يعتبر مرض هشاشة العظام من الأمراض التي كثر الكلام عنها بصورة كبيرة خلال السنوات الأخيرة بين السيدات حيث أنهن الأكثر إصابة بهذا المرض عن الرجال بنسبة قد تصل إلى 1:6 (أي 6 سيدات لكل رجل واحد) وقد كثر الكلام حول هذا المرض في طبقات المجتمع المختلفة وأيضاً في وسائل الإعلام. والمشكلة أن مرض هشاشة العظام أصبح الحديث عنه وعلاجه موضة هذا العصر وأحياناً بدون أساس علمي صحيح وهنا نحب أن نوضع عدد من النقاط المهمة في التشخيص والعلاج.
أولاً أن مرض هشاشة العظام قد ظهر بصورة واسعة وكثر الكلام عنه لعدة أسباب منها أن متوسط الأعمار قد زاد بين البشر ليصل إلى حوالي 78 سنة في السيدات في العالم بينما في مصر حوالي 70 سنه بعد أن كان 40 سنة في الأربعينيات من القرن الماضي. أي أن السيدة تعيش الآن حوالي نصف عمرها بعد انقطاع الطمث وهو السبب الرئيسي وليس الوحيد لحدوث هشاشة العظام.
وبما أن السبب الرئيسي هو انقطاع الدورة الشهرية، فإن المرض يستمر في التقدم بهدوء على مر تلك الفترة التي تحياها السيدة بعد انقطاع الدورة الشهرية ناهيك عن طبيعة الحياة التي فرضت أجهزة التحكم عن بعد وقلة الحركة على كل أنشطتنا الحياتية مما جعل ممارسة الرياضة وحتى الحركة الحياتية من قبيل العبء ولا تتم عند كثير من الناس وهو سبب آخر لضعف العظام وعدم وصول الغذاء للعظام فلا تقوى ولا تحافظ على محتواها من الكالسيوم والأملاح المختلفة.
كما أن تناول بعض العقاقير الطبية لعلاج بعض الأمراض الأخرى لفترات طويلة قد يؤدي إلى هشاشة العظام مثل أدوية الكورتيزون وعلاج الاكتئاب وبعض العقاقير الأخرى. وإذا انتقلنا لبعض العادات السيئة مثل التدخين وتناول الكحوليات لوجدنا أن هناك ارتباط مباشر بينها وبين هشاشة العظام في المستقبل.
أيضا الأسلوب الغذائي في سن المراهقة والعشرينات وتناول منتجات الألبان بكثرة في تلك السن يؤدي للوقاية النسبية مستقبلاً نظراً للمخزون الذي يتم الحصول عليه ليكون ذخيرة في المستقبل.
والتشخيص لا يمكن أن يعتمد على الكشف الإكلينيكي الظاهري ولا يمكن معرفة ذلك المرض من خلال كشف الطبيب فقط ولكن لابد من قياس كثافة العظام من خلال جهاز قياس كثافة العظام للتشخيص الدقيق ليس فقط إن كانت هناك هشاشة أم لا في العظام ولكن للوصول إلى درجة تلك الهشاشة حتى تتم المتابعة للعلاج الصحيح والفعال.
والهشاشة مرض غير مؤلم في أغلب الأحيان سوى من بعض الآلام في أسفل الظهر نتيجة وجود كسور بسيطة داخل العظام نفسها ولكن خطورة الهشاشة في زيادة القابلية للكسور.
والعلاج يكون وقائياً أولاً من خلال ممارسة الرياضة وتناول منتجات الألبان كما ذكرنا من قبل والتعرض للشمس المباشرة غير الحارقة في الأوقات المناسبة لتنشيط فيتامين د ثم العلاج الوقائي من خلال تناول الكالسيوم وفيتامين د في فترة ما قبل انقطاع الدورة الشهرية ثم تأتي مرحلة انقطاع الدورة الشهرية والتي يتم فيها أخذ العلاج التعويضي بواسطة بدائل الهرمونات والتي قد تكون أدوية عبارة عن هرمونات بديلة أو بعض الأدوية الحديثة التي تعمل كالهرمونات في تأثيراتها المفيدة على الجسم ولكن بدون الأعراض الجانبية على الثدي والرحم والمبيض أي أنها ليست هرمونات.
والعلاج بتلك الأدوية لابد أن يصاحبه تناول الكالسيوم وفيتامين د حيث أن الاحتياج اليومي للسيدة من الكالسيوم بعد انقطاع الدورة الشهرية يكون في حدود 1000-1500 مجم يومياً. ثم نأتي لمرحلة وجود الهشاشة فعلاً والتي يصاحبها زيادة في قابلية الكسور في العظام وخصوصاً عظام عنق الفخذ والفقرات القطنية. والعلاج هنا يجب أن يضاف إليه بعض الأدوية التي تعيد بناء العظام مرة أخرى وهي أنواع كثيرة ويجب اختيار المناسب لكل حالة على حدة ولا يتم تعميم العلاج لكل الحالات.
وهنا نحب أن نوضح أن لكل نوع من الأدوية وظيفة مختلفة ففي حالات وجود أو عدم وجود هشاشة العظام يجب تناول الكالسيوم ولكي يتم امتصاصه لابد من وجود فيتامين د النشط سواء من خلال التعرض المباشر للشمس أو من خلال إضافته على الكالسيوم. ثم وظيفة الهرمونات التعويضية وبدائلها غير الهرمونية هي المحافظة على محتوى العظام من الكالسيوم ومنع فقدانه من العظام إلى الدم وتتم المعالجة في حالة نقص الهرمونات سواء بعد انقطاع الدورة أو بعد استئصال المبيضين جراحياً أو التعرض للعلاج بالإشعاع.
كما يجب إضافة الأدوية التي تساعد على البناء للعظام في حالة وجود الهشاشة فقط وليس على الإطلاق ولكن يمكن استخدامها للوقاية في حالات عدم الرغبة في تناول الهرمونات أو وجود مانع طبي لتناول الهرمونات وبدائلها.
د.عمرو سامي خضير