مع حلول شهر رمضان الذي يعتبر موسما للأعمال الفنية والبرامج الكوميدية تنتشر برامج المقالب بشكل كبير، والتي كانت بدايتها مع برنامج “الكاميرا الخفية” ثم “زكية زكريا” للفنان إبراهيم نصر، إلى أن وصلت إلى برنامج رامز جلال وغيره، وتهدف تلك البرامج إلى شعور الضيف بالذعر والخوف وأنه أقرب إلى الموت، ما تنتج عنه ردود أفعال غير متوقعة، وتزيد من نسب المشاهدة.
وأكدت دراسة أعدها المجلس الوطني لشؤون الأسرة بالتعاون مع منظمة اليونسكو، حول تأثير برامج المقالب على الأطفال، أن مشاهدتهم لبرامج تلفزيونية لفترات طويلة وغير محددة دون رقابة تؤدي إلى إفراز سلوكيات سلبية وعدوانية وأنانية، كذلك عدم التعاون مع الآخرين وعدم الإحساس بمشاعرهم بل والسخرية منهم إلى جانب تقليد الأطفال الأعمى لمثل هذه البرامج، فالطفل لا يدرك نتيجة قيامه بمثل هذه الأفعال على زملائه وأصدقائه.
كما أكدت أن مثل هذه البرامج لها تأثير سلبي على الطفل يكمن في العجز عن ضبط النفس، واللجوء إلى العنف بدل التفاوض والمشاورة وعدم الشعور بالأمان والشعور الدائم بالخوف والفزع والرعب، ومثل هذا الشعور يشكل خطرا على حياة الطفل خلال سنواته الأولى.
وفي هذا السياق يقول محمد الحديدي أستاذ الطب النفسي بجامعة المنصورة في مصر “برامج المقالب فيها الكثير من الأضرار الصحية والنفسية على الإنسان خاصة تلك البرامج التي تعتمد على خداع الضيوف وبث الرعب فيهم والتي انتشرت خلال السنوات الأخيرة في مجتمعاتنا، وذلك عن طريق تعريض الضيوف لقدر كبير من الخوف الذي يكاد يقترب من الموت”.
كما أشار إلى أن مثل هذه البرامج يمكن أن تصيب الضيف باضطراب نفسي شديد يتحول إلى رهاب أو فوبيا مدى الحياة من الوسيلة المرعبة التي يتم استخدامها ضده، كما أنها قد تصيب الفرد على المدى القريب بارتفاع في ضغط الدم وزيادة ضربات القلب وزيادة معدل التنفس والانهيار العصبي.
ولفت إلى أنه في حالة إصابة الضيف بارتفاع في ضغط الدم أو مشكلات في القلب، فإن هذا سيكون أخطر، حيث سيكون عرضة للإصابة بأزمة قلبية وارتفاع شديد في ضغط الدم مما قد يؤدي إلى نزيف أو جلطة في المخ وقد يصل إلى حد الوفاة، لافتا إلى أن تأثير هذه البرامج لم يتوقف عند حد الضيوف فقط، بل إنه يصل إلى المشاهدين أيضا، فهو يؤدي إلى نشر العنف في المجتمع وإصابة المشاهد بتبلد في المشاعر لأنه يشاهد ممثلا مشهورا ومحبوبا وهو يعذب شخصا آخر أمام عينيه وسط الضحكات، وهو ما يؤدي إلى سلب الإنسانية من النفس ونشر السادية وهي الاستمتاع بتعذيب الآخرين.
وبين أن الإعلام دوره الأول يكمن في التربية، فهو يعدّ نوعا من التعليم، نظرا إلى أن الغالبية يكتسبون ثقافتهم منه، وعرض مثل هذه البرامج يؤثر على سلوكيات المشاهد خاصة الأطفال والمراهقين منهم، فيصيبهم بالسلبية والجحود والاستهتار بمشاعر الآخرين، وقد يدفعهم إلى تقليد ما يشاهدونه.
وأكد أحمد مهران، أستاذ القانون العام ومدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية، أن برامج المقالب خاصة برنامج “رامز بيلعب بالنار” الذي يعرض حاليا عبر الفضائيات لا يهدف إلا إلى تحقيق الربح، دون النظر إلى الأضرار النفسية والاجتماعية والتربوية على أفراد المجتمع، لافتا إلى أن تلك البرامج لها العديد من السلبيات الأخرى التي لا يلحظها البعض فيكون حجم الضرر النابع عنها كبيرا بسبب إهدار الوقت والمال دون جدوى تفيد المجتمع وتخدم مصالحه.
ومن جهة أخرى قال محمد هاني، استشاري الصحة النفسية “إن تلك البرامج تؤثر على الأطفال خاصة خلال مرحلة المراهقة التي تشهد تأثرا في سلوك المراهق بالبيئة المحيطة حوله وقد تضطره مثل تلك البرامج بما تعرضه من مشاهد عنيفة إلى تقليدها مع زملائه وأصدقائه وهو أمر يجعل الأسرة المصرية تتجه إلى منع مشاهدة وعرض تلك البرامج داخل المنزل”.
كما أشار هاني إلى أن الفترة الأخيرة شهدت استياء من قبل المواطنين تجاه تلك البرامج إزاء ما تعرضه من ألفاظ غير لائقة من “الضحية” جراء ما يتعرض له من ضغط نفسي ومقالب سخيفة لا تسهم في إيصال الفكرة.
وأوضح هاني أن المجتمع المصري في أمسّ الحاجة إلى برامج تعمل على إيصال السلام النفسي وإيصال فكرة هادفة للمواطن دون تعريض المواطن لضغط نفسي.
يشار إلى أن النائب مصطفى بكري، تقدم بطلب إحاطة إلى مجلس النواب، لوقف برامج المقالب التي تذاع على الفضائيات فورا، لتأثيرها الضار على المواطنين، وفق تعبيره. موضحا أن البعض من القنوات الفضائية تقوم بإذاعة برامج مخادعة على هيئة مقالب من شأنها الإضرار بسمعة المجتمع، والبعض من الرموز الفنية والشخصيات العامة، وغيرها بهدف تحقيق مكاسب مالية وإعلانية رخيصة على حساب سمعة الوطن والمواطنين.
وأكد علماء نفس أن كل برامج المقالب التي تذاع حاليا في رمضان تؤثر على المشاهد بوجه عام وعلى الطفل بوجه خاص، وذلك بسبب المشاهد العنيفة والمخيفة التي يتعرض لها المتلقي، وأنه في أغلب الأحيان يجرب البعض مما يشاهده في التلفاز على أرض الواقع.
وأشاروا إلى أن كثرة العنف الذي يتعرض له المشاهد والطفل، من خلال برامج المقالب تؤدي إلى إصابة البعض منهم بمرض “اضطراب ما بعد الصدمة” بسبب تخزين العقل الباطن لهذه المشاهد، وأن أغلب البرامج والأعمال التلفزيونية لا تجرى عليها دراسات أو أبحاث قبل الشروع فيها، أو حتى الاستعانة بخبراء، لقياس مدى تأثيرها السلبي على المشاهد. هذا ونبهت دراسة إلى أن البرامج الموجهة للأطفال تؤثر على شخصياتهم.
المصدر : العرب