من المعروف بأن توتر المريض في عيادة الطبيب قد يؤدي إلى ارتفاع ضغط دمه وإعطاء قراءة خاطئة لقياس ضغط الدم لديه. إلا أن بعض الأشخاص يحدث لديهم العكس، إذ يبدو ضغط دمهم طبيعياً في عيادة الطبيب، ثم يعود للارتفاع في بقية اليوم.
يُطلق على هذه الظاهرة اسم “فرط ضغط الدم المُقنّع”، وإن الطريقة الأفضل للتحري عنه هو الطلب من المريض ارتداء جهاز خاص يقيس ضغط الدم بشكل تلقائي على مدى 24 ساعة.
اشتملت الدراسة على حوالي 900 شخص في متوسط العمر طلب منهم الأطباء ارتداء الجهاز المذكور. وكانت النتيجة أن ما نسبته 16 في المائة من أفراد العينة الذين أشار قياس الضغط لديهم في العيادة إلى قيم طبيعية، أظهر جهاز قياس الضغط الآلي لديهم قيماً مختلفة عن ذلك.
يقول المُعد الرئيسي للدراسة جوزيف شفارتز، أستاذ الطب النفسي وعلوم الاجتماع بجامعة ستوني بروك الأمريكية: “لقد أظهرت نتائج دراستنا بأن الأشخاص الموظفين الذين لا يُعالجَون حالياً من فرط ضغط الدم تكون قيم قياس ضغط الدم لديهم في العيادة أقل مما هو عليه الحال عند المشي، أو ما يُطلق عليه اسم ضغط الدم المُتجول ambulatory blood pressure”.
ويُضيف شفارتز: “من المهم جداً أن نهتدي إلى طريقة تساعد على خفض ضغط الدم المتجول. إذ يرتبط ارتفاع ضغط الدم بالإصابة بالسكتة الدماغية والفشل القلبي وفقدان الرؤية والفشل الكلوي، كما يموت آلاف الأشخاص سنوياً بسبب ارتفاع ضغط الدم”.
يُقاس ضغط الدم المتُجوّل في أثناء ممارسة نشاطات الحياة الاعتيادية، مثل المشي أو غيره. وإن نتائج هذا القياس تُعطي فكرة أفضل عن المخاطر الصحية التي تُحيط بالشخص، مما يمكن معرفته عند قياس ضغط الدم في العيادة.
وقد أظهرت الدراسة بأن الفارق في القراءتين يظهر جلياً عند الشباب والأشخاص النحيفين، ثم تتقلص الفجوة بين القياسين بعد بلوغ الشخص الستين من العمر وعند الأشخاص البدينين.
وفي معرض التعليق على الدراسة، يقول الدكتور جيرالد فليتشر، الناطق الرسمي باسم جمعية طب القلب الأمريكية: “على الرغم من أهمية نتائج هذه الدراسة، إلا أنه من غير الممكن حالياً قياس ضغط دم كل شخص على مدى 24 ساعة. ولكن إذا كان الشخص مُصاباً بارتفاع مستوى الكولسترول أو يعاني من البدانة، أو لديه تاريخ عائلي للإصابة بفرط ضغط الدم، فلا بد من أن يستفيد من هذا النوع من قياس ضغط الدم إذا كان قياس ضغط دمه طبيعياً في عيادة الطبيب”.
وبحسب فليتشر، فإن هذه الدراسة تُقوّض الادعاء أو القناعة السابقة التي تقول بأن ضغط الدم المتجول أقل من ضغط الدم المقيس في العيادة.
قام الباحثون بأخذ تسع قراءات لضغط الدم عند المشاركين على مدى ثلاث زيارات لعيادة الطبيب، بمعدل ثلاث قياسات في الزيارة الواحدة. كما قام الباحثون بقياس ضغط الدم المتجول على مدى 24 ساعة، حيث كان الجهاز يقيس ضغط دم المشارك بمعدل مرة كل نصف ساعة.
وبحسب مُعدي الدراسة، فإن جميع المشاركين كانوا موظفين ولا يتناولون أيّة أدوية لخفض ضغط الدم، وبلغ متوسط أعمارهم 45 سنة، وكان 80 في المائة منهم من العرق الأبيض. وجرى استثناء المتقاعدين بسبب ارتفاع خطر إصابتهم بفرط ضغط الدم.
بشكل عام، وجد الباحثون بأن حوالي 16 في المائة من المشاركين تباينت لديهم قياسات ضغط الدم المتجول مع قياسات ضغط الدم في العيادة، حيث كانت قيمة ضغط الدم الانقباضي في القياس المتجول أعلى بـ 7 مم زئبقي وسطياً من نظيرتها في القياس في العيادة (وصل الفارق إلى 10 مم زئبقي لدى ثلث المشاركين)، وكانت قيمة ضغط الدم الانبساطي في القياس المتجول أعلى بـ 2 مم زئبقي وسطياً من نظيرتها في القياس في العيادة.
وبحسب الباحثين، فإن ضغط الدم يمكن السيطرة عليه باستخدام الأدوية والحمية الصحية والتمارين الرياضية. ويُذكر بأن ارتفاع ضغط الدم كثيراً ما لا يُسبب أيّة أعراض لدى المرضى، ولذلك يُطلق عليه أحياناً اسم القاتل الصامت.