منوعات

لكل امرئ من اسمه نصيب: علم النفس يفسر كيف نُشبه أسماءنا

لو استطعت تخمين اسم أحدهم فور مقابلته، فإن هناك على الأغلب سبباً منطقياً وراء ذلك! إذ تلفت هذه الظاهرة إلى حقيقة أن أغلب الناس “يتناسب” مظهرهم إلى حدٍ كبير مع أسمائهم، وإذا حدث ولم يتطابق اسم أحدهم مع شكله، فإننا فوراً نلاحظ الأمر.

ويُعد إصدار الأحكام على الآخرين، استناداً إلى مظهرهم فقط، عادة يمارسها الناس كافة على مستوى العالم ويمكن أن يكون لها تأثير كبير.

ووفقاً لبحثٍ حديث أعدته جمعية علم النفس الأميركية (APA)، تخلق هذه القوالب الثقافية بمرور الوقت روابطَ حقيقيةً بين اسم أحدهم وملامح وجهه.

كما تشير الاستنتاجات الجديدة، التي نُشرت إلكترونياً في فبراير/شباط 2017 بـ “مجلة الشخصية وعلم النفس الاجتماعي” (JSPS)، إلى أن الناس لديهم قدرة مذهلة على تصنيف اسم أحدهم اعتماداً على وجهه فقط بشكلٍ صحيح.

وتذكر الدراسة أيضاً أن أجهزة الكمبيوتر يمكن أن تستخدم الخوارزميات (برمجيات إلكترونية) للربط بين الأسماء والوجوه.

ونقلت النسخة الأسترالية عن د.يونات تسفيبنر، المشرف الرئيسي على الدراسة التابعة للجامعة العبرية بالقدس، قولها: “صرنا نُدرك أن اسمنا، الذي اختاره لنا غيرنا وليس إرثاً بيولوجياً حتى، يمكن أن يؤثر على مظهرنا بناءً على تعاملاتنا مع المجتمع”.

واختارت تسفيبنر وزملاؤها مئات المشاركين من فرنسا وإسرائيل، ثم عرض الباحثون على كل متطوع وجه شخصٍ وطلبوا منه اختيار اسمٍ واحدٍ من أصل 4 أو 5 أسماء محتملة.

ربط الاسم بالوجه بمعدلٍ مدهش

إذ نجح المشاركون في ربط الاسم بالوجه بمعدلٍ مدهش، يتعدّى حتى مبادئ الصدفة؛ فقد تمكنوا بنسبة وصلت إلى 40% من التنبؤ بالاسم الصحيح للشخص مع أخذ عوامل أخرى في الاعتبار؛ كالسن، والعرق، ووضعه الاقتصادي أو الاجتماعي. اعتمدت عملية الاختيار بشكلٍ كبير على ثقافة المتطوع، بمعنى آخر، نجح الإسرائيليون في اختيار الأسماء والوجوه الإسرائيلية، في حين فشلوا مع الفرنسية؛ بينما نجح الفرنسيون في اختيار الأسماء والوجوه الفرنسية فقط بدورهم.

في تجربةٍ أخرى، نجح الباحثون في إنشاء منظومة حاسوبية مكنتهم من اختيار الأسماء الصحيحة لما يفوق الـ94 ألف شخص، ما يعني أن جهاز الكمبيوتر تمكن من اختيار الأسماء الصحيحة بمعدل يفوق قوانين الصدفة بشكلٍ ملحوظٍ أيضاً.

ويعتقد الباحثون كذلك أن التنميطات الثقافية التي يربطها الأشخاص بالأسماء المختلفة (وذلك تأثراً بالشخصيات التي نشاهدها في الأفلام، وبرامج التلفاز، والكتب) يُمكن أن تُفسر هذه الظاهرة. قد يحاول الناس في الواقع تحسين مظهرهم عن طريق اختيار تصفيفة أو مكياج مختلف؛ للتماشي مع المعايير والتوقعات الثقافية التي ترتبط بهذا الاسم.

وبحسب ما قالته د.تسفيبنر الأسترالية “لو كان بمقدور اسمٍ ما أن يؤثر على مظهر أحدهم، فبإمكانه أيضاً أن يؤثر على أشياءٍ كثيرةٍ عدة، وهذا البحث يفتح اتجاهاً جديداً مهماً، وهو أنه يجدر بالآباء اختيار أسماءٍ أفضل لأطفالهم”.

وأضافت: “بمجرد أن يُدرك الناس التأثير المحتمل للاسم، سيحاولون اختياره بحذر، ومن هنا سيختارون إما محاولة تحقيق القوالب المجتمعية المرتبطة بالاسم، وإما القضاء عليها؛ تماماً كوعينا بالقوالب المتعلقة بجنس الإنسان كذكر أو أنثى”.

أشار القائمون على الدراسة إلى أن القوالب في طريقها لأن تتحول إلى نبوءة تتغذى على التصرفات الاجتماعية الخاطئة وإصدار الأحكام، فيما يمكن لتوقعات الآخرين أن تتراكم لتشكل ذواتنا مع مرور السنين. فغالباً ما يحدث ذلك مع الأنواع الأخرى للقوالب، بالأخص تلك المرتبطة بالنوع والعرق.

نمطية ثقافية مرتبطة بالأسماء

وصرّحت تسيفبنر”أظهر بحث سابق أن هناك نمطية ثقافية مرتبطة بالأسماء تشمل مظهر الشخص. فمثلاً، يميل الناس إلى تخيل الشخص المدعو (بوب) بوجهٍ أكثر استدارة من الشخص المدعو (تيم). لذا فنحن نعتقد أن التنميط، بمرور الزمن، سيؤثر على ملامح الشخص نفسه”.

ونجد أن التنميط المرتبط بالاسم مليء بالتصنيفات العنصرية بشكلٍ خاص. فأصحاب الأسماء الأفروأميركية أكثر عرضة لأن يُصنفوا كـ”مسببي شغب” من أن يُقبلوا في وظيفة مثلاً. ذلك بأن اكتشفت دراسة أُجرت في عام 2015، أن الرجال الذين يحملون أسماء كـ”ديشون” و”جمال” أكثر عرضة لأن يُصنفوا ضخام البنية أو خطرين أو عنيفين، من الرجال الذين يحملون أسماء مألوفة الوقْع لدى المجتمعات ذات الأغلبية من البيض.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى