علوم وتكنولوجيا

«الأرض الثانية».. اكتشاف الكوكب الأقرب الصالح للحياة ويمكننا الوصول إليه

تمكن العلماء من العثور على كوكب صخري، يمكن أن تتواجد عليه حياة غير بشرية، يتميز بقربه النسبي من كوكب الأرض، مما يسمح لنا بإمكانية السفر إليه. وطوال أكثر من عشرة أيام، شهدت الساحة العلمية الكثير من الأخبار المتداولة حول هذا الاكتشاف، لكن فريق البحث المختص لم يعلن عن الأمر رسميًا، حتى أمس الأربعاء 24 أغسطس (آب) 2016.

الكوكب الجديد هو كوكب أكبر قليلًا من الأرض، ويبعد عنا مسافة أربع سنوات ضوئية فقط، ويدور حول نجم يسمى «بروكسيما سنتوري»، وهو النجم الأقرب مسافة إلى نظامنا الشمسي.

على هذا النحو، يتميز هذا الكوكب الجديد بأنه الكوكب الأسهل في الدراسة والفهم، مقارنة بمعظم الكواكب التي تشبه كوكب الأرض، في إمكانية وجود حياة على سطحها وظروفها المناخية والطبيعية، وهي الكواكب التي يطلق عليها اسم «الأرض الثانية»، والتي اكتشف العلماء عددًا منها في الآونة الأخيرة. ويبدو أن وضع الكوكب والظروف الخاصة به، تجعله بمثابة منزل احتياطي للحياة، الموجودة بالفعل على سطح الأرض.

 

الكوكب بروكسيما بي

وأطلق العلماء على الكوكب الجديد اسم «بروكسيما بي – Proxima B»، وهو قريب بما فيه الكفاية، ليتيح للأجيال القادمة من المركبات الفضائية القدرة على السفر إليه، والتي سترافقها بالطبع مركبات روبوتية للاستكشاف والتحليل. وذكر علماء أن هذا الكوكب يمكن أن يكون، في نهاية المطاف، بمثابة منزل جديد للبشر المسافرين من الأرض، لبدء حياة جديدة.

ويأمل العلماء أن يكونوا قادرين على استكشاف هذا الكوكب بصورة أكبر، في محاولة لإيجاد حياة عليه. ويدور الكوكب في منطقةٍ مناسبةِ المسافةِ مِن شمسِه وحولها، وهذا يعني أنه يقع في المكان المناسب ليكون قادرًا على دعم الحياة.

وقال الدكتور غولام أنغلادا إسكوديه، من جامعة الملكة ماري في العاصمة البريطانية لندن، والذي قاد فريقًا دوليًا مكونًا من 30 من علماء الفلك نحو هذا الاكتشاف الهام؛ إن النجاح في البحث عن أقرب كوكب شبيه بالأرض خارج النظام الشمسي، كان بمثابة تجربة الحياة، جاذبة تفاني وشغف عدد من الباحثين الدوليين.

وأضاف: «نأمل أن تلهم هذه النتائج الأجيال القادمة، لمواصلة البحث وراء النجوم»، موضحًا أن البحث عن حياة على «بروكسيما بي» سيكون هو الهدف التالي لهم.

 

مواصفات بروكسيما بي

ويتميز الكوكب الجديد بأنه أقرب بكثير إلى نجمه الذي يدور حوله، مقارنة بالمسافة بين كوكب الأرض والشمس، فالكوكب الجديد يحتاج فقط إلى 11.2 يومًا لإكمال دورة واحدة، ويدور على مسافة تقدر بحوالي 5% فقط من المسافة بين الأرض والشمس. ولكن لأن هذا النجم باهت بصورة أكبر بكثير من شمسنا، فإن الكوكب الجديد لا يزال يقع داخل المنطقة القابلة للحياة، حيث يمكن أن يكون هناك ماء عليه، وبالتالي حياة أخرى بالفعل.

ولكن هناك قضايا أخرى تتعلق بكون «بروكسيما بي» وطنًا محتملًا لحياة فضائية. فهناك مشكلة كبيرة تتعلق بالنجم الذي يضرب الكوكب الجديد بالأشعة فوق البنفسجية القوية، والأشعة السينية، وهو ما يعني أن أي شيء يحيا هناك سوف يجد صعوبة كبيرة في المعيشة عليه، ولذلك يجب أن يستخدم من يريد الحياة عليه تكنولوجيا تحميه من هذه الأشعة الضارة.

ولا يزال العلماء غير متأكدين مما إذا كانت الكواكب، مثل «بروكسيما بي»، هي كواكب صالحة للسكن، وذلك بسبب الجدل حول ما إذا كان يمكن الحفاظ على الغلاف الجوي للكوكب والماء في صورة سائلة. وسوف يحتاج هذا الأمر إلى مزيد من الأبحاث، للتوصل إلى فهم المزيد عن طبيعة الغلاف الجوي للكوكب، وعما إذا كان يمكننا العثور على حياة هناك. ويفترض البعض أنه على الرغم من المناقشات المكثفة الجارية بين العلماء حاليًا، فمن غير المرجح أن يتم تسويتها دون دراسة مباشرة للكوكب نفسه.

وقد درس العلماء منذ فترة طويلة «بروكسيما سنتوري»، النجم الذي يدور حوله الكوكب الجديد. ونتيجة لقربه النسبي الكبير من الأرض، فقد مثل هذا النجم مكانة ذات أهمية علمية كبيرة، وهو ما جعله واحدًا من أفضل النجوم ذات الكتل المنخفضة، التي درسها العلماء.

أما عن اكتشاف الكوكب الجديد، فقد عثر عليه العلماء من خلال النظر في البيانات المستنبطة من قياسات الدوبلر، وجرى تجميعها من قبل تلسكوبات المرصد الأوروبي الجنوبي، بين عامي 2000 و2014، بالإضافة لبيانات أخرى جمعت من نفس المرصد، عام 2016، وذلك طبقًا لما كتبه الباحثون في مجلة «نيتشر Nature» العلمية.

وأتاحت بيانات الدوبلر للعلماء دراسة الحركات متناهية الصغر التي تحدث للنجم، والتي يكون سببها في المعتاد جاذبية الكواكب الدائرة حوله. ويبدو أن البيانات أظهرت بالفعل ما زعم العلماء أنه كوكب جديد يدور حول النجم، وأوضحت البيانات أيضًا أن الكوكب الجديد يتميز بأنه كوكب دفيء، وله تقريبًا نفس حجم كوكب الأرض.

 

دراسات طويلة

يجدر هنا الإشارة إلى أن هذا البحث استغرق سنوات طويلة من الدراسات، المجراة من قِبل أكثر من 30 باحثًا، من مختلف المؤسسات ومختلف البلدان.

وقال المؤلف المشارك، الدكتور جون بارنز، من الجامعة المفتوحة في بريطانيا، إنه بمجرد أن تيقنا من أن التمايل والتذبذب في مدار النجم لم يكن سببه البقع النجمية الموجودة على سطحه «بالنسبة للشمس، تسمى هذه البقع بالبقع الشمسية، وهي مناطق على سطح الشمس تتميز بأن حرارتها أقل من حرارة بقية السطح، مما يجعلها تظهر بشكل داكن في الصور الحرارية»، فقد أصبحنا متأكدين من وجود كوكب يدور داخل المنطقة، التي تسمح باحتمالية وجود المياه عليه، مضيفًا: «هذا أمر مثير جدًا».

وأوضح أنه إذا خلصت المزيد من الأبحاث إلى مناسبة ظروف الغلاف الجوي لهذا الكوكب لدعم الحياة، فإن هذا سيعد واحدًا من أبرز وأهم الاكتشافات العلمية، التي سجلها علماء الفلك في التاريخ. لكن الباحثين ذكروا أن مثل هذه التأكيدات على وجود حياة أو إمكانية استضافة الكوكب لها، قد تتأخر فترةً طويلة، وهو ما يعني أن جيل العلماء الحالي قد يكون فارق الحياة بالفعل.

 

ستيفن هوكنغ ورحلته إلى بروكسيما

وبالعودة لبضعة أشهر ماضية، فقد انتشر خبر هام جدًا، يتعلق بإعلان كل من الملياردير الروسي المغامر يوري ميلنر، وعالم الفيزياء العبقري ستيفن هوكينغ، عن مبادرة بقيمة 100 مليون دولار أمريكي، من أجل أطلاق مركبة فضائية لاكتشاف مجموعة رجل القنطور«alpha centauri» ، وهو أقرب مجموعة شمسية أو نظام شمسي من مجموعتنا، ويتضمن أقرب نجم إلى كوكب الأرض «بروكسيما سنتوري».

هذا المشروع الجديد أطلق عليه اسم «Breakthrough Starshoot»، والهدف منه اكتشاف التقنيات اللازمة لإنشاء مركبة فضائية صغيرة جدًا تعمل بالطاقة الضوئية، وتكون قادرة على السفر إلى المجموعة الشمسية القريبة، خلال 20 عامًا فقط.

سيقود المشروع بيت ووردن، المدير السابق لمركز أبحاث أميس، التابع لوكالة الفضاء الأمريكية «ناسا». وسينضم للمشروع أيضًا المؤسس والمدير التنفيذي لموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، مارك زوكربيرغ، ضمن ما يشبه مركز إدارة المشروع. وسيكون الهدف الرئيس المبدئي والمطلق، هو تحديد الجدوى الاقتصادية لإرسال مركبات فضائية متناهية الصغر، ومضغوطة إلى أقصى حد ممكن، نحو نجم رجل القنطورة الأقرب لمجموعتنا الشمسية.

وتكمن الفكرة في استخدام مركبات تكون شبيهة بالنماذج الفضائية للقوارب الشراعية، أي أننا نريد إنشاء مركبة فضائية شراعية. ونطلق عليها مركبة شراعية هنا، ليس لأنها تحمل شراعًا تدفعه الرياح، ولكن لأنها تستخدم الضوء من أجل دفع المركبة نحو وجهتها.

فكرة هذه المركبة استلهمت من فكرة العالم كارل ساغان، لعملية الإبحار الشمسي، والذي تخيل مركبة فضائية تستخدم الشمس بشكل مشابه لاستخدام المراكب الشراعية لقوة الرياح. وتتكون هذه المركبة من قمر صناعي صغير، مع أربعة أشرعة كبيرة، تمكن المركبة من استخدام الأشعة الشمسية للإبحار في الفضاء.

ويحاول العلماء من هذه الفكرة إثبات أن عملية الدفع بواسطة الأشعة الشمسية، يمكن أن تقضي على الحاجة إلى احتياطات للوقود، أو صواريخ تعزيز للدفع، في الرحلات الفضائية المختلفة. وتستخدم هذه النوعية من المركبات، بشكل أكثر تحديدًا، ليس ضوء الشمس نفسه، ولكن الرياح الشمسية التي تهب من الشمس.

وبجانب اقتراح الملياردير الروسي ميلنر إمكانية استخدام شعاع من الليزر في دفع المركبة الفضائية الصغيرة، فإن هذا النوع من المركبات يتميز بأن مساحتها لا تتعدى بضعة أمتار، وقد لا يصل إلى مئات الجرامات، أو أقل حتى في الوزن، ويطلق عليها ميلنر اسم رقاقات النجوم «StarChips»، وذلك لحجمها متناهي الصغر الشبيه برقاقات الأجهزة الإلكترونية، خصوصًا مع سمكها الذي لا يتعدى ملليمترات.

ومن بين أهداف المشروع أيضًا، إيجاد طريقة لجعل هذه المركبات أقل سمكًا بشكل مضاعف، لكن يمكنها مع هذا حمل كاميرات تصوير فائقة الدقة، وأجهزة استشعار ومصدر للطاقة، وأجهزة ملاحة وأجهزة اتصالات، ودافعات فوتونات من أجل المناورة. ويقول ميلنر إن التقدم الكبير في تكنولوجيا النانو سيجعل هذا الأمر ممكنًا بالتأكيد.

المصدر : وكالات

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى