروبية، إلى التنسيق مع الرباط، لأن تدبير الهجرة يتجاوز طاقة البلاد المالية، على حد تعبيره، معتبراً أن هذا التنسيق “يمكن أن يساعد في وضع سياسة أكثر شمولية وإنسانية، تشمل أماكن للإيواء، وتضمن للمهاجرين الكرامة، وسيكون الأمر أفضل من الوضع الحالي المتسم بنوع من القتامة”.
من جهته، قال محمد بن عيسى، مدير مرصد الشمال لحقوق الإنسان (جمعية غير حكومية) إن “فرض التأشيرة على المواطنين السوريين والليبيين بدعوى التهديدات الإرهابية التي يتعرض لها بين الفينة والأخرى من طرف الجماعات والمنظمات، أمر مشروع”.
وأضاف للأناضول أنه “يجب أن لا يكون ذلك (التهديدات الإرهابية) مبرراً للمغرب للتملص من التزاماته الدولية المنصوص عليها بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني تجاه الأشقاء السوريين والليبيين، الذين يعانون من جرائم القتل، والاضطهاد، وويلات الحروب”.
وفي 20 من الشهر الجاري، أعرب العاهل المغربي، عن أسفه لاضطرار بلاده فرض تأشيرة على السوريين والليبيين.
جاء ذلك في الخطاب الذي ألقاه، بمناسبة ذكرى “ثورة الملك والشعب (ثورة وانتفاضة الشعب المغربي والملك الراحل محمد الخامس، جد العاهل الحالي ضد الاستعمار الفرنسي في 20 من أغسطس/آب عام 1953).
وأضاف في الخطاب إن “العالم اليوم، والمنطقة المغاربية والعربية خاصة، تعرف تطورات متسارعة، بسبب تنامي نزوعات التطرف باسم الدين، وتزايد عصابات الإرهاب”.
ومضى العاهل المغربي قائلاً “إن ما يبعث على الأسف أن بعض دول المنطقة تعرف أوضاعاً صعبة، بسبب انعدام الأمن، وانتشار الأسلحة والجماعات المتطرفة”.
وأضاف “أمام هذا الوضع، اضطرت البلاد لاتخاذ مجموعة من التدابير الوقائية، لحماية أمنها واستقرارها، وفي هذا الإطار تم فرض التأشيرة على مواطني بعض الدول العربية، وخاصة من سوريا وليبيا.
وإذ نعبر عن تضامننا مع شعوب هذه الدول، فإننا نتأسف للظروف القاهرة، التي دفعت المغرب لاتخاذ هذا القرار”.
وأوضح العاهل المغربي أن هذا القرار “ليس موجهاً ضد أحد، ولا ينبغي فهمه على أنه تصرف غير أخوي تجاههم، وإنما هو قرار سيادي”، مستطرداً :” بصفتي المؤتمن على أمن واستقرار البلاد، فإنني لن أسمح بأي تهاون أو تلاعب في حماية المغرب والمغاربة”.
ويوم 11 من أغسطس/آب الجاري، وجّه طفل سوري يسمى حيدر (10 سنوات)، من مدينة حمص، رسالة إلى العاهل المغربي، طالبه فيها بمنحه تأشيرة دخول، وذلك في تسجيل مصور بُث على موقع “يوتيوب”.
وقال الطفل في التسجيل إن أباه يوجد بالمغرب، ولديه إقامة لأن زوجته مغربية، إلا أنه (حيدر) لم يحصل على التأشيرة، بعدما تقدم والده بطلب الحصول عليها 3 مرات وتم رفضها.
وحتى يومنا هذا لم يدخل حيدر إلى المغرب، ولم تعلن السلطات في الرباط عن أي جديد في هذا الشأن. وكانت المملكة المغربية، سمحت لطفلة سورية، تدعى رشا أيمن كوجان، بالدخول إلى أراضيها، في يوليو/تموز من العام الماضي، بعد أن طالبت الملك محمد السادس، في تسجيل مصور بثته على “يوتيوب” آنذاك، بالسماح لها بدخول بلاده ، خصوصاً وأن والدتها مغربية.
ووفق قانون البلاد، يحصل أبناء المغربية المتزوجة من أجنبي على جنسية الأم.
وبلغ عدد المهاجرين السوريين الذين تمت تسوية وضعيتهم بالمغرب عام 2014 نحو 5250 شخصاً، بحسب تقرير صادر عن وزارة الداخلية المغربية، استلمت الأناضول على نسخة منه.
واحتل السوريون المرتبة الثانية في لائحة المهاجرين الذين تمت تسوية وضعيتهم في المملكة عام 2014، بنسبة فاقت 19%.
وتصدر السنغاليون المرتبة الأولى من حيث الجنسيات التي شملتها تسوية أوضاع المهاجرين بنسبة فاقت 24% (6600 سنغالي)، تلاهم السوريون، والنيجيريون بما يزيد عن 8 % (2380).
وجاء الإفواريون في المرتبة الرابعة ثم المهاجرين من كل من الكاميرون، وغينيا، و الكونغو برازافيل ومالي.
وشملت عملية تسوية الأوضاع، مهاجرين منحدرين من 116 جنسية، حيث فتح المغرب نحو 75 مكتباً من أجل ذلك. وتلقت السلطات المغربية أكثر من 27 ألف طلب لتسوية أوضاع مهاجرين طيلة عام 2014، ونجحت في تسوية نحو 18 ألفًا منها.
المصدر : الأناضول