نجح برشلونة بالتفوق على مضيفه ريال مدريد مستغلاً وجود لاعب نجح من خلال دوره بالتلاعب بشكل اللقاء حتى على المستوى التكتيكي ليعاقب زيدان على الطريقة التي بدأ بها اللقاء ويعطي إنريكي أفضلية ربما لم يكُن قادراً من الحصول عليها لولا احتواء فريقه على لاعب اسمه ميسي.
بدأ ريال مدريد اللقاء بسعي واضح للضغط على خط دفاع برشلونة من خلال إيصال الكرات الطويلة لثلاثي الهجوم واختار زيدان البدء بطريقة مغايرة حيث بقي رونالدو بأول 10 دقائق على الجهة اليمنى مع انتقاله للعمق في حين بدأ بيل اللقاء على الجهة اليسرى.
سعي الميرينغي للضغط عابه سوء ذهنية اللاعبين فسيطر التسرع على التسديدات كما لم يكُن التفاهم كبيراً على عكس العادة فانحصر رونالدو وبنزيمة بمساحة ضيقة بإحدى المحاولات دون أن يفكر أحدهما بالتحرك قطرياً وفتح المساحة، والحديث عن كريم بأول شوط قد لا ينتهي لأن اللاعب ببساطة افتقد صفة المهاجم الهداف بلقطات كثيرة وتفوق عليه دفاع البارسا بسهولة.
برشلونة وبعد انقضاء الدقائق العشر حاول تدوير الكرة ولو بمناطقه بحثاً عن امتصاص رغبة الريال بالتقدم وفي الدقيقة الـ12 ظهرت إحدى أهم لقطات الشوط الأول تكتيكياً حين قرأ ميسي ضعف كاسيميرو بمواجهة المهارات وارتفاع معدل ارتكاب اللاعب للأخطاء مؤخراً ليستغل تهوره ويكلفه إنذاراً مبكراً.
إنذار كاسيميرو أجبر كروس ومودريتش على البقاء أكثر بالقرب من الدفاع وتحضير الكرات بالخلف وهو ما صعّب من مهمة الميرينغي خاصة بظل عدم تقديم مودريتش للأداء المأمول مؤخراً أما بالثلث الأمامي فحاول الفريق التسجيل من أقل فرص دون فرض ضغط كبير ليبقَ حل العرضيات هو الأفضل وهو ما ترجمه كاسيميرو حين سجل هدف التقدم.
بالوقت الذي كان فيه برشلونة منقوصاً من حلول هجومية بالجملة كان ميسي يحاول تعويض النقص لوحده من خلال عودته للخلف لصناعة اللعب ومن ثم استخدام المهارة للضغط على لاعبي وسط ودفاع ريال مدريد وبلقطة ابتعد فيها كاسيميرو عن الأرجنتيني نجح ميسي بالتسجيل من أول تسديدة لبرشلونة على مرمى الميرينغي بعد أن كان المضيف قد خلق 5 تسديدات قبلها على مرمى تيرشتيغن.
مفاتيح برشلونة بدت واضحة بالاعتماد على المهارة بظل ثقل وسط ريال مدريد، خاصة كاسيميرو الذي ارتكب 3 أخطاء بالشوط الأول وكاد أن يُعاقب بالطرد، والتنظيم المرتبط بالاستحواذ على الكرة قدر الإمكان لحرمان الخصم منها في حين حاول الريال الاعتماد على العرضيات والهجوم بأقل عدد من اللاعبين ولم يجرب الدخول بمعركة مباشرة بالوسط مستغلاً فعالية لاعبيه العالية بالثلث الأخير ولو أن هذا كلفه كثيراً كونه سمح لإنييستا وسواريز وميسي من استخدام فردياتهم بالثلث الأخير من الملعب بدلاً من أن يضغط على وسط برشلونة ويبعد الصراع عن منطقته ليدفع الثمن بالنهاية حين ضرب راكيتيتش التكتل السلبي جداً لدفاع ريال مدريد وسجل التقدم أما بالنسبة لهجمات الميرينغي فواجهت تألقاً استثنائياً لتيرشتيغن الذي فرض نجوميته وحرم ريال مدريد من استغلال تفوقه الواضح على دفاع البارسا الذي لم يكُن قادراً على التغطية بشكل جيد بعد أن اعتمد زيدان على خلق المساحات ونقل الكرات العالية.
برشلونة بالشوط الثاني سيطر على المباراة معنوياً بظل إحساس اللاعبين بتفوقهم على خصمهم وبدنياً مع ظهور الإرهاق بشكل كبير على لاعبي ريال مدريد خاصة مع محاولة لحاق ميسي الذي تلاعب بكل خطوط الملعب، وبعد أن اكتفى برشلونة بتسديدة وحيدة على المرمى خلال 55 دقيقة اضطُر نافاس للتصدي لسبع كرات خلال نصف ساعة فقط وهنا وقع زيدان تحت ضغط التغييرات فبعد خسارته لتبديل أول بسبب إصابة بيل وفقدانه تغييراً لسوء مستوى كاسيميرو اكتفى بتغيير نوعي وحيد بإشراك خاميس الذي أتاح لنا فرصة مشاهدة ريال مدريد بثنائي حيوي هجومياً من خلال أسينسيو وخاميس مع مؤازرة مارسيلو وكارباخال وبظل سهولة ضرب الدفاع الكاتالوني نجح خاميس بإعادة فريقه للقاء.
هذا الهدف حرم برشلونة من التفوق المعنوي بظل العودة القوية للفريق أمام جمهوره لكن تأثير النقص وخروج راموس ظهر بلقطة أخرى حين خلق روبيرتو الزيادة العددية الكافية بالمهارة ليتقدم 7 لاعبين من برشلونة مقابل 5 من ريال مدريد قبل أن ينهي الهجمة ميسي الذي خلق اليوم 6 تسديدات من بينها 4 على المرمى وسجل هدفين وهو ما يُظهر استعادة اللاعب للدقة التهديفية.
زيدان والتكرار:
ليس معيباً أن تتخذ قراراً تواجه به الجمهور بإراحة نجم وإدخال لاعب مميز يعطيك أداء أفضل بالمباراة، ببساطة هذا ما لم يقتنع به زيدان فدخل بفريق بد عليه ضعف الذهنية واللياقة بعد معركة بايرن القوية وشاهدنا الميرينغي بأسوأ تنظيم له منذ بداية عهد زيدان فكان يتكتل بالخلف دون أن يكون هذا التكتل بتنظيم معين بل ببساطة كان سهل الكسر.
بدأ زيدان اللقاء ببيل قبل أن يغادر اللاعب من دون احتكاك كبير وهو دليل على عدم جاهزيته في حين كان البديل أسينسيو أكثر نشاطاً بكثير ولو أن الثقة خانته بلقطة اختار فيها التمرير لرونالدو بدلاً من التسديد أما مودريتش وكاسيميرو وكروس ففقدوا قدرتهم على التحكم بالوسط كما اعتادوا وعوّدوا فريقهم بسبب عدم تعافي أقدامهم ولا رؤوسهم من الإرهاق حالهم حال رونالدو وبنزيمة وهو ما دفع الميرينغي لمواجهة وضعية لم يعتاد عليها، ربما كان من الأنسب أن يبدأ الريال اللقاء بإيسكو أو فاسكيز لإضافة حيوية أكثر للوسط.
زيدان أفقد نفسه تبديلاً حين أشرك بيل أساسياً وربما لو لم يخسر هذا التغيير كان لن يغامر بالإبقاء على كاسيميرو ليبدأ الشوط الثاني بعد أداء كارثي بالنصف الأول.
إنريكي ماذا فعل؟
يُحسب لإنريكي دفعه الفريق للأمام ومحاولته العودة لأسلوب غوارديولا بالتمريرات القصيرة الكثيرة وتقليل اللعب المباشر بهذه المباراة بظل إحساسه بتفوق هجوم ريال مدريد على دفاعه إضافة لذلك لم يعتمد المدرب فعلياً على طريقة 4-3-3 بالشكل الذي يعني وجود جناحين بل انتقل ميسي وألكاسير للعمق ليصبح راموس وناتشو تحت ضغط زادت قوته بعد إنذار كاسيمرو الذي يُحسب لميسي ذكاء التعامل معه.
فعلياً لعب برشلونة بشكل يشبه طريقة الشجرة 4-3-2-1 أو 4-1-4-1 لهذا اعتمد المدرب على روبيرتو وألبا كظهيرين بسبب صفاتهم الهجومية المميزة وقدرتهم على تدوير الكرة مع الفريق وبهذه الطريقة حقق إنريكي الضغط الذي أراده بالوسط ومكّن الرباعي من قيادة اللقاء بالجمع بين مهارة ميسي ودقة تمرير إنييستا والدور الكبير لراكيتيش الذي لم يكتفي بالتسجيل بل كان يعمل على تغطية المساحات أمام روبيرتو بظل انتقال ميسي الدائم للعمق وهو ما حرم ريال مدريد من اللعب على الجهة اليسرى.
ميسي فوق الوصف:
من الصعب أن تجد كل مرة شيئاً تقوله عن ميسي، ببساطة هذا اللاعب يُثبت بكل مرة أن نجوميته لا تتعلق بدور واحد فقط بالملعب فاليوم أعطى ميسي الأمل لبرشلونة حين أخرجه بأول ربع ساعة من ملعبه ومن ثم أعاده للقاء بتسجيل التعادل وبنهاية لقاء أسطوري منه عاد ليسجل الفوز ليثبت مرة أخرى قدرته على الجمع بين صناعة اللعب والتسجيل وهو شيء من الصعب أن نرَ تكراره حتى على مدار التاريخ وليس فقط بالزمن الحالي.