أعلن أحد العلماء أن البشر قد يكونون على اتصال بالأرض بصورة أكبر مما كنا نتخيل، هذا العالم يعتقد أن لدينا حاسة سادسة تجعلنا قادرين على الكشف عن المجال المغناطيسي للأرض المحيط بكوكب الأرض.
الطيور والحشرات وبعض الثدييات مثل الكلاب، جميعها لديها القدرة على الكشف وتحديد المجال المغناطيسي للأرض، وهم يستخدمون هذه الحاسة للتنقل حول العالم، ليأتي عالم جيولوجيا ويقول إنه قد اكتشف وجود هذه الحاسة في البشر أيضًا.
تجربة صغيرة
وأعلن «جو كيرشفينك»، من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، أنه استطاع تحديد مستقبلات المجال المغناطيسي (المستقبلات التي يمكنها الإحساس والشعور بالمجال المغناطيسي، وهي موجودة في الطيور والحشرات) في البشر، وذلك في دراسة صغيرة الحجم أجراها هذا العام.
وتعد هذه التجربة هي دراسة من الدراسات صغيرة الحجم (طبقًا لعدد المشاركين بها)، كما أنها دراسة غير رسمية، فالدراسة التي شملت 24 مشاركًا فقط، وعرضت للمجتمع العلمي خلال اجتماع في أبريل (نيسان) 2016 للمعهد الملكي للملاحة، ادعى خلالها «كيرشفينك» أن الإنسان يملك هذه الخاصية المثيرة نتيجة وجود مستقبلات المجال المغناطيسي.
ولكن لأن هذه التجربة جرت على نطاق صغير الحجم، فلم تؤخذ دليلًا قاطعًا، ومنذ ذلك الحين منح الجيولوجي «كيرشفينك» تمويلًا بقيمة 900 ألف دولار أمريكي، للعمل مع مختبرات في اليابان ونيوزيلندا، من أجل المساعدة في إثبات وجود الحاسة السادسة المغناطيسية في البشر، وهو ما يعد دليلًا وتوصية من قبل العلماء بأن تجارب «كيرشفينك» يمكن أن تقود إلى شيء هام.
العلماء لا يزالون في حيرة من أمرهم في ما يتعلق بكيفية عمل مستقبلات المجال المغناطيسي، لكن الخبراء يعتقدون أن هناك تفسيرين محتملين لهذه الحاسة التي تمتلكها الطيور والكلاب. التفسير الأول يتعلق بأن السقوط لأسفل باتجاه المجال المغناطيسي للأرض يتسبب في إثارة ردود فعل نوعية في البروتينات المعروفة باسم كريبتوكرومز (cryptochromes)، والتي تم العثور عليها في شبكية العين في الطيور والكلاب، وبالتالي تنقل المعلومات المغناطيسية إلى الدماغ.
التفسير الثاني يتعلق باحتمالية وجود مستقبلات في خلايا في الجسم، والتي تحتوي على معدن الحديد المغناطيسي، المعروف باسم أكسيد الحديد الأسود، والذي يعمل على وضع نفسه في ترتيب أو نمط معين طبقًا للمجال المغناطيسي للأرض. وفي حين أن «كيرشفينك» يجلس في المعسكر القائل بوجود مستقبلات الخلايا، فإنه لم يحاول أن يثبت أي من التفسيرين هو التفسير الحقيقي، على قدر من محاولاته إثبات أن البشر لديهم بالفعل القدرة على الكشف وتحديد المجال المغناطيسي المحيط بكوكب الأرض.
تفاصيل تجربة «كيرشفينك»
وفي محاولته لإثبات هذا الأمر، قام «كيرشفينك» بتصميم قفص فاراداي، وهو عبارة عن درع رقيق من الألومنيوم الذي يقوم بفرز الضوضاء الكهرومغناطيسية الخلفية باستخدام لفائف الأسلاك. بمعنى آخر فإن قفص فاراداي يقوم بإزالة أي تأثيرات مغناطيسية أخرى عدا تلك الخاصة بالمجال المغناطيسي الذي يوضع داخل القفص. ثم قام بتوصيل المشاركين بجهاز تخطيط الدماغ الكهربي (EEG) ليتمكن من تحليل نشاط الدماغ الخاص بكل مشارك.
وطلب «كيرشفينك» من المشاركين الجلوس داخل قفص فاراداي في غرفة مظلمة، ليتعرضوا للحقل المغناطيسي للأرض فقط دون أي تدخلات خارجية. وقام «كيرشفينك» بتطبيق مجال مغناطيسي دوراني داخل القفص، ليلاحظ أنه عندما يدور الحقل المغناطيسي للأرض عكس عقارب الساعة، كان هناك انخفاض في موجات ألفا، وهو ما يعني أن الدماغ تقوم بالعمل والتفاعل مع هذا التغير في اتجاه المجال المغناطيسي، وبالتالي فهناك إشارة استقبلها الدماغ أفادته بوجود تغير في اتجاه المجال المغناطيسي.
وبالإضافة إلى ذلك، فقد لاحظ «كيرشفينك» أن هناك تأخيرًا بسيطًا في الاستجابة العصبية، وهو دليل على أن جهاز الرصد الكهربائي للدماغ (EEG) قام بالتقاط التغيرات الكهربائية في نشاط الدماغ، وأنه لم يتأثر على الإطلاق بالمجال المغناطيسي الموجود داخل القفص.
وعلى الرغم من أن هناك حاجة لإجراء المزيد من الاختبارات، إلا أن «كيرشفينك» يعتقد أنه أصبح لديه دليل مناسب على قدرة البشر على الإحساس ورصد المجال المغناطيسي للأرض. وقال «كيرشفينك» لمجلة العلوم «إنها جزء من تاريخنا التطوري. مستقبلات المجال المغناطيسي قد تكون هي حاستنا البدائية».
المجال المغناطيسي للأرض
المجال المغناطيسي للأرض، والمعروف أيضًا باسم الحقل المغناطيسي الأرضي، هو الحقل المغناطيسي الذي يمتد من باطن الأرض باتجاه الفضاء، حيث يلتقي بالرياح الشمسية، وهي تيار من الجسيمات المشحونة الصادرة عن الشمس. يبلغ مقدار هذا الحقل على سطح الأرض ما بين 25 و65 ميكروتسلا (0،25-0،65 غاوس).
لو تحدثنا بصورة أعمق قليلًا، فيمكننا القول أنه مجال ثنائي القطب المغناطيسي، والذي يميل حاليًا بزاوية مقدارها 10 درجات مئوية بالنسبة إلى محور دوران الأرض، كما لو كان هناك قضيب مغناطيسي يوضع في هذه الزاوية في مركز الأرض. القطب المغناطيسي الأرضي الشمالي، يقع بالقرب من غرينلاند في نصف الكرة الشمالي، هو في الواقع القطب الجنوبي للمجال المغناطيسي للأرض، والقطب الجنوبي المغناطيسي الأرضي هو القطب الشمالي للمجال المغناطيسي الأرضي.
وخلافًا لفكرة كونه قضيبًا مغناطيسيًا، فإن المجال المغناطيسي للأرض يتغير مع مرور الوقت، لأنه ينشأ بواسطة جيودينامو «geodynamo»، أو ما نطلق عليه اسم حركية جيولوجية، والتي – في حالة كوكب الأرض – هي عبارة عن حركة سبائك الحديد المنصهر في اللب الخارجي للأرض.
القطبان الشمالي والجنوبي المغناطيسيان يهيمون على وجوههم على نطاق واسع على مدى فترات زمنية جيولوجية، ولكن هذه العملية تجري ببطء كافٍ لتبقى البوصلات العادية مفيدة للملاحة. ومع ذلك، فعلى فترات غير منتظمة (في المتوسط عدة مئات من آلاف السنين)، تحدث نكسات في مجال الأرض المغناطيسي، ليبدل القطبان الشمالي والجنوبي المغناطيسيان مواقعهما بصورة مفاجئة. هذه الانتكاسات في الأقطاب المغناطيسية الأرضية تترك سجلًا واضحًا في الصخور، التي تكون ذات قيمة لعلماء الجيولوجيا المتخصصين في التغيرات المغناطيسية التي تحدث للأرض (paleomagnetists)، في حساب الحقول المغناطيسية الأرضية في الماضي. هذه المعلومات بدورها هي معلومات مفيدة في دراسة حركات القارات وقاع المحيطات في عمليات الصفائح التكتونية.
الغلاف المغناطيسي هو المنطقة فوق طبقة الأيونوسفير، والتي تمتد عشرات الآلاف من الكيلومترات في الفضاء، وتعمل على حماية الأرض من الجسيمات المشحونة من الرياح الشمسية والأشعة الكونية التي من شأنها أن تجردنا من الطبقة العليا للغلاف الجوي، بما في ذلك طبقة الأوزون التي تحمي الأرض من الأشعة فوق البنفسجية الضارة
المصدر : وكالات