استطاعت منظمة “سوا” للتنمية والإغاثة، أن تجمع شبابًا لبنانيين وسوريين وفلسطينيين ضمن فريق عمل متجانس في “مطبخ سوا الرمضاني” الذي يقدم وجبات الإفطار الرمضانية لأكثر من 4 آلاف لاجئ سوري في قرية شرقي لبنان.
هنا في بلدة سعد نايل التي تبعد عن العاصمة اللبنانية، بيروت، حوالي 45 كم نحو الشرق، وهي إحدى قرى قضاء زحلة، في محافظة البقاع التي تضم مئات آلاف اللاجئين السوريين، يعمل فريق “سوا” بـ”متعة لا توصف” من أجل خدمة الفارين من الحرب المستعرة في بلادهم، في محاولة للتخفيف من آلام البعد عن الأهل والوطن خلال شهر رمضان المبارك.
في “مطبخ سوا الرمضاني” يبدأ العمل اليومي في الصباح الباكر ولا ينتهي إلا بإيصال آخر وجبة للاجئ في أحد مخيمات سعد نايل والقرى المحيطة بها، عمل غير مدعوم من أية منظمة أو هيئة إغاثية إلا من “أهل الخير” (المتبرعين)، وهو أتى استجابة لطلبات النازحين بدل الحصص الغذائية المتعارف عليها “علنا نعيش شيئًا من روح ما فقدناه في سوريا”، وفق ما يقول أحد القائمين على هذا المشروع الرمضاني.
حيدر حمّود، مدير ومنسق قسم الإغاثة في منظمة “سوا” تحدث لفريق الأناضول الذي جال في أرجاء المطبخ واطلع على مراحل إحضار وتجهيز المواد الأولية، ومراحل الطبخ المختلفة.
وأوضح حمّود أن “مشروع المطبخ الرمضاني يقام للعام الثاني على التوالي في منطقة البقاع، على أيدي فريق عمل من لبنانيين وسوريين وفلسطينيين، أكثر من 80% منهم متطوعين”، مشيرًا إلى أن المشروع “يحمل هذا العام شعار (مطبخ سوا الرمضاني)”.
ولفت إلى أن “الإحصاء الذي أجرته المنظمة قبيل شهر رمضان في عدد من مخيمات البقاع، كشف أن الكثير من العائلات النازحة تتمنى أن تفطر كما كانت تفطر في سوريا من خلال أنواع معينة من الطبخ والمأكولات”، مضيفًا أن “المطالب الكثيرة هي التي دفعتنا لاستبدال موضوع توزيع المعونات الإغاثية بإنشاء هذا المطبخ”.
وأشار إلى أن “عدد المستفيدين من المطبخ بلغ العام الماضي حوالي ألفي شخص يوميًا، أما هذا العام فيبلغ بحده الأدنى حوالي 4 آلاف يوميا”.
وأوضح حمّود أن “المتطوعين من المنظمة يقومون بإيصال وجبات الإفطار إلى العائلات النازحة في المخيمات قبيل وقت الإفطار بقليل”، مشيرًا إلى أن “عددًا آخر من العائلات القريبة من مكان المطبخ تأتي إلى هنا وتأخذ وجباتها”.
وأكد أن “تكاليف المطبخ باهظة جدًا”، و”ما يخفف عنا، المساهمات التي يقدمها أهل الخير، إلى جانب كوننا نشتري المواد الأولية من خضار ولحوم وغيرها، بأنفسنا من المصدر مباشرة دون أن نتعامل مع تجار، لنخفف من التكاليف”.
وتحدث حمّود عن مراحل العمل اليومية في المطبخ: “العمل يبدأ في الصباح الباكر بتنظيف المطبخ وتحضير الأغراض الأساسية، تزامنًا مع وصول اللحوم التي يعمل فريق خاص على تنظيفها وتقطيعها، لتصل بعد ذلك الخضار التي كذلك لها فريق خاص ينظفها ويقطعها لتحضير السلطة اليومية”.
وأضاف أنه “فور نضوج الطعام يعمل قبل الإفطار بحوالي 3 ساعات لتعليبها وتجهيزها مع اللحم بعجين، الذي يُحضر في فرننا الخاص أيضًا، إلى جانب التمر والخبز والسلطة، وتنطلق فرق التوزيع قبيل وقت الإفطار بساعة أو ساعة ونصف حسب بُعد المخيم المستهدف”.
ولفت حمّود إلى أنه “في كثير من الأحيان يحين وقت الإفطار وفرق العمل لا تزال في المخيمات، فيفطرون حيث هم بعيدون عن عائلاتهم وأهلهم”، مشددًا أن “هذا العمل من بداياته حتى نهايته يُشعرنا بمتعة لا توصف”.
وأضاف “هناك متعة كبيرة نشعر بها خلال كل مراحل تحضيرنا الطعام للاجئين”، لافتًا إلى أن “ما دفع اللبنانيين والفلسطينيين للعمل أيضًا في هذه الخدمة، شعورهم الإنساني مع اللاجئين ومشاركة أوجاعهم وأفراحهم معًا، وهذا حصل أيضًا بدعم ومساعدة من رابطة شباب سعدنايل”.
وحول منظمة “سوا” وتأسيسها، أوضح حمّود أنها “تأسست بداية كمبادرة شبابية، مع بداية الثورة السورية في العام 2011، من فريق متجانس من لبنانيين وسوريين وفلسطينيين، في محافظة عكار شمالي لبنان، لمساعدة النازحين السوريين”.
وأشار إلى أنه “بسبب تمركز العدد الأكبر من اللاجئين السوريين في منطقة البقاع، مع طول أمد الثورة، قررنا الانتقال إلى هنا، لنأخذ أيضًا بنهاية عام 2012 الترخيص الرسمي من الدولة اللبنانية”. وختم أن “المنظمة تقوم بمشاريع تنموية للاجئين السوريين ومشاريع تعليمية لأطفالهم بسبب طول فترة اللجوء”.
يشار إلى أن أكثر من مليون و200 ألف نازح سوري، يتواجدون على الأراضي اللبنانية، غالبيتهم يعيشون في مخيمات عشوائية في مناطق ريفية وجبلية، في مختلف أنحاء البلاد التي تعاني هي أصلًا من أزمات اقتصادية وسياسية وأمنية عديدة.
ويسضيف لبنان 1.1 مليون لاجئ مسجل رسميًا لدى المفوضية العليا للاجئين، بينما يبلغ العدد الإجمالي نحو 1.5 مليون يشكلون ما يقارب ثلث سكان البلاد.
{gallery}news/2016/6/28/11{/gallery}
وطن إف إم / اسطنبول