أفاد باحثون بأن دواءً تجريبياً جديداً لعلاج أحد الأمراض النادرة والقاتلة التي تُصيب الرّضع قد أظهر نتائج واعدة.
والمرض هو الضمور العضلي الشوكي من النمط الأول spinal muscular atrophy type 1 (SMA-1)، وهو مرض عضلي عصبي تنكسي يحدث بمعدل حالة واحدة لكل إحدى عشرة ألف ولادة.
وبحسب المعلومات الأولية الواردة في مستهل الدراسة، فإن هذا المرض يُصيب الأطفال الذين يمتلكون نسختين معيبتين من إحدى الجينات الأساسية في نقل الإشارات العصبية من النخاع الشوكي إلى العضلات، وينتج عنه ضمورٌ تدريجيٌ في العضلات ينتهي بعجز الطفل عن التنفس.
ويقول الباحثون بأن الأطفال المُصابين بهذه الحالة غالباً ما يموتون قبل بلوغ عامهم الثاني.
يقول المُعد المساعد للدراسة الدكتور جون داي، مدير عيادة الاضطرابات العضلية العصبية بمستشفى لوسيل باكارد للأطفال بمدينة ستانفورد بولاية كاليفورنيا الأمريكية: “لقد شهدتُ وفاة العديد من الأطفال بسبب هذا المرض”.
إلا أن نتائج المرحلة الثانية من التجربة السريريةً المجراة على دواء نوسينيرسن nusinersen الجديد، والتي شملت عشرين طفلاً مُصاباً بالمرض، أظهرت بأن الدواء كان آمناً، واستطاع تحسين الوظيفة العضلية والنشاط العصبي لدى معظم الأطفال المرضى.
ويشرح الباحثون آلية عمل الدواء، فيقولون إنه يلتحم مع الجينة المعيبة ويسمح لها بمعاودة نشاطها بصورة صحيحة.
وقد شجّعت هذه النتائج الباحثين على إجراء مرحلة سريرية ثالثة من التجارب، وهي الخطوة الأخيرة قبل إرسال النتائج لهيئة الغذاء والدواء الأمريكية لإقرار استخدامه على الأطفال المرضى.
وقد حصلت أول طفلة رضيعة، وتُدعى زوي هارتينغ، على الدواء في العام 2013، وكان عمرها حينها 7 أشهر. وبحسب الدكتور داي فإن الطفلة كانت عاجزة عن الجلوس أو الاستدارة على نفسها من وضعية الاستلقاء، وعاجزة أيضاً عن تحريك ساقيها أو رفع ذراعيها من وضعية الاستلقاء، وكانت تتنفس بصعوبة.
يقول والد الطفلة، بأن الأمر كان مؤلماً جداً لهم، حين كانوا يرون أقرانها الصغار يتحركون بيسر وسهولة فيما تعاني طفلتهم من أجل مجرد التنفس. وكان أحد الأطباء قد أخبرهم بأنها لن تتمكن من العيش لأكثر من سنتين، وأنهم لن يتمكنوا سوى من رعايتها ومنحها الحب والحنان، ريثما تواجه مصيرها.
إلا أن الدواء الذي ظهر لأول مرة في العام 2013 قد بدّل المعادلة كلياً. إذ إن الفتاة تبلغ الآن من العمر 4 سنوات وتتحسن باستمرار، ويمكنها حالياً تناول الطعام والحديث إلى من حولها، والتحرك بوساطة كرسي كهربائي، وأن تذهب إلى الروضة وأن تلعب مع والدها، الذي اشترى لها دراجة على أمل تساعدها على تقوية ساقيها.
يُذكر بأن أربعة من الأطفال المشاركين في الدراسة قد توفوا في أثناء إجرائها، وقد توفي أحدهم في وقت مبكر جداً من إجراء الدراسة بحيث لا يمكن احتسابه عند تحليل نتائجها.
عانى جميع الأطفال المشاركين في الدراسة من مشاكل مرتبطة بمرضهم، فقد كان 16 طفلاً منهم يعانون من 77 مشكلة مرافقة، مثل صعوبة التنفس أو العدوى التنفسية. وقد جرى اعتبار هذه المشاكل على أنها ناجمة عن المرض ذاته، وليست ناجمة عن تناول الدواء.
يقول المُعد الرئيسي للدراسة الدكتور ريتشارد فينكل، الاختصاصي بمستشفى نيوميروس للأطفال بولاية كاليفورنيا الأمريكية: “على الرغم من أن نتائج دراستنا واعدة، إلا أن الدواء الجديد لا يُشكل علاجاً نهائياً من المرض”.
ويُضيف: “على سبيل المثال، لقد لاحظنا تحسناً ملحوظاً في الوظيفة العضلية ، فقد تمكن بعض الأطفال الخاضعين للعلاج من الجلوس والاستدارة على أنفسهم من وضعية الاستلقاء، وتحسنت لديهم وظيفة التحكم بالرأس، والركل، والمسك باليد، والوقوف، وحتى المشي. إلا أن هذه التحسنات لم تُلاحظ عند الأطفال الذين تبدأ المشكلة عندهم منذ الولادة، فقد عجز الدواء عن استعادة المستويات الطبيعية من الوظيفة العضلية لديهم. وبالتالي ينبغي تفسير نتائج دراستنا بعناية، لأنها صغيرة نسبياً، ولكنها مع ذلك خطوة مهمة جداً على طريق الوصول إلى علاج نهائي للمرض”.