الجميع ينتظرون المعجزة، هكذا هي حال لاعبي أتلتيكو مدريد الذين طغى عليهم الاعتقاد القوي لمدربهم دييغو سيميوني بتحقيق المستحيل في مباراة إياب الدور قبل النهائي لدوري أبطال أوروبا، وهو المدرب الذي عما قريب سيعلم مصيره في هذه البطولة، فإما أن يرتدي ثوب الأبطال وإما ينزلق إلى غياهب الخسارة.
وبدأ سيميوني خوض غمار التحدي في مباراة الإياب لنصف نهائي دوري أبطال بعد دقيقة واحدة من سقوط فريقه 3-صفر أمام ريال مدريد في مباراة الذهاب، بعد أن طلب من لاعبيه الذين لا يحدوهم الأمل في تحقيق عودة إعجازية مغادرةَ السفينة، على حد تعبيره، ثم لجأ لتصريحات حماسية خلال أحد المؤتمرات الصحفية لتشجيع لاعبيه على تحقيق المستحيل.
وقال سيميوني “المباراة أمام ريال مدريد قد تكون مستحيلة للبعض ولكن ليست كذلك بالنسبة لنا”.
وليس من المعروف ما إذا كان ممكنا العودة في نتيجة 3-صفر أمام ريال مدريد في مباراة الإياب الأربعاء على ملعب فيسينتي كالديرون، إلا أن الأمر المؤكد أن أتلتيكو مدريد لم يتمكن يوما من تعويض هزيمة بهذا الحجم.
وكانت الفوارق بين الجانبين في مباراة الذهاب قد انعكست بشكل جلي في النتيجة النهائية للمباراة.
ولكن ورغم ذلك، لا يزال أتلتيكو مدريد يتحلى بالأمل كما دأب أن يفعل دائما منذ ديسمبر/كانون الأول 2011 عندما تولى سيميوني مهمة القيادة الفنية للفريق.
وبعد تتويجه تحت قيادة المدرب الأرجنتيني بلقب الدوري الإسباني مرة واحدة ووصوله إلى نهائي دوري الأبطال مرتين، بدأ أتلتيكو مدريد -الذي ارتبط اسمه لعقود بالفشل والهزائم المذلة- يجد لنفسه مسوغا لتقدير ذاته بشكل أكبر، وهو الأمر الذي كان يفتقده حتى قدوم سيميوني.
وظهر تأثير سيميوني على العامل النفسي وشعور تقدير الذات لدى جماهير أتلتيكو مدريد في أوضح صوره خلال مباراة الذهاب يوم الثلاثاء الماضي، بعد أن ظل أنصار الفريق في ملعب سانتياغو برنابيو يشجعون اللاعبين ويرددون الأهازيج، رغم انتهاء المباراة بهزيمة ثقيلة لأبناء سيميوني.
وأضاف سيميوني “سنواجه الفريق الأفضل في العالم، ولكن أعتقد أن كل شيء يمكن أن يحدث، إذا لم يكن الأمر على هذا النحو لم يكن لي أن أقول هذا، إذا توحدنا جميعا وأدركنا أننا نلعب الدور قبل النهائي على ملعبنا، فسنحصل على فرصتنا”.
وإذا تمكن سيميوني من تحقيق الإنجاز والعودة بنتيجة تاريخية، فإن صورته المثالية لدى أنصاره ستتعاظم، ولكن ورغم ذلك هناك احتمالات قوية على الجانب الآخر بحدوث ما هو متوقع بتأهل ريال مدريد وفقا لمنطق الأمور.
وإذا حدث التصور المنطقي وتأهل ريال مدريد، فسيكون هذا هو العام الرابع على التوالي الذي يسقط فيه سيميوني وكتيبته أمام النادي الملكي في دوري أبطال أوروبا، بعد خسارته للمباراتين النهائيتين لعامي 2014 و2016، بالإضافة إلى خروجه على يد جاره المدريدي في دور الثمانية لنسخة البطولة عام 2015 بهدف المكسيكي خافيير هيرنانديز (تشيتشاريتو) في الدقائق الأخيرة من مباراة العودة.
وبفرض المنطق سطوته بتأهل ريال مدريد إلى المباراة النهائية على حساب أتلتيكو مدريد، سيكون سيميوني قد فشل في العثور على شفرة التغلب على النادي الملكي في البطولة الأوروبية، بالإضافة إلى الانتقادات الواسعة التي وجهت لخطته التكتيكية في مباراة الثلاثاء الماضي.
لكن في الوقت الراهن يتمسك المدرب الأرجنتيني وأنصاره بحقهم في الحلم رافعين شعار “لا تتخلى عن الإيمان أبدا”، وهو ما يعد حالة عقائدية غريبة كليًّا بالنسبة لأتلتيكو مدريد في حقبة ما قبل سيميوني، وهو ما يعد في حد ذاته انتصارا.