سلسلة مفارقات شهدتها دورة ريو دي جانيرو الأولمبية في اليومين الأخيرين، خصوصاً في حوض السباحة وحقل الرماية وملعب كرة القدم وعلى مضمار الدراجات وبساط الجودو، وترافقت مع جوانب «تقصير» تنظيمي لم يخفف من حماسة اللجنة الأولمبية الدولية بمنح الألعاب للمرة الأولى إلى مدينة أميركية جنوبية، ولم يزعزع الثقة بالقائمين عليها، كما ورد على لسان الناطق باسم اللجنة الدولية مارك أدامس، على رغم عثرات في خدمات النقل وقصد سائقين وجهات غير العناوين المقصودة كما حصل ليل الجمعة – السبت مع سباحات، فبدلاً من أن يوصلهن أحدهم إلى الحوض الأولمبي في بارا دي تيجوكا اتجه بهن إلى ستاد ماراكانا. كما تاه سائق سيارة إسعاف كانت تقل لاعب رغبي نيوزيلندياً مصاباً ولم يصل إلى المستشفى إلا بعد 90 دقيقة، فضلاً عن حوادث أمنية متفرّقة وظاهرة المدرّجات غير الممتلئة، لا سيما في اليوم الأول من مسابقات ألعاب القوى (لم تتخطَ المبيعات الـ65 في المئة).
شدد أدامس على أهمية التعاضد الدولي مع البرازيليين «قليلي الخبرة» وأن يكون هذا الحدث في ضيافتهم. ولعلّ في ما تقدّم عذراً لهذا البلد الذي كان اقتصاده يحتل الموقع الخامس عالمياً حين حصل على شرف تنظيم الألعاب عام 2009 وتراجع أخيراً عشرات المراكز جراء استفحال أزمته على هذا الصعيد مقرونة بعواصف سياسية وملفات فساد.
غير أن المنظمين يعوّلون بدءاً من اليوم على امتلاء مدرجات ملعب بوتافوغو الذي يتسع لحوالى 60 ألف متفرّج ويحتضن منافسات «أمّ الألعاب»، فالموعد كبير مع نهائي الـ100م للرجال ونجمه الجامايكي أوساين بولت الذي وعد بتأدية فاصل من رقص السامبا في حال احتفاظه باللقب، على غرار ما فعله مع راقصات حسناوات خلال مؤتمره الصحافي قبل أيام.
وإلى اتجاههم إلى شغل المقاعد الفارغة بتلامذة مدارس، يتوقّع المنظمون أن يؤازر البرازيليون مواطنتهم المخضرمة فابيانا مورر خلال مشاركتها في مسابقة القفز بالزانة الجمعة المقبل، رداً على «إشاعة» أن مثل هذه المسابقات لا تتمتع بشعبية في بلادهم. وكانت مورر، التي تتعافى من إصابة تعرّضت لها قبل أسابيع في لقاء موناكو الدولي، حطّمت الرقم القياسي الأميركي الجنوبي (4.86م) الشهر الماضي، وأحرزت اللقب العالمي عام 2011 والمركز الثاني العام الماضي.
وأثبت لاعب الجودو الفرنسي تيدي رينر (27 سنة)، بطل العالم 8 مرات، أنه حالة فريدة، إذ احتفظ بذهبية وزن فوق الـ100 كلغ بعدما تغلّب على الياباني هيسايوشي هاراساوا (24 سنة) بالإنذارات (اثنان لمنافسه في مقابل واحد له)، إثر اتباعه أسلوباً تقنياً – تكتيكياً «حطّم» بفضله منافسه، محققاً فوزه الـ128 على التوالي. وانضم بهذا الإنجاز إلى «متحف المشاهير» حملة لقبين أولمبيين، وهم: مواطنه دافيد دوييه، الياباني هيتوشي شياتو، والهولندي فيليم روسكا.
ويطمح رينر إلى أن يلحق بالياباني تاداهيرو نومورا (وزن دون الـ61 كلغ) صاحب 3 ألقاب أولمبية (1996 – 2004)، وفي مقدوره بلوغ هذا الحلم في «طوكيو 2024» معيداً إلى الذاكرة فوز الهولندي أنطون غيسنيك على اليابانيين في عقر دارهم عام 1964.
وصحيح أن السباح الأميركي مايكل فيلبس (31 سنة)، الذي تصالح مع والده أخيراً، اكتفى بفضية في سباق الـ100 فراشة، إذ حرمه السنغافوري جوزف سكولينغ من حصد ذهبية خامسة في ريو (الـ23 في 4 دورات)، تحت أنظار زوجته نيكول جونسون، ملكة جمال كاليفورنيا السابقة، وطفله بومر، لكنه أضحى ثالث بطل يحتفظ بلقب أولمبي (200م متنوّعة) في 4 دورات بعد مواطنيه آل أورتر (رمي القرص 1956 -1968) وكارل لويس (الوثب الطويل 1984 -1996).
وكان سكولينغ بعمر الـ13 عندما التقى بفيلبس للمرة الأولى قبل دورة «بكين 2008»، فالتقط معه صورة تحوّلت من ذكرى إلى دافع لإسقاطه في سباقه المفضّل بعد 8 سنوات. وهو سجّل رقماً أولمبياً (50.39 ثانية)، فيما تساوى فيلبس مع الجنوب أفريقي تشاد لوكلو والهنغاري لازلو تشيه في المركز الثاني بتوقيت 51.14 ثانية.
في المقابل، أصبحت الأميركية كايتي ليديكي (19 سنة) أول سباحة تحقق ثلاثية الـ200 و400 و800 م حرة في الألعاب، منذ مواطنتها ديبي ماير في 1968. وفضلاً عن إحرازها ذهبيتها الرابعة، حطّمت رقمها القياسي العالمي (8.04.79 دقيقة). ومنذ فوزها بذهبية الـ1500 م حرة في «لندن 2012»، لم تخسر في نهائيات المسابقات الفردية الأولمبية والعالمية في 11 مسابقة متتالية.
وكانت مؤّثرة أيضاً استعادة المخضرم الأميركي أنطوني ايرفين (35 سنة) لقب سباق الـ50 م حرة بعد 16 عاماً على فوزه في سيدني، متفوّقاً بفارق واحد في المئة من الثانية على الفرنسي فلوران مانودو (21.40 ث) حامل اللقب في «لندن 2012»، وعامذاك حلّ الأميركي خامساً. وكان أعلن اعتزاله عام 2003، لكنه عاد الى المسابقات الرسمية في كانون الأول (ديسمبر) 2011. وباع ذهبيته التي أحرزها في سيدني في مقابل 17 ألف دولار قدّمها لـ «يونيسيف» لمساعدة ضحايا تسونامي إندونيسيا في 2004.
وباتت الرامية الأميركية كيمبرلي روده (37 سنة) أول رياضية تحرز ميدالية فردية على الأقل في 6 دورات أولمبية صيفية متتالية، بعد تتويجها ببرونزية السكيت (الأبراج). وهي بدأت مسيرتها الأولمبية بعمر الـ17 في «أتلانتا 1996» عندما أحرزت ذهبية الحفرة المزدوجة (دبل تراب)، وتراجعت إلى البرونزية في «سيدني 2000» قبل أن تستعيد الذهبية في «أثينا 2004». وخاضت في «بكين 2008» مسابقة السكيت فأحرزت الفضية، ثم الذهبية في «لندن 2012».
لكن الولايات المتحدة تنازلت عن لقب مسابقة كرة القدم للسيدات، بخسارتها أمام السويد بركلات الترجيح 4-3 بعد تعادلهما في الدور ربع النهائي 1-1 في الوقتين الأصلي والإضافي. وانتهى بالتالي حلمها إحراز الذهبية الأولمبية الرابعة على التوالي والخامسة في تاريخها من أصل 6 مشاركات.
وفضلاً عن اقتطاعها حصة الأسد من الذهبيات ضمن رياضة التجذيف وحصدها نصف الكمية بتتويجها مرتين، أحرزت بريطانيا ذهبية سباق المطاردة لفرق الرجال على مضمار الدراجات مع رقم قياسي (3,50,258 دقيقة). وضم فريقها «السير» برادلي ويغينز (36 سنة) أو «ويغو»، بطل دورة فرنسا الدولية عام 2012، الذي حصل على ذهبيته الأولمبية الخامسة.
المصدر : وكالات