أسدل الستار على دورة الألعاب الأولمبية ريو 2016، وانطلقت التحاليل والتساؤلات في الصين حول أداء منتخباتها الوطنية في البطولة ومستقبل الرياضة فيها.
فرغم احتلال الصين المركز الثالث خلف الولايات المتحدة وبريطانيا وحصولها على سبعين ميدالية (26 ذهبية، 18 فضية، 26 برونزية) ، فإنها تعتبر -وفق مراقبين صينيين- واحدة من أسوأ مشاركاتها في الأولمبياد، مقارنة بالدورة السابقة في لندن عام 2012 حيث احتلت المركز الثاني بحصولها على 88 ميدالية، وأولمبياد بكين عام 2008 حين تربعت على المركز الأول بحصولها على عدد قياسي من الميداليات الذهبية (51 ميدالية ذهبية).
وليست قلة الميداليات ما يؤرق محللين رياضيين صينيين، بل حقيقة تمثل ظاهرة غريبة في عالم الرياضة، مفادها أن الصين لا تكسب في الألعاب الجماعية. وقد تم الاستدلال على ذلك بأن ميدالية واحدة فقط من الميداليات السبعين التي حصدتها الصين بالأولمبياد كانت ضمن لعبة جماعية (الكرة الطائرة للسيدات)، في حين أن الميداليات المتبقية توزعت بين ألعاب فردية وأخرى زوجية
حول هذه الظاهرة الفريدة، قال اللاعب العربي في صفوف نادي غوانغ جو الصيني لكرة القدم وسيم القانقا، إن العقلية الصينية عقلية دفاعية لا تبادر بالهجوم، لذلك تكون نسبة الخسارة أكبر من نسبة الفوز.
وأكد القانقا من خلال تجربته في الملاعب الصينية أنه لا يمكن للفرق والمنتخبات الصينية أن تفوز في ظل إدارة محلية، مشيراً إلى أن الفرق التي حققت إنجازات في مسيرتها كانت تحت إشراف مدربين أجانب.
ولم يبتعد الناقد الرياضي الصيني ون سان وا عن التحليل السابق، حيث أشار إلى أن منتخب الصين للسيدات الفائز بالميدالية الذهبية ضمن منافسات الكرة الطائرة في أولمبياد ريو دي جانيرو، لجأ إلى استخدام إستراتيجية دفاعية في مباراته النهائية أمام سيدات صربيا ولم يبادر بالهجوم، لذلك حالفه الحظ -حسب رأيه- وفاز بالميدالية الذهبية الوحيدة للصين في لعبة جماعية.
وقال سان وا في حديث للجزيرة نت إن الصينيين القدامى أول من استخدم هذه الإستراتيجية في بناء سور الصين العظيم الذي كان حصناً دفاعياً، مشيراً إلى أن الصين على مدار تاريخها لم تغزُ أحداً، بل كانت دائماً عرضة للغزوات الخارجية. وأضاف أن ذلك تكرس في العقلية الصينية وانعكس على سلوك الصينيين أفراداً وجماعات.
من جهته اعتبر المدرب الرياضي السابق لفريق “شين جن” أن أداء المنتخبات الصينية لا يختلف عن باقي المنتخبات الدولية، وأرجع إخفاق الصين في المحافل الرياضية الكبرى إلى التزامها بمبدأ عدم تجنيس الأجانب، على عكس الدول الأخرى التي يمنحها ذلك أفضلية كبيرة.
واستشهد شيانغ دان بالولايات المتحدة التي حصلت على المركز الأول في أولمبياد ريو بتحقيق 121 ميدالية، وقال إنه لولا وجود العنصر الأفريقي في منتخباتها لما تمكنت من الوصول إلى ربع هذا الإنجاز.
ورفض دان في حديثه للجزيرة نت التفريق بين الألعاب الجماعية والفردية، مؤكداً أن روح المنافسة حاضرة عند اللاعبين بغض النظر عن ظروف اللعبة، لكنه ألمح إلى أنه في الألعاب الفردية تسلط الأضواء على لاعب واحد يكون مطالباً ببذل أقصى طاقته لتحقيق إنجاز يلبي تطلعات الملايين التي تتابعه، بينهما في الألعاب الجماعية تكون هناك فرصة لللاعبين للتكاسل أو التباطؤ في إنجاز ما هو مطلوب منهم.
هذا وأكد مراقبون وجود عنصر هام لا يمكن إغفاله في هذه المسألة، وهو تدخل الدول وسيطرتها على المؤسسات والمراكز الرياضية، وتعاملها مع الرياضة كقطاع استثماري. وطالب عدد من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي الصينية عقب إسدال الستار على دورة الألعاب الأولمبية في البرازيل، بالتعلم من التجربة الأميركية، مؤكدين أن هامش الحرية الذي تتمتع بها الرياضة في الولايات المتحدة هو ما يجعلها تتربع دائماً على عرش الألعاب الأولمبية.
المصدر : وكالات