علوم وتكنولوجيا

غاز الميثان المحبوس تحت سيبيريا يتسبب في تموّج سطح الأرض

تسببت فقاعات غازية هائلة، محاصرة تحت سطح الأرض، في مناطق العشب بسيبيريا، في ارتعاش واهتزاز الأرض، كما لو أنها جهاز ترامبولين. هذه الفقاعات هي عبارة عن تجمعات ضخمة لغاز الميثان أسفل القشرة الأرضية.

يتميز غاز الميثان بأن له تأثيرًا على ظاهرة الاحتباس الحراري، لكن بصورة أقوى تصل إلى ضعف تأثير غاز ثاني أكسيد الكربون، ما يجعله أحد العوامل الرئيسية والهامة لارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي للأرض.

وعادة ما يتواجد الميثان بشكل مغلق تحت طبقات الأرض المتجمدة، وقد لاحظ العلماء أن غاز الميثان، بدأ يخرج من قوقعته هذه إلى الغلاف الجوي، وذلك نتيجة ذوبان الطبقات الجليدية من التربة بسبب ارتفاع درجة حرارة الأرض.

وتمكن العلماء من تصوير بقع من الأرض التي يظهر أنها تتمدد وتتمايل كما لو كانت وسادات هوائية، وذلك في جزيرة بيلى النائية، والتي تقع قبالة شبه الجزيرة الشمالية في منطقة سيبيريا الروسية.

 

تفسير العلماء

وفي محاولة لتفسير هذه الظاهرة الغريبة والمدهشة، تكهن العلماء بأن ارتفاع درجات الحرارة في الدائرة القطبية الشمالية هو ما يسمح لغاز الميثان للارتفاع عبر طبقات التربة، التي عادة ما تكون متجمدة وصلبة، وبالتالي لا يمكن للميثان الهرب منها باتجاه الغلاف الجوي. لكن مع ذوبان الطبقة الجليدية، تعود التربة إلى طبيعتها المعروفة من كونها طبقات متخلخلة يمكن للغازات المختلفة المرور عبر مساماتها.

ولأن غاز الميثان يلعب دورًا هامًا في ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي للأرض، فإن انطلاقه من هذه المخازن تحت الأرضية بسبب ارتفاع درجات الحرارة منذ فترة طويلة، جعل الباحثون يراقبونه بمقدار كبير من القلق. قد يكون هذا العام هو العام الأكثر سخونة الذي جرى تسجيله في أي وقت مضى، مع ارتفاع قياسي في مستويات ثاني أكسيد الكربون في القارة القطبية الجنوبية على وجه الخصوص.

في سيبيريا، هناك أيضًا أدلة على أن هذه الظاهرة تؤدي إلى انفجارات صغيرة في قشرة الأرض. ويجري العلماء الروس تحليلًا لفوهات بركانية على شبه جزيرتي يامال وتايمير، اللتين تقعان بالقرب من جزيرة بيلى في محاولة لتأكيد هذه الربط.

هذه المشاهد غير الاعتيادية التي جرى تصويرها للغاز المحاصر أسفل الأرض مباشرة، تمت من خلال الباحثين ألكسندر سوكولوف، من معهد علوم البيئة النباتية والحيوانية العلوم التابعة للأكاديمية الروسية، ودوروثي إيريتش، من جامعة القطب الشمالي في النرويج.

وقام هذان الباحثان بالضغط على انتفاخ تحت العشب لا يقل قطره عن متر باستخدام أرجلهم، هذا الأمر تسبب في ارتداد وتمايل المنطقة كما لو أنها مصنوعة من السائل. وعندما قام أحد الباحثين بحفر الأرض باستخدام كعب حذائه، أدى هذا إلى الإفراج عن غاز الميثان بشكل مسموع واضح من خلال مسامات التربة.

ووصف الباحثون سابقًا وجود أعمدة ميثان ضخمة، يصل قطرها إلى أكثر من ألف متر، ولاحظ العلماء أن الميثان ينساب منها في صورة فقاعات كبيرة جدًا على سطح المحيط المتجمد الشمالي.

 

انبعاثات عملاقة

ويتواجد مئات الملايين من الأطنان من غاز الميثان بعيدًا تحت الأرض بصورة مغلقة، في المنطقة القطبية الشمالية، والتي تمتد من البر الرئيسي إلى قاع البحار الضحلة نسبيًا في منطقة القطب الشمالي المقابلة لشرق سيبيريا، وفقًا للخبراء.

الباحثون في من جامعة «القطب الشمالي» في النرويج، قالوا إنهم رصدوا وجود حفر كبيرة، تكونت نتيجة لتراكم غاز الميثان قبالة الشواطئ النرويجية. وقد صرح الباحثون أنهم وجدوا حفرًا عملاقة عديدة في قاع البحر في إحدى المناطق في وسط غرب بحر بارنتس. وتمثل هذه المنطقة على ما يبدو واحدة من أكبر المناطق الضحلة التي تطلق غاز الميثان في البحر في المنطقة الشمالية القطبية بأكملها.

وكان العالم الروسي إيغور يلتسوف، قد صرح العام الماضي أنه يمكن لغاز الميثان المتجمد مثل الثلج والموجود تحت الماء أن ينفصل ويتحرر، ويتحول سريعًا إلى غاز يكون فقاعات غازية كبيرة على سطح البحر.

وشبه يلتسوف قوة انبعاثات غاز الميثان هذه بأنها تشبه التفاعلات النووية التي تطلق كمية كبيرة من الغازات، في إشارة إلى خلخلة الهواء القوية التي تحدثها التفجيرات النووية والتي تتسبب في انطلاق تيار هوائي قوي يكون السبب في تدمير العديد من الأبنية والمنشآت.

وقد أشار باحثون إلى أن قوة انبعاثات غاز الميثان قد تكون السبب وراء غرق السفن البحرية كما ذكرت قناة «إن بي سي نيوز» الأمريكية عام 2003. ففي تقرير للقناة تساءلت فيه عن إمكانية أن تتسبب فقاعات غاز الميثان المنطلقة من أعماق المحيطات إلى غرق السفن، أوضح باحثون أستراليون أنهم يملكون نظرية تقول بأن انبعاثات الميثان قد تسبب غرق السفن.

الباحثون أوضحوا أيضًا أنه يمكن أن تنطلق فقاعات غازية ضخمة من رواسب الميثان الموجودة تحت المحيط، والتي يطلق عليها اسم هيدرات الغاز (gas hydrates)، وتحول غاز الميثان إلى مادة صلبة نتيجة الضغوط الهائلة التي يتعرض لها في أعماق المحيطات، أي أنها تتجمد. ويمكن لقطعة متجمدة من هذا الغاز أن تنفصل وترتفع لأعلى لتعود سريعًا إلى الصورة الغازية مكونة فقاعة ضخمة على سطح المحيط.

 

غاز الميثان

الميثان هو مركب كيميائي له الصيغة الكيميائية «CH4»، أي ذرة واحدة من الكربون وأربع ذرات من الهيدروجين. ويمثل الميثان أبسط صورة ممكنة لمركبات الألكان العضوية، وهو المكون الرئيسي للغاز الطبيعي. الوفرة النسبية لغاز الميثان على كوكب الأرض يجعل منه وقودًا جذابًا، على الرغم من جمعه وتخزينه يطرح تحديات، بسبب حالته الغازية في الظروف العادية من درجات الحرارة والضغط.

في حالته الطبيعية، يوجد الميثان على حد سواء تحت سطح الأرض وتحت قاع البحر. وعندما يجد طريقه إلى السطح والغلاف الجوي، فيعرف وقتها باسم «ميثان الغلاف الجوي».

زاد تركيز غاز الميثان في الغلاف الجوي للأرض بنحو 150% منذ عام 1750، هذه الزيادة تمثل 20% من إجمالي التأثير الإشعاعي لكل الغازات المسببة للاحتباس الحراري (هذه الغازات لا تشمل بخار الماء الذي هو إلى حد بعيد أكبر عنصر في ظاهرة الاحتباس الحراري). الميثان ينهار في الغلاف الجوي مكونًا مجموعة «CH3» مع بخار الماء.

المصدر : وكالات

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى