علوم وتكنولوجيا

أزمة المناخ وقعت بالفعل.. لكن يتم تجاهلها

اتهم الكاتب جورج مونبيوت وسائل الإعلام بتجاهل أعظم خطر يواجه الإنسانية حاليًا، والإتيان على ذكره على استحياء، وذلك بإيعاز من السياسيين ورجال الأعمال الذين يقودون كوكب الأرض إلى الفناء.

لطالما مثّل الاحتباس الحراري والتغير المناخي مشكلةً أثارت الجدل حول العالم، ووجهت أصابع الاتهام إلى جهات عديدة في التسبب فيها. فقد عُقدت العديد من الاجتماعات الدولية لمناقشة الأسباب ووضع حلول عاجلة لهذه المعضلة التي قد تقضي على الجنس البشري، ولكن ذهبت كل الجهود أدراج الرياح.

يؤكد خبراء الطقس أن العام الحالي هو أكثر الأعوام ارتفاعًا في حرارة الطقس على الإطلاق. وأن الشهور الـ14 الأخيرة كسرت الأرقام القياسية في ارتفاع درجات الحرارة. ولكن هناك من يدعي كذبًا أن الاحتباس الحراري قد جرى كبح جماحه في عام 1998.

يقول مونبيوت إن مساحة الثلوج في القطب المتجمد الشمالي انحسرت الشتاء الماضي أكثر من أي وقت مضى. وقد ضربت الكوارث أرجاء العالم نتيجة الاحتباس الحراري، فقد تفشت الجمرة الخبيثة بين الناس والحيوانات في سيبيريا بسبب عدم دفن الجثث التي أصيبت بنفس الوباء في عام 1914. وغرقت الهند، وشرق أفريقيا، في الجفاف والجوع بسبب بوار التربة من ارتفاع الحرارة الشديد.

تدعي وسائل الإعلام أن ظاهرة تعرف باسم «إل نينيو» هي السبب في الاحتباس الحراري، والذوبان الجليدي. لكن الإحصاءات تشير إلى أن الظاهرة لا تمثل إلا خُمس الأسباب التي أدت إلى ارتفاع الحرارة، ومع ذلك ما زال التدهور متواصلًا.

يبدو أن التحركات في هذا الاتجاه ليست إلا للدعاية الانتخابية، فقد وعدت المرشحة للانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، هيلاري كلينتون، بأنها ستعمل بجدية لحشد العالم لحل المشكلة «على مستوى لم نشهده من الحرب العالمية الثانية»، وأنها ستعمل على تحول أمريكا إلى استخدام الطاقة النظيفة بشكل كامل بحلول عام 2050.

وقد عُقد مؤتمر في باريس لمناقشة القضية، وخرج بتوصيات لمحاولة كبح جماح ارتفاع الحرارة، إلا أن ارتفاع الحرارة زاد أكثر مما كان متوقعًا.

أما دونالد ترامب، المرشح الرئاسي المثير للجدل، فقد أتى بتفسير عجيب للظاهرة. يقول ترامب إن التغير المناخي ما هو إلا «خدعة» من جانب الصينيين لضرب تنافسية الشركات الأمريكية. ويدعي أن الفحم مصدر نظيف وغير مكلف للطاقة. وتعهد بألا يلتزم بمقررات اتفاقية باريس، ووقف تمويل جهود الأمم المتحدة للحد من المشكلة.

ورغم زعمه بأنه نصير للمواطن البسيط، ويعادي الشركات الرأسمالية المتوحشة، إلا أنه بخطابه هذا تحقق الرأسمالية انتصارًا كاسحًا.

بيد أن ما يقوله ترامب علنًا يخالف ما يفعله على أرض الواقع، كما يقول مونبيوت. ففي منتجع الجولف الخاص به في جمهورية أيرلندا، قدم ترامب طلبًا للسلطات لبناء جدار لحماية المنتجع من مياه البحر، بعد أن تآكل الساحل بسبب الاحتباس الحراري، حسب نص الطلب المقدم.

يرى مونبيوت أن وسائل الإعلام تكتفي بالإشارة على استحياء إلى الأزمة التي تهدد البشرية، وأن هناك نوعًا من التحيز يطغى على تغطية الإعلام للمشكلة.

ويقول الكاتب إنه ما من أحد يحاسب المسؤولين عن عدم تنفيذهم وعودهم فيما يتعلق بالقيام بواجباتهم تجاه الأزمة، مثل ديفيد كاميرون. أما خليفته، تيريزا ماي، فقد اختارت وزيرًا جديدًا للتغير المناخي يعي أبعاد المشكلة.

بل إن وسائل الإعلام أصبحت طرفًا في هذه الأزمة، والادعاء بحياديتها أمر بعيد عن الواقع. فعلى سبيل المثال، تلقت عدة صحف ومجلات أمريكية أموالًا من مؤسسات بترولية مقابل استضافة سلسلة من اللقاءات الحوارية، حيث تحدث فيها علماء ينكرون وجود المشكلة. فعلى ما يبدو أن للمال سطوةً في هذا الشأن.

يختتم مونبيوت بالقول إنه إذا فشل العالم في وضع حدٍّ للمشكلة، فإن من سيتحمل المسؤولية ليس الشركات الكبرى متعددة الجنسيات، وإنما الغطاء الاجتماعي الذي يمنحها رخصة للعمل.

المصدر : وكالات

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى