توصلت دراسة بريطانية حديثة إلى أن الآباء غالباً ما يعجزون عن تمييز أعراض اضطراب الشدة ما بعد الصدمة post-traumatic stress syndrome (PTSD) عند أطفالهم الصغار. يقول المُعد الرئيسي للدراسة ريتشارد ميسير ستيدمان، الأستاذ بكلية الطب بجامعة إيست آنجليا: “عندما يأتي الناس على ذكر اضطراب الشدة ما بعد الصدمة، فغالباً ما يتبادر إلى أذهانهم الجنود العائدون من مناطق الحروب والنزاعات المسلحة، إلا أن الواقع يقول بأن الأطفال أيضاً قد يُصابون بهذا الاضطراب عقب التعرض لحادث سيارة أو اعتداء جسدي أو كارثة طبيعية”.
ويُضيف ستيدمان: “يمكن للأعراض أن تشمل على استحضار ذكريات قاسية أو كوابيس ليلية، وتجنب الطفل لكل ما قد يُذكره بالحادثة، بالإضافة إلى شعوره بفقدان الأمان”.
قام الباحثون بمراقبة أكثر من مائة طفل تراوحت أعمارهم بين سنتين إلى عشر سنوات كانوا قد تعرّضوا إلى حوادث طرقية مختلفة، سواءً في أثناء ركوب السيارة أو الدراجة أو المشي، وجرى إسعافهم إلى المستشفيات للعلاج من جروح أو رضوض أو كسور أو حالات فقدان وعي.
جرى تقييم حالة الأطفال وتحري إصابتهم باضطراب ما بعد الصدمة بعد أسبوعين من الإصابة، ثم بعد أربعة أسابيع، ثم ستة أشهر، ثم ثلاث سنوات من الإصابة.
وجد الباحثون بأن الأطفال الذين ظهرت عليهم علامات الشدة النفسية مباشرةً بعد الحادث لم تستمر إصابتهم باضطراب الشدة ما بعد الصدمة لمدة ثلاث سنوات بعد الحادث بالضرورة. وأن معظم حالات الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة تماثلت للشفاء مع مرور الوقت، حتى وإن طالت هذه الفترة لدى قلة قليلة من الأطفال.
كما وجد الباحثون بأن شدة اضطراب ما بعد الصدمة في الأشهر الستة الأولى كانت مرتبطة بشدة الأضرار الجسدية الناجمة عن الحادث، ولكن ليس بعد ثلاث سنوات.
ولكن الباحثين أشاروا إلى أن مُعظم آباء الأطفال الذين استمرت إصابتهم باضطراب الشدة ما بعد الصدمة لثلاث سنوات بعد الحادث غير قادرين على تمييز أعراض الاضطراب عند أبنائهم. وهو ما يعني بأنه لا يمكن الركون إلى إجابات الآباء لتحديد مدى إصابة الطفل بالاضطراب أو عدمه.
كما وجد الباحثون بأن الأطفال كانوا أكثر عُرضةً للإصابة باضطراب الشدة ما بعد الصدمة إذا عانى آباؤهم منه على المدى القصير أو الطويل. إلا أن ذلك لا يزيد من قدرة الآباء على اكتشاف الاضطراب عند أبنائهم.