تعيش “لارا” مع مربيتها في غرفة صغيرة بمخيم شرقي لبنان، مع تغير جذري في نمط العيش، فهنا لم تعد تأكل ما كانت تأكله مما لذ وطاب من الطعام في سوريا، كما تعاني من “البرد القارس وعدم توفر مواد التدفئة بشكل كاف”
“لارا” هي ضحية جديدة من ضحايا الحرب المستعرة في سوريا منذ أكثر من 4 سنوات، حيث حولتها الأزمة من يتيمة الوالدين، بعد أن كانت تتلقى كامل الرعاية من متبنيتها في العاصمة دمشق، إلى يتيمة الأب والأم والوطن، مع أوضاع معيشية صعبة للغاية.
“لارا” (زينب) التي تبنتها نهلة السعدي (35 عاما)، وهي مدرسة، عام 2008، حين كانت بعمر الشهرين، بعد أن توفي أبيها وأمها (وفاة طبيعية)، كانت تعيش في سوريا، وكل ما تحتاجه زينب وتطلبه مؤمن لها، إلا أن ذلك لم يعد ممكنا منذ اندلاع الأزمة في بلادها عام 2011، ليزداد الأمر سوءا مع لجوئها إلى لبنان قبل 6 أشهر.
وحاليا تعيش “لارا” مع مربيتها في غرفة صغيرة بمخيم “قرية البقاع” في بلدة برإلياس في البقاع شرقي لبنان، مع تغير جذري في نمط العيش، فهنا لم تعد تأكل ما كانت تأكله مما لذ وطاب من الطعام في سوريا، مما كانت تحضره لها السعدي “فرحا بها”.
هنا في مخيم اللجوء، أصبح الذهاب إلى المدرسة أمرا ليس بالسهل، بعد أن كانت “لارا” من المتفوقات بين زميلاتها، بحسب ما تقول السعدي، التي لاتزال تصر على تربية الطفلة السورية والاهتمام بها “مهما كانت الظروف صعبة”.
السعدي، التي نزحت من الغوطة الشرقية في دمشق، قبل 6 أشهر، قالت لوكالة الأناضول إنها تزوجت قبل 7 سنوات، إلا أنها لم ترزق بأولاد “بسبب عقم عند زوجي”.
وتابعت أنها قررت تبني “لارا”، وهي في عمر الشهرين، “بعد أن توفي والداها”، مضيفة أن هذا العمل “لله، وأنا لا أتكلم بهذه القصة في المخيم نهائيا”.
وقالت السعدي إنها تملك أوراقا ثبوتية “تثبت أنني أخذتها (لارا) من ملجأ الأيتام في سوريا”، لافتا الى أنها لم تكن تحرمها من أي طعام ولا شراب ولا لباس في سوريا.
وأعربت عن حزنها الشديد بسبب عدم قدرتها في الوقت الراهن، في ظل اللجوء، على تأمين ما كانت تقدمه لـ”لارا” في الماضي، مشددة على التمسك بها “مهما حصل”.
وبحسب أرقام الأمم المتحدة، استشهد أكثر من 200 ألف شخص، وتشرد أكثر من 9 ملايين من أصل حوالى 21 مليون هم تعداد الشعب السوري، جراء الحرب التي يشنها نظام بشار الأسد على الانتفاضة الشعبية ضد حكم عائلته، بينهم نحو 4 ملايين لجأوا الى البلدان المجاورة، ويستضيف لبنان أكثر من 1.2 مليون منهم مسجلين رسميا لدى المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة.
وعن الأوضاع التي تعيشها حاليا، قالت السعدي “إنها مأساة، فنحن قد لا نجد لقمة الخبز في بعض الأيام”، مضيفة أن ما زاد الأمور تعقيدا هو “البرد القارس الذي نعاني منه، وعدم توفر مواد التدفئة بشكل كاف”.
ولا تطلب السعدي إلا وظيفة “أعتاش منها، فأنا كنت مدرسة في سوريا، وأرغب في العودة إلى ممارسة هذه المهنة”، مضيفا أنها ترغب “تعويض ما مضى لزينب بسبب هذه الأزمة التي نعيشها”.
وأوضحت أنها سعت كثيرا لدى الجمعيات الخيرية من أجل تأمين ما تحتاجه لارا “دون أي جدوى”، مشيرة الى أنها لم تحصل إلا على الوعود حتى الآن.
والدموع في عينيها، ختمت السعدي حديثها لوكالة الأناضول قائلة: “صحيح أن الله لم يرزقني بأولاد، إلا أنني أحب زينب كابنتي، بل أكثر”.
حال “لارا” والسعدي قد لا يكون الوحيد بين اللاجئين السوريين، الذين قد يختلفون هنا أو هناك، إلا أن المأساة هي أهم جامع بينهم، على أمل العودة الى البلاد في وقت قريب.
{gallery}news/2015/1/15/500{/gallery}
الاناضول