في العديد من الدراسات التي تسعى إلى حلّ لغز مرض باركنسون، اقتصر العلماء في بحثهم على الدماغ. ومع ذلك، يشير أحد الأبحاث الجديدة إلى أن هذا المرض العصبي التنكّسي قد ينشأ في الواقع في الأمعاء. وتَرِدُ تفاصيل هذه الدراسة في مجلة سِل.
وقد لاحظ الباحثون بأن الأشخاص المصابين بمرض باركنسون يشيرون في كثير من الأحيان إلى حدوث الإمساك، فضلاً عن مشاكل أخرى في الجهاز الهضمي، وذلك لمدة قد تصل إلى عشر سنوات قبل ظهور الارتعاشات (وهي الأعراض المعتادة لمرض باركنسون). وعزَتِ الدراسة سبب حدوث طفرات البروتين في الدماغ – والتي تعرف بأنها تسبب مرض باركنسون – إلى أحد الميكروبات في الأمعاء.
ويذكر بأنه قد تم وضع الفئران التي تمت تربيتها لتصاب بمرض باركنسون في أقفاص والتي كانت إما معقمة أو غير معقمة. وأظهرت الفئران في الأقفاص الخالية من الجراثيم تنكّساً حركياً أقل، كما انخفض تشابك البروتين ألفا ساينوكلين في أدمغتها. وكان لديها “أداء شبه طبيعي” في المهام الحركية، وقام الباحثون بحقن بكتيريا الأمعاء من المرضى البشر المصابين بمرض باركنسون إلى هذه الفئران، فتدهورت بسرعة، ولم تحدث هذه التأثيرات مع البكتيريا المأخوذة من البشر الأصحاء.
أما الفئران في الأقفاص الطبيعية غير المعقمة، فقد أبدت الأعراض المتوقعة من مرض باركنسون، وعندما تم علاجها بواسطة المضادات الحيوية، تراجعت الأعراض، مما يشير إلى فعالية النهج الميكروبي لهذا المرض.
ويذكر بأن بكتيريا الأمعاء المأخوذة من الأشخاص الأصحاء ليس لها نفس التأثير.
أمل للشفاء
ويقول كبير الباحثين سركيس مازمانيان: “لقد اكتشفنا وللمرة الأولى وجود ارتباط بيولوجي بين الميكروبات المتعايشة في الأمعاء ومرض باركنسون”. وبشكل أساسي، يعتقد العلماء بأن بكتيريا الأمعاء ربما تقوم بتحرير مواد كيميائية من شأنها تنشيط أجزاء الدماغ بشكل مفرط، مما يؤدي إلى التلف.
أما الخطوة التالية للباحثين فهي تحديد الميكروب الذي يسبب المرض بشكل خاص، من بين مزيج هذه الميكروبات المتعايشة في الأمعاء. وفي حال أمكن تحديد هذه السلالات الخاصة، فيمكن للعلماء إيجاد وسيلة للكشف عن هذا المرض قبل ظهور الأعراض وتلف الدماغ.
ويقول مازمانيان: “وعلى غرار أي عملية اكتشاف دوائي أخرى، فإن نقل هذا العمل المبتكر من الفئران إلى البشر سوف يستغرق عدة سنوات، ولكن هذه الخطوة الأولى مهمة”.