يستخدم كثيرون حاليا الابتسامات والرموز التعبيرية، المعروفة باسم “إيموجي”، في رسائلهم النصية، عوضا عن الكلمات واختصارا لها، أو اختصارا لجمل بأكملها. وظهور هذه الابتسامات والرسوم التعبيرية جاء مكملا للغة المختزلة التي بدأت مع ظهور الرسائل النصية وانتشارها عبر الهواتف النقالة والبريد الإلكتروني محدود السعة والكلمات والحروف.
فمع ظهور نظام هواتف الإنترنت، في اليابان، الذي لا يسمح باستخدام أكثر من 250 حرفا في البريد الإلكتروني أو الرسائل النصية، ظهرت الحاجة إلى كلمات تعبيرية مجازية بوصفها وسيلة أسرع وأسهل للتواصل.
كما أن استخدام كلمات محدودة في رسالة قصيرة قد يؤدي إلى حدوث سوء فهم، ذلك أنه من الصعب التعبير عن النفس بصورة ملائمة بعدد محدود من الحروف والكلمات.
ومن هنا، بدأ فريق ياباني بالعمل على تطوير رموز تعبيرية أو “إيموجي” لصالح الشركة المعنية بنظام الهواتف عبر الإنترنت والهواتف المتحركة، لتجد طريقها إلى الاستخدام في العام 1999.
وقبل عصر الهواتف النقالة، وتحديدا في منتصف التسعينيات من القرن الماضي، ظهر نظام الأجهزة الطنانة “البيجر” في اليابان، وشاع استعمالها بين الشباب، وكان فيها رمز “القلب” وهو الرمز الذي حظي بترحاب كبير بين المستخدمين.
وفي نسخة لاحقة للشركة التي عرفت باسم “بوكيت بيل”، أسقط رمز القلب، فتحول المستخدمون عنها إلى شركة أخرى احتفظت برمز القلب، الأمر الذي دفع “شيغيتاكا كوريتا” إلى إدراك أهمية الرمز، وأنه يجب أن يكون جزءا من أي خدمة تراسل نصية، ومن هنا استلهم فكرة الإيموجي.
ووفقا لكوريتا، فإنه استلهم الفكرة أيضا من رموز حالة الطقس ومن طريقة كتابة يابانية تعرف باسم “حروف كانجي”، بحسب ما جاء في مقابلة له في صحيفة الغارديان البريطانية.
وأوضح كوريتا أنه في البداية كان هناك نحو 200 إيموجي، لأمور مثل حالة الطقس والطعام والشراب والمزاج والمشاعر، وقال إنه طوّر رمز القلب للدلالة على الحب.
في البداية كانت رموز الإيموجي بالأسود والأبيض فقط، وانحصر حجمها في 12×12 بيكسل، لذلك فقد اتسمت بالبساطة الشديدة ولم يكن هناك الكثير من التنويعات، كما لم يكن من السهل تصميم الرموز بالشكل المطلوب والمرغوب.
وظهرت أول رموز ملونة في العام 1999، عندما بدأت شركة يابانية أخرى للهواتف النقالة بإعادة تطوير النسخة الأصلية من الإيموجي، مثل الوجوه الصفراء المستخدمة حاليا والمعروفة باسم “سمايلي”.
وأشار كوريتا إلى أن تطوير الإيموجي في البداية كان يتركز على السوق اليابانية، موضحا أنه لم يعتقد أن الإيموجي سينتشر ويصبح شائعا على المستوى الدولي وتحوله إلى أداة تواصل مفيدة تجاوزت اللغات.
لكن كوريتا يعتقد أن لغة الإيموجي تصبح ذات صبغة محلية أكثر فأكثر، وهناك “إيموجي” خاصة بالثقافة اليابانية كما أن هناك إيموجي خاصة بثقافات ومجتمعات أخرى.
ولا يعتقد كوريتا أن استخدام الإيموجي يعد مؤشرا على تناقص قدرة الناس على التواصل بواسطة الكلمات أو نقص المفردات لديهم.
من ناحية أخرى، لا يعتقد كوريتا أيضا أن الإيموجي ستتطور كثيرا على المستوى التقني، لكنه يشير إلى أن تطور الإيموجي جاء لتلبية احتياجات التعبير المعقد عن المشاعر.
يشار إلى أنه بموجب استبيانات عديدة، فإن الشريحة العمرية بين 18 و25 عاما تجد من الأسهل عليها التعبير عن مشاعرها بواسطة الإيموجي، الذي يعتبر بشكل من الأشكال مكملا للكتابة بالحروف.
وهناك جهة عالمية مسؤولة عن اعتماد الرموز وتعبيراتها، وهي “يونيكود”، وتقبل كل عام مجموعة من المقترحات لبعض الأيقونات والإيموجي الجديدة أو أي تطوير عليها، لتستخدم في الطباعة بواسطة لوحة المفاتيح، مع العلم أنه يوجد حاليا أكثر من 1800 إيموجي.