توصَّلت دراسةٌ حديثة إلى أن زمرةً دوائيةً شائعةً لعلاج الحموضة أو الحرقة المعدية قد تزيد من خطر السكتة الدماغية. والزمرةُ المعنيَّة هي مثبِّطات مضخَّة البروتون proton pump inhibitors (PPIs)، ومن أسمائها التجارية المعروفة نيكسيوم Nexium، بريفاسيد Prevacid، بريلوسيك Prilosec، بروتونكس Protonix. وتبلغ نسبةُ زيادة الخطر بشكلٍ عام حوالي 21 في المائة.
يقول المُعدُّ الرئيسي الرئيسي للدارسة الدكتور توماس سيهيستيد، مدير قسم الأبحاث بمؤسسة طب القلب الدنماركية: “يبدو أنَّ الخطرَ يترافق مع تناول جرعات عالية من هذه الأدوية، أمَّا استخدامُها بجرعات صغيرة فلا يبدو أنه يترافق مع زيادة في خطر الإصابة بالسكتة الدماغية. كما يعتمد الخطر على نوع الدواء أيضاً”.
وبحسب الباحثين، فإنَّ استخدام دواء لانسوبرازول lansoprazole (الاسم التجاري بريفاسيد Prevacid) يترافق مع زيادة مقدارها 30 في المائة في خطر السكتة، في حين تصل هذه النسبةُ إلى 94 في المائة مع استخدام دواء بانتوبرازول pantoprazole (الاسم التجاري بروتونيكس Protonix).
يُذكر بأنَّ شركة تاكيدا للصناعات الدوائية، المصنِّعة لدواء بروتونيكس الذي لا يُصرف إلا بموجب وصفة طبية، قد امتنعت عن الإدلاء بأيِّ تصريح عندما طُلب منها التعقيب على نتائج الدراسة.
لقد وجد الباحثون أنَّ مثبطات مضخة البروتون تزيد من خطر النوع الأكثر شيوعاً من السكتة الدماغية، والذي يُعرف باسم السكتة الإقفارية (سكتة نقص التروية) ischemic stroke، والتي تحدث عندما تسدُّ جلطات دموية أحدَ الأوعية الدموية المغذِّية للدماغ.
تُستخدَم مثبطاتُ مضخة البروتون في علاج الحرقة المعدية، وتتلخَّص آلية عملها بأنها توقِف عملَ الخلايا المنتجة للحمض في بطانة جدار المعدة.
وبحسب سيهيستيد، فإنَّ دارساتٍ سابقةً كانت قد وجدت بأنَّ استخدام مثبِّطات مضخة البروتون يترافق مع النوبات القلبية والخرف.
من الجدير ذكره بأنَّ تصميمَ الدراسة الحالية لم يُمكّن الباحثين من تفسير العلاقة بين استخدام مثبطات مضخة البروتون وزيادة خطر السكتة الدماغية، وبذلك فإنَّ الدراسةَ لم تُثبت علاقة سببٍ ونتيجة، وإنما مجرد ارتباط.
قام الباحثون في هذه الدراسة بتحليل سجلات ما يقرب من 245 ألف مريض دنماركي، بلغ متوسطُ أعمارهم 57 سنة. وكانوا جميعهم قد خضعوا لتنظير هضمي بهدف تحرِّي أسباب الألم المعدي وعُسر الهضم الذي يعانون منه.
وخلال مدة الدراسة التي استمرت ستَّ سنوات، وجد الباحثون بأن حوالي 9500 مريض أصيبوا لأول مرة بسكتة دماغية إقفارية.
قام الباحثون بالتحقُّق مما إذا كانت إصابةُ المرضى بالسكتة الدماغية كانت متزامنةً مع استخدامهم أياً من مثبطات البروتون التالية: أوميبرازول omeprazole (الاسم التجاري بريلوسيك Prilosec)، إيسموبرازول esomeprazole (الاسم التجاري نيكسيوم Nexium)، أو بريفاسيد Prevacid أو بروتونكس Protonix. كما تحرَّى الباحثون صنفاً آخر أيضاً من مضادات الحموضة يُطلق عليه اسم حاصرات الهيستامين2 H2 blockers، والتي تتضمَّن أسماء تجارية مثل بيبسيد Pepcid وزانتاك Zantac.
وجد فريقُ البحث أنَّ استخدامَ مثبطات مضخة البروتون يترافق مع زيادة في خطر السكتة الدماغية، ولكن استخدام حاصرات الهيستامين2 لم تترافق مع مثل هذا الخطر؛ وأنَّ الارتباطَ بين استخدام مثبطات مضخة البروتون وخطر السكتة الدماغية بقيَ قائماً حتى بعد أخذ بقية عوامل الخطر بعين الاعتبار.
يقول سيهيستيد: “لا أحد يعلم بالضبط ما هو سر الارتباط بين استخدام مثبِّطات مضخة البروتون وزيادة خطر السكتة الدماغية. ولعلَّ مثبطات مضخة البروتون تُقلل من مستويات بعض العناصر الكيميائية الضرورية لتعزيز وظائف الأوعية الدموية، كما أنَّ تراجعَ مستويات هذه العناصر الكيميائية يزيد من خطر السكتة الدماغية”.
تُباع مُعظمُ مضادات الحموضة من زمرة مثبطات مضخات البروتون في الصيدليات دون أن يحتاج صرفها إلى وصفة طبية، ويخشى الأطباءُ من أن الناس يُفرطون في استخدام هذه الأدوية دون مبرر حقيقي، وبذلك فإنَّ النصيحة الأوَّلية التي خرجت بها هذه الدراسة هي استخدام مضادات الحموضة عند الضرورة فقط، وبجرعات قليلة، ولأقصر فترة ممكنة.
من المعروف بأنَّ نتائج الدراسات المعروضة في الاجتماعات والمؤتمرات العلمية تبقى أوليةً، إلى حين نشرها في مجلة علمية محكمة.