توصَّلت دراسةٌ حديثة إلى أنَّ مشاهدةَ الأفلام أو البرامج، التي تتضمَّن مشاهد عنيفة أو مرعبة، قبلَ النوم من شأنها أن تستدعي بعضَ الصور المزعجة في أحلام الشخص، مُسبِّبةً له الكوابيس الليلية.
وجدت الدراسة أنَّ الأشخاصَ الذين شاهدوا مقاطع عنيفة قبل النوم ازداد لديهم احتمالُ رؤية الكوابيس الليلية بمعدَّل 13 مرة، وذلك بالمقارنة مع الأشخاص الذين لم يشاهدوا مثلَ تلك المقاطع العنيفة قبل النوم.
يقول المعدُّ المساعد للدراسة براد بوشمان، أستاذ الطب النفسي بجامعة أوهايو الأمريكية: “يُعد ذلك تأثيراً كبيراً جداً”.
جرى نشرُ الدراسة مؤخَّراً في مجلة الأحلام Dreamings، وقد لا تبدو نتائجُها مفاجأة للناس، وخاصةً من سبق وأن شاهد فلم رعب في ساعة متأخِّرة من الليل.
يقول بوشمان: “لم تُثبت دراستُنا علاقةَ سببٍ ونتيجة بين مشاهدة البرامج التلفزيونية أو الأفلام أو ألعاب الفيديو التي تتضمن مشاهدَ عنف من جهة، ورؤية الكوابيس الليلية من جهةٍ أخرى. وتتنوَّع التفسيرات المحتملة لهذه العلاقة، فقد يجنح الأشخاص الذين يرون كوابيسَ ليلية نحوَ مشاهدة البرامج العنيفة في التلفاز. ومن المحتمل أيضاً وجودُ عامل ثالث قد يُفسِّر ذلك”.
ويُضيف بوشمان: “إنَّ هذه النتائجَ تُعزز ما قد قيل سابقاً حولَ ضرورة منع الأطفال من مشاهدة أفلام الرعب أو العنف، سواءٌ قبلَ النوم أم في أثناء النهار. كما أنَّ ذلك ينطبق أيضاً على البالغين الذين يعانون من الكوابيس الليلية”.
استقى الباحثون نتائجَهم من خلال استبيان أجاب عنه أكثر من 1300 مواطن تركي، كان نصفُهم من الأطفال الذين لا تقلُّ أعمارهم عن 10 سنوات.
أفاد المشاركون عن استخدامهم الاعتيادي لوسائل الإعلام المرئي، بما في ذلك مقدارُ مشاهدتهم لبرامج عنيفة أو جنسية. كما جرى سؤالُهم عن أحلامهم الليلية، وما إذا كانت الأحلامُ ذات طبيعة عنيفة أو جنسية.
بعدَ ذلك، وجَّه الباحثون سؤالاً للمشاركين عن البرنامج الذي شاهدوه الليلة الماضية، وطبيعة الأحلام التي شاهدوها بعدَ ذلك.
أفاد 80 في المائة من المشاركين بأنهم يشاهدون كوابيسَ ليليةً في بعض الأحيان، ووجد الباحثون أنَّ الأشخاصَ الذين كانوا يميلون لمشاهدة البرامج التلفزيونية العنيفة أكثر مشاهدة للكوابيس الليلية.
كما عثر الباحثون أيضاً على صلةٍ بين مشاهدة البرامج الجنسية والأحلام ذات الطبيعة الجنسية، وإن لم تكن بنفس قوَّة العلاقة بين مشاهدة البرامج العنيفة والكوابيس الليلية، حيث ازداد احتمالُ مشاهدة حلم ذي طبيعة جنسية بمقدار 6 مرات لدى من يشاهدون أشياء جنسية قبل النوم.
وبحسب بوشمان، فقد تتباين نتائجُ الدراسة عندَ إجرائها في مجتمعات أخرى خارج تركيا، حيث يتميَّز المجتمع التركي بكونه محافظاً نسبة للمجتمعات الغربية.
والسؤالُ الآن، إذا أثَّرت المشاهدُ العنيفة في طبيعة أحلام الشخص، فهل سينعكس ذلك بالمقابل على حياته اليومية؟
يقول الدكتور جيني بريسين، اختصاصي الطب النفسي والمدير التنفيذي لمركز كلاي لصحَّة الشباب النفسية بمستشفى ماساتشوستس العام بمدينة بوسطن الأمريكية: “نعم، يمكن أن ينعكسَ ذلك على حياة الشخص اليومية؛ إذ تتقمَّص الأحلامُ الطبيعةَ الإدراكية
والعاطفية والاجتماعية التي تتفاعل معنا وتؤثِّر فينا، ولابدَّ أن يؤثِّرَ ذلك في سلوكنا اليومي بشكل واعٍ أو غير واعٍ”.