تدريجيًا تتحول أفلام الخيال العلمي إلى واقع، آخر مثال على ذلك: «الروبوت الخيالي» «T-1000» من سلسلة أفلام «تيرميناتور» (Terminator) الشهيرة، والتي أُنتجت في تسعينات القرن الماضي.
ليس المقصود صناعة الروبوت شخصيًا، وإنما الصفة الخاصة به، والتي تتميز بتغير شكله باستمرار إلى أية صورة بشرية ممكنة؛ فالعلماء تمكنوا من إحداث طفرة علمية غير تقليدية في مجال تكنولوجيا المعادن السائلة.
وتمكن باحثون من إنشاء مفاتيح ومضخات تعمل من تلقاء نفسها، تتميز بأنها مصنوعة من سبائك معدنية سائلة. وقال هؤلاء الباحثون «إن هذه التقنية يمكن استخدامها لإنشاء الأجهزة الإلكترونية، التي تعمل بطريقة أشبه بالأنسجة الحية».
اكتشاف مثير
وبدأ فريق من المهندسين في جامعة «RMIT» في مدينة ملبورن الأسترالية، من وضع قطرات من معدن سائل في الماء، واكتشفوا أنهم كانوا قادرين على إنشاء آلات بدائية بالفعل.
وقال البروفيسور «كوروش كلنتر زاده»، الذي قاد فريق العمل «قمنا بتعديل تركيزات مكونات الأحماض والقلويات والأملاح في الماء، وحققنا في النتائج والتأثيرات المتاحة. ببساطة، فإنه عبر تغيير كيمياء الماء، جعل هذا قطرات المعادن السائلة تتحرك، وتغير شكلها، دون الحاجة إلى أي عوامل منشطة ميكانيكية أو إليكترونية أو بصرية خارجية».
أضاف أنه «عبر استخدام هذا الاكتشاف، فإنهم كانوا قادرين على خلق أجسام متحركة، وكذلك المفاتيح والمضخات التي يمكن أن تعمل بشكل مستقل، بالإضافة إلى المعادن السائلة ذاتية الدفع، التي يتحكم فيها السائل المحيط»، قائلًا، إنه «في نهاية المطاف، ومن خلال استخدام أساسيات هذا الاكتشاف، قد يكون من الممكن بناء الروبوت المعدني السائل ثلاثي الأبعاد حسب الطلب، مثل روبوت تيرميناتور T-1000»
ومع ذلك فقد اعترف زاده بأن مستوى البرمجة اللازمة لبناء الروبوت المعدني السائل، سوف يحتاج إلى أن يكون أكثر تعقيدًا بكثير من الطريقة الحالية.
وفضلًا عن كون هذا الروبوت قادرًا على التغير والتحول إلى أي نوع من الأشكال، فإن المعادن السائلة هذه تكون في الصورة السائلة قادرة على الاحتفاظ بقلب أو لب معدني أساسي عالي التوصيلية، بالإضافة إلى طبقة خارجية رقيقة شبه موصلة، والتي هي ضرورية لصنع الدوائر الإلكترونية.
تكنولوجيا المعادن السائلة
المعادن السائلة هي اسم تجاري يطلق على سلسلة من السبائك المعدنية «غير المتبلرة»، قام بتطويرها فريق أبحاث معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا (كالتك)، وجرى تسويقها من قبل شركة «ليكويميتال تكنولوجيز». تجمع سبائك المعادن السائلة عددًا من المزايا المادية المرغوب فيها، بما في ذلك قوة الشد العالية، والمقاومة الممتازة للتآكل، ومعامل عال جدًا للتعويض، وخصائص عالية مضادة للإجهاد.
وتتميز في نفس ذات الوقت بأنها قادرة على أن تتشكل بالحرارة في عمليات مماثلة للدائن الحرارية. وعلى الرغم من اسمها، فهي ليست سائلة في درجة حرارة الغرفة.
والسايبورج قادم أيضًا
وباالتزامن مع هذا التطورات المذهلة في تكنولوجيا المعادن السائلة، يتقدم العلماء بشكل سريع أيضًا في تكنولوجيا السايبورغ. وكما أننا في طريقنا لتحويل فيلم تيرميناتور إلى حقيقة، فإننا في طريقنا لتحويل الجزء الثاني من أفلام «سبايدر» مان الشهيرة إلى حقيقة أيضًا.
هل تذكر هذا الفيلم الذي كان محوره يدور حول الدكتور «أوكتوبوس»، العالم العبقري المجنون، الذي تمكن من صناعة أربعة أزرع إليكترونية مدمجة بظهره، وعلى اتصال مباشر بجهازه العصبي، ما يمكنه من التحكم بها عبر الأوامر العقلية فقط، والاستفادة من إمكاناتها الإلكترونية والميكانيكية معًا. هذه الأذرع أيضًا تحتوي على خلايا بشرية حية ما يجعل لها إرادتها الخاصة، التي تُمكّن «أوكتوبوس» من السيطرة عليها وتطويعها لخدمته، ليصبح معه آلة ذكاء صناعي مميزة وقوية.
نعم، نحن في طريقنا إلى أن تصبح هذه التكنولوجيا المميزة، حقيقة. ويبدو أن فكرة تعزيز قدرات البشر بإمكانيات إليكترونية وميكانيكية وحيوية في ذات الوقت، أصبحت على بعد خطوات من متناول أيدينا؛ لقد استطاع العلماء ـ بالفعل ـ التحكم التام في بعض الحشرات عبر أوامر إليكترونية أو كهربائية.
[youtube height=”480″ width=”853″ align=”none”]https://www.youtube.com/watch?v=aLOYEVjl70Y[/youtube]
تمكن الباحث الياباني «هيروتاكا ساتو»، وفريقه في جامعة «نانيانغج» للتكنولوجيا، بسنغافورة، في شهر مارس (آذار) 2016، من تركيب أقطاب كهربائية في نوع معين من الخنافس، معروف باسم «خنافس الزهرة» (flower beetles)، والمعروفة علميًا باسم «Mecynorrhina torquata»؛ وذلك بغرض تحفيز مجموعات عضلات معينة موجودة في أرجلها.
ومن خلال تغيير تسلسل التحفيز الكهربائي بترتيبات معينة، تمكن الفريق من السيطرة على مشية الخنافس. وعبر تغيير مدة الإشارات الكهربائية المرسلة عبر هذه الأقطاب ، تمكن العلماء أيضًا من تغيير سرعة المشية وطول الخطوة؛ وذلك طبقًا لما نشره فريق العمل على مجلة «الجمعية الملكية العلمية المتخصصة».
وتمكّن العلماء في السابق بالفعل من الحصول على حشرات مختلفة، يمكنها الطيران والعدو والزحف، لكن العملية الخاصة بسيطرتنا على أمور التحكم مثل سرعة المشي وغيرها، قد تمنحنا القدرة على توجيه هذه الحشرات لأداء مهام أكثر تعقيدًا. من هنا تأتي أهمية هذه التجربة الناجحة والفريدة لفريق «هيروتاكا ساتو» في سنغافورة.
هذا النوع من الكائنات يمكن أن نطلق عليه اسم «سايبورج cyborg»، وهي كلمة مختصرة لمصطلح كائن سيبرانيcybernetic» organism»، إشارةً إلى الكائنات التي تمتلك أجزاءً عضوية، وأخرى «بيوميكاترونيك» (أي دمج عناصر ميكانيكية وأخرى إلكترونية وثالثة حيوية). وقد أُطلق هذا المصطلح لأول مرة عام 1960 من قبل «مانفريد كلاينس» و«ناثان كلاين».
يختلف هذا المصطلح عن مصطلحات مشابهة أخرى، مثل: «بيونيك bionic» أو «بيوروبوت biorobot»، وهما مصطلحان يُعبران عن إنسان آلي في الأساس، ببعض الأجزاء البشرية أو الحيوية. لكن مصطلح «سايبورغ» أو «الكائن السيبراني» ينطبق على كائن حي في الأساس، استطاع استعادة وظيفته أو تعزيز قدراته، من خلال دمج بعض المكونات الاصطناعية، أو بعض التكنولوجيا، على نوع معين من ردود الفعل. هذه التكنولوجيا هي التي نتحدث عنها في تجربة «ساتو» ورفاقه.
ولا يشترط أن يكون الكائن السيبراني بشريًا أو ثدييًا؛ إذ يشمل المصطلح أي نوع من أنواع الكائنات الحية. ويعتقد العلماء أن تكنولوجيا السايبورغ هذه ستكون جزءً من ثورة ما بعد البشرية؛ حين يتم تعزز البشر بشكل صناعي من خلال منحهم بعض القدرات المميزة والخاصة.
المصدر : وكالات