أفاد عُلماء بأن علاجاً جديداً لداء التصلب اللويحي المتعدد العدواني aggressive multiple sclerosis أظهر نجاحاً كبيراً، وهو ما قد يُعد بمثابة فتحٍ كبيرٍ في مكافحة هذا المرض.
وبحسب الخبراء، فإن العلاج الجديد قد نجح في منع حدوث هجمات المرض وأوقف تقدمه لدى 23 مريضاً من أصل 24 تراوحت أعمارهم بين 18 إلى 50 سنة، ولم يعودوا بحاجة لأي علاجٍ آخر لتدبير إصابتهم بالتصلب اللويحي المتعدد، كما أظهرت 8 حالات تحسناً مستمراً لمدة ثمان سنوات تقريباً.
ويقوم العلاج الجديد على المشاركة بين العلاج الكيميائي وزراعة الخلايا الجذعية. إذ يجري أولاً تخريب الجهاز المناعي للجسم بواسطة العلاج الكيمائي، ومن ثم إعادة بنائه من جديد بوساطة الخلايا الجذعية المأخوذة من جسم المريض نفسه.
يقول المُعد الرئيسي للدراسة الدكتور هارولد أتكينز، الأستاذ المساعد بقسم العلوم الدموية السريرية بجامعة أوتاوا الكندية: “لقد كان هؤلاء المرضى يعانون من حالة شديدة جداً من التصلب اللويحي، مع هجمات متلاحقة وضرر مستمر للدماغ، إلا أننا مع ذلك تمكننا من إيقاف تطور المرض”.
ويُضيف أتكنز: “تتوفر العديد من الأدوية والعلاجات التي تستطيع إبطاء تقدم المرض أو إيقافه مؤقتاً، إلا أن العلاج الحالي هو العلاج الوحيد الذي امتاز بفعاليته على المدى البعيد”.
ويعقّب أتكنز بالقول: “إلا أن العلاج، من جهة أخرى، لا يصلح لجميع مرضى التصلب المتعدد، وذلك بسبب قسوته وكثرة آثاره الجانبية التي تحدّ من عدد المرضى الذين يمكنهم الاستفادة منه. وإن المرضى المرشحين حالياً لتلقي هذه العلاج هم الذين يعانون من الأشكال الأكثر عدوانية من المرض، شريطة ألا تكون قد حدثت لديهم إعاقات حقيقية أو أقعدهم المرض عن القيام والمشي، وبالتالي فقد لا يصلح للمرضى الذين أصيبوا بإعاقات متقدمة أو اضطروا لاستخدام الكرسي المتحرك”.
وفي معرض التعليق على نتائج التجربة العلاجية، يقول الدكتور باول رايت، رئيس قسم الجراحة العصبية بمستشفى جامعة نورث شور الأمريكية: “أعتقد بأن هذا العلاج يُشكل فتحاً علمياً في علاج التصلب اللويحي المتعدد، فقد نجح في قلب حالة المرضى بشكل هائل. ولكن ينبغي تجربته على عدد أكبر من المرضى قبل استخدامه على نطاقٍ واسع. فالعلاج يتضمن استخدام مادة سمية قد تكون مُهددة للحياة، وهو ما يستدعي توخي أقصى درجات الحذر قبل اعتماده بشكل نهائي”.
وبحسب المعهد الأمريكي الوطني للصحة، فإن التصلب اللويحي المتعدد هو داء التهابي يُصيب الجهاز العصبي المركزي، ويؤدي إلى وهن عضلي، بالإضافة إلى مشاكل في الرؤية والتوازن والذاكرة القدرة على التفكير.
يقوم العلاج الحالي على جمع خلايا جذعية من نقي عظم المريض، ومن ثم تنقيتها وتجميدها. يتلقى المريض بعد ذلك جرعاتٍ عالية من العلاج الكيميائي بشكلٍ مُشابهٍ لما يحصل عند العلاج من الأورام اللمفية lymphoma. يمتاز هذا العلاج الكيميائي بقوته بحيث يستطيع اختراق الحاجز الدموي الدماغي والقضاء على الخلايا المناعية المتضررة في الجهاز العصبي المركزي.
وحالماً تُنجز تلك المرحلة، تبدأ مرحلة إعادة إعمار الجهاز المناعي عن طريق زرع الخلايا الجذعية مجدداً في جسم المريض.
وبحسب أتكنز، فإن العلماء يُخططون لإجراء تجربة أوسع على هذه الطريقة العلاجية، إلا أنه من الممكن البدء باستخدامها منذ الآن في المشافي المُجهزة بتقنيات زراعة الخلايا الجذعية المستخدمة في سياق علاج مرضى الأورام اللمفية.
يقول مُعدو الدراسة بأنه على الرغم من أن فعالية هذه الطريقة العلاجية واضحة تماماً، إلا أن آثارها الجانبية ليست قليلةً أبداً، فقد توفي أحد المرضى بسبب مشكلة كبدية، وعانى 8 آخرون من آثارٍ سُمية متوسطة، في حين واجه 14 أخرون مجرد آثار جانبية خفيفة.
يقول أتكنز: “بعد الانتهاء من زرع الخلايا الجذعية، يحتاج المريض إلى البقاء في المستشفى لمدة أربعة أسابيع وسطياً ريثما يستعيد الجهاز المناعي عافيته، ثم يحتاج بعدها إلى الراحة في المنزل لمدة تسعة أشهر ريثما يستعيد قدرته الكاملة على ممارسة نشاطاته الطبيعية”.
وكدليل على نجاح المعالجة، يقول أتكنز بأن المرضى الذي شملتهم التجربة كانوا يعانون قبل المعالجة من هجمات مرضية بمعدل هجمة واحدة في السنة على الأقل، أما بعد المعالجة فلم يشكو أيٌ منهم من هجمات مرضية طيلة فترة المتابعة التي استمرت ثلاثة عشر عاماً. كما لوحظ وجود ما مجموعه 93 آفة دماغية لدى جميع المرضى قبل المعالجة، ثم تقلّص الرقم إلى آفة دماغية واحدة فقط بعد المعالجة. وتمكن ستة من المرضى بعد ثلاث سنوات من المعالجة من تخفيض مستوى تأمينهم ضد الإعاقة أو التوقف نهائياً عن الدفع لشركة التأمين، وعادوا إلى مدراسهم أو وظائفهم.
HealthDay News
المصدر : kaahe