تذكر حادثة الطائرة الكولومبية، بقصة نجاة السير بوبي تشارلتون من كارثة طائرة ميونخ، والذي أصبح بعدها واحدا من أشهر اللاعبين في كرة القدم العالمية وسفيرا لناديه مانشستر يونايتد ومنتخب بلاده، القصة التي نقلها الموقع الرسمي لمانشستر يونايتد عن مقابلة له مع قناة MUTV.
حادث ميونخ
قال تشارلتون في لقاء حصري مع قناة MUTV، كان الطقس في غاية السوء، وكان الجليد يغطي ممر الإقلاع، ولم تكن الإمكانيات التي تتوافر في المطارات في أيامنا هذه متاحة. وقد قام الطيار بثلاث محاولات للإقلاع، وبعد محاولتين عدنا إلى المطار وبقينا هناك.
وفي النهاية صرح موظفو المطار بأنه يمكننا الإقلاع الآن. كانت المشكلة هي تلك الثلوج الذائبة التي تكسو ممرات المطار. لقد أخذت الطائرة، Elizabethan، وقتا طويلا للإقلاع لأنها كانت تحتاج إلى ممر طويل ولكنها لم تنجح في الإقلاع. حتى الآن يصعب تصور ما حدث.
اخترقنا السياج الخارجي وأدركنا جميعا أن شيئا ما ليس على ما يرام. كان أمرا مريعا، أسوأ شيء يمكن أن يحدث في مجال الرياضة، لاعبون شبان يرحلون في قمة تألقهم. كان الناس مبهورين بما يحققه مانشستر يونايتد في أوروبا حيث كنا نمثل وطننا في البطولات الدولية.
لم أدرِ أين كنت. كنت ما أزال جالسا على مقعدي، الذي انفصل بشكل ما عن أسفل الطائرة. اعتقدت أنني أغمضت عيني للحظة، ولكن فيما بعد أخبرني هاري غريغ وبيل فوكس أنني ظللت فاقد الوعي لمدة ربع ساعة. وفي ذلك الحين كان الاثنان يتحركان في كل مكان لتقديم المساعدة في إخراج الركاب من الطائرة. كان تصرفا شجاعا حقا، فقد كانت الطائرة مشتعلة بالنيران ومهشمة إلى نصفين. ينبغي توجيه الشكر إلى هذين الرجلين على ما أظهراه من بطولة.
في أول مرتين حينما فشلنا في الإقلاع، كنت قد خلعت معطفي قبل مغادرتنا للطائرة. ولكن في المرة الثالثة لم أفعل، لأنني فكرت أنني إذا غادرت الطائرة مرة أخرى فسوف أحتاج إليه بسبب البرد الشديد. وبعد الحادث، عندما رأيت مات باسبي بالقرب مني وسط بركة من المياه، قمت بوضع معطفي تحته فقد كان واضحا أنه مصاب بشدة.
انتشار الخبر
بعد وصولنا إلى المستشفى حاولنا أن نرى بقية اللاعبين. إنني أذكر ذلك جيدا حيث كنت جالسا في قاعة الانتظار. كنت مصابا بارتجاج في المخ وبجروح في الرأس، ولكنني بدأت في التذمر والصراخ في وجه ذلك الفتى المسكين. وجاء أحد المسعفين ووضع حقنة في عنقي، ثم لم أدرِ بشيء بعد ذلك حتى الصباح التالي.
في اليوم التالي كان هناك شاب جديد في نفس الغرفة معي وكانت معه جريدة، وأخبرني بكل شيء عن الحادث. لم يكن يتحدث الإنجليزية جيدا، ولكنه كان يستخدم الإيماءات والإشارات. بعد ذلك بدأت أستعيد اسم كل لاعب من اللاعبين، وهو يخبرني ما إذا كان حيا أم لا.
كان هناك العديد من المسافرين في الرحلة مجرد ضيوف، حيث كان هناك صحفيون ومندوبون وموظفون من السفارات. لقد لقوا حتفهم جميعا. وكان من ضمن المتوفين فرانك سويفت، وهو حارس مرمى رائع لعب لمنتخب إنجلترا وفريق مانشستر سيتي، وكان من الأسماء اللامعة في تاريخ كرة القدم قبل أن يعمل بالصحافة.
إنني محظوظ فعلا لأنني نجوت من هذا الحادث. وكان دنكن إدواردز مصابا بشدة، ولكنه لم يلق حتفه على الفور. ويحدثني الناس دائما أنه لو كان التقدم الطبي الموجود اليوم متوافرا حينها، فربما كان قد أمكن إنقاذه من الموت.
لقد كنا في الجيش معا، وكانت وفاته صدمة كبيرة جدا. وفقدنا أيضا بعض أفراد الجهاز الفني، بيرت والي مساعد جيمي ميرفي، وتوم كوري المدرب العجوز الذي كان يتولى تنظيم الأحذية والأدوات والمران، وبالطبع سكرتير النادي وولتر كريكمر. كل هؤلاء فقدناهم في الحادث.
التعافي من الحادث
بعد الحادث مباشرة بدأنا نشعر بالقلق من أن الأمور لن تعود كما كانت عليه من قبل. بمعنى هل سنعود إلى تحقيق نفس الإنجازات التي هزمنا فيها الأرسنال مرتين ذلك الموسم في مزيج من التألق والثقة؟ كنا في قمة تألقنا كفريق بحيث جاء حادث ميونخ كارثيا بكل المقاييس. لقد سبب الحادث صدمة للجميع، اللاعبون وأسرهم والجمهور أيضا. كان شيئا لا يصدق. إنك تسمع عن مثل تلك الأمور وتظن أنها لن تحدث لك أبدا.
ولكن إذا نظرنا إلى الجانب المشرق، نجد أن هاري غريغ وبيل فوكس عادا إلى الملعب من جديد وتبعتهما أنا بعد ذلك، وكان علينا أن نعمل على استعادة مستوانا. كان هدفنا هو مساعدة مانشستر يونايتد على إحراز كأس أوروبا، لأنه لولا ذلك الحادث لكان قد فاز بها في ذلك العام، وقد صرح مات باسبي أننا سنحتاج إلى خمس سنوات قبل أن نتمكن من الفوز ببطولة كبرى. كان إحراز بطولة أوروبا دينا في أعناقنا لمن ماتوا، فهم من بدؤوا القضية التي نناضل من أجلها.
كانت تلك الليلة من عام 1968 مختلفة. العالم كله كان يتمنى أن نفوز في ستاد ويمبلي، وهو نصر سجله لنا التاريخ. لقد كان من الأهمية بمكان أننا استطعنا إحراز ذلك النجاح.