لا شك أن العيادات النفسية بمجتمعاتنا العربية باتت تزدحم بزوارها متعددي الأعمار والمستويات الاجتماعية، حتى أن الأطفال حجزوا مكاناً متقدماً في صفوفها، فاغتيلت براءتهم ودُمرت أحلامهم.
وتسببت الحروب والنزاعات الطائفية في إخراج أجيال تعاني من الاكتئاب المزمن وميول انتحارية، ناهيك عن الفقر والظروف الاقتصادية السيئة، اللذين ساهما في حدة المشكلة وتجليها عاماً تلو الآخر، وهذا ما دفع سها عيد الطبيبة النفسية المصرية وخبيرة “الفينج شوي” لابتكار علاج نفسي جديد بالأحضان.
ونظمت عيد ورشة عمل لأكثر من 10 مرضى يعانون من الانطواء والعزلة، وقد ثبت مدى فعالية الأحضان في علاجهم، فتبدأ جلسة العلاج في جو يتسم بالهدوء وأضواء خافتة تبث الطمأنينة في النفوس، يعقبها سرد للمشكلات والأزمات التي يمر بها المريض، وسرعان ما تطلب عيد من أحد أحبائه الذي يكن له مشاعر فياضة سواء كان أحد الوالدين أو الزوج أو حتى الحبيب بعناقه واحتضانه بقوة.
وبحسب المعالجة، فإن هذا يعمل على تفريغ شحنة الألم المكنونة بداخله وطاقته السلبية، والبدء في التعافي من آلامه، ويستمر هذا العلاج لمدة تقترب من الشهر.
كم حضناً نحتاج؟
تقول عيد، “إن العناق سواء للمرأة أو الرجل واحتضانه مفيد للقلب ومهم جداً للتوازن والصحة النفسية، ولعل هذا هو أحد أسباب تخصيص يوماً عالمياً للعناق في يناير من كل عام، تحتفل به كل الدول الأوربية”.
وتضيف المعالجة بالأحضان، “لكننا في دولنا العربية، نفتقد تلك الثقافة الراقية، على الرغم من أن جميع الديانات حثتنا على بث روح السلام والود بيينا، فالحضن قمة الالتحام، ما يمد جسور كبيره لانتقال المشاعر والأحاسيس”.
وتشير عيد إلى وجود دراسات أثبتت أن الكثير من الزوجات التي تنعمن بالاحتضان من قبل الزوج، يعدون أكثر قدرة على تحمل الصدمات والأزمات النفسية، بل ويصبحن قدارات أيضاً على المضي قدماً في حياتهن اليومية بكل ثقة وراحة تامة.
وتوضح عيد قائلةً، “إن الطفل يحتاج إلى 24 ضمّة في اليوم (4 ضمات للمعيشة والبقاء، و8 ضمات للصيانة النفسية، و12 ضمّة للنمو الجسدي)، كما يحتاج الزوجان إلى أكثر من 15 ضمة يومياً خاصة في حال وجود مشاحنات أو خلافات بينهما، فهذا يعمل على سعة الصدر، فهي منطقة العواطف والأحاسيس، وهي منطقة الاتصال بين البشر والمواجهة”.
وبحسب عيد، فإن منطقة الصدر حساسة وتحمل الحب والمشاعر، والتي تؤثر على الوعي وجهاز المناعة وعملية التنفس والقلب والدم.