كشف تحليلٌ لمجموعة من القطع العضوية السوداء التي اكتُشفت بالقارب الجنائزي في موقع “ساتون هوو” الأثري بإنكلترا، أن مادة القار المستخدمة في تشكلها جاءت من سوريا.
نُقِّب عن الموقع الكائن بمقاطعة “سوفولك” في عام 1939، وقد اكتُشف فيه الذهب والفضة ومجوهرات العقيق، ودرع احتفالي.
وكان من المعتقد أن القطع الصغيرة المنتشرة داخل الموقع الأثري الذي يعود تاريخه إلى القرن السابع الميلادي، تنتمي إلى مادة قطران الصنوبر الذي يُستخدم في صيانة السفن.
غير أن خبراء المتحف البريطاني وجامعة أبردين أعلنوا عن اكتشاف آخر، إذ قالوا إنها من مادة القار، وهو ما يكشف مدى امتداد شبكة التجارة الأنجلو ساسكونية إلى مناطق بعيدة.
فيما يعتقد الخبراء أن تلك المواد البتروكيميائية ينبغي أن يُنظر إليها باعتبارها “أغراضاً غير مألوفة داخل المقبرة يمكنها أن تضاف إلى الكنوز الأخرى بموقع الدفن”.
تمكّن الخبراء من الوصول إلى ذلك الاكتشاف عندما أُضيفت تلك القطع إلى أحد مشاريع البحوث التي يموّلها الاتحاد الأوروبي، والتي تجري دراسات على صمود القطران المستخدم بالقوارب القديمة.
تقول بولين برغر، التي تُجري تحليلاً على المادة خلال مشاركتها بمنحة “ماري كوري” في المتحف، إن النتيجة كانت “غير متوقعة على الإطلاق”. وأضافت “من المثير للغاية أن تعثر على أغراض جنائزية مستوردة وغير مكتشفة”.
كما قال ستيفين بودين، من جامعة أبردين، إن الأحفوريات الكيميائية المكتشفة داخل المقبرة “تشير إلى أن المواد جاءت من عائلة القار المرتبطة بالبحر الميت، والتي قد تكون سوريا مصدرها”.
يعتبر القار من الرواسب النفطية اللزجة أو شبه الصلبة، ويُعرف أيضاً بـ “الأسفلت”.
في المقابل، وصف المتحف البريطاني الاكتشاف الأثري بوجود القار في بريطانيا القديمة بأنه “نادر للغاية”، كما قال إنه أول الاكتشافات المرتبطة بالشرق الأوسط.
لا يعرف الخبراء ما إذا كانت القطع تُشكّل جزءاً من قطعة أثرية أكبر، لم تنج باقي المواد التي شكّلتها في الماضي، أم أنها في الحقيقة بقايا مجموعة من الأغراض الصغيرة.
وقالت ريبيكا ستيسي، العالمة البارزة بالمتحف البريطاني “على كل حال، إنه يعيد كتابة فهمنا للاكتشافات، ويشير إلى أنه بعد أكثر من 75 عاماً على اكتشاف المقبرة لأول مرة، لا يزال ثمة الكثير لنعلمه عن المجموعة الجنائزية الرائعة”.