هناك ما يقدر بنحو 25 ألف جين في الجينوم البشري، والتي تتألف من حوالي 3 مليارات زوج من قواعد النوكليوتيدات. وقد استغرق مشروع الجينوم البشري (HGP) ما يقارب من 15 عاماً و2.7 مليار دولار أمريكي لتحديد تسلسل الجينوم البشري بأكمله (ناقصاً حوالي 1 في المئة) وذلك باستخدام الحمض النووي لعدد من المتطوعين.
في الوقت الراهن عرضت شركة إلّومينا لتحديد التسلسل – والتي تتخذ من سان دييغو مقراً لها – لأول مرة جهازاً جديداً لتحديد التسلسل – نوفاسيك (نوفاسيك 5000 ونوفاسيك 6000) – والتي تقول بأنه سيكون قادراً يوماً ما على تحديد تسلسل الجينوم بأكمله مقابل أقل من 100 دولار أمريكي وخلال أقل من 60 دقيقة. ويعدّ ذلك فارقاً كبيراً في كل من التكلفة والوقت بالمقارنة مع الجينوم الأول الذي تم تحديد تسلسله، لكنه يسير بنفس الاتجاه. وفي عام 2006، أصدرت شركة إلّومينا جهازها الأول، والذي يمكنه أن يحدّد تسلسل الجينوم مقابل 300 ألف دولار أمريكي، إلا أن هذا السعر انخفض إلى 1000 دولار أمريكي في العام الماضي.
ويقول جورج تشرش، وهو بروفيسور علم الوراثة في كلية الطب بجامعة هارفارد: “تعدّ هذه الأخبار جيدة، وتؤكد على أن المجال لا يزال سليماً للغاية بحيث أن هبوط السعر ما زال يعتبر جيداً للأعمال التجارية”.
مستقبل تحديد التسلسل
وفي حين أن نوفاسيك لم تتمكن بعد من إجراء مثل هذا التحديد غير المكلف للتسلسل، إلا أن توقعات شركة إلّومينا الواعدة تعدّ مثيرة، على أقل تقدير.
ويذكر بأن هذا التقدم الهائل في تكنولوجيا تحديد التسلسل من شأنه أن يكون له آثار في مجال الأبحاث وعلى المواطن العادي على حد سواء. كما يمكن للانخفاض الشديد في التكلفة أن يسمح بتحقيق تقدم أسرع في مجال الأبحاث السريرية، مما يدفع أبحاث السرطان وغيره من الأمراض المرتبطة بالوراثة إلى الأمام.
وحتى خارج نطاق المزايا الواضحة التي يمكن للجهاز أن يوفرها للأنواع المختلفة من الأبحاث، فيمكنه أيضاً أن يقدّم إمكانيات لا تصدق للأفراد. كما تقوم بعض الشركات مثل “23 أند مي” و”أنسيستري دي إن إيه” والتي تستخدم أجهزة تحديد التسلسل (من شركة إلّومينا في كثير من الأحيان) بتقديم ما يرضي الأشخاص الذين يتطلعون إلى معرفة المزيد حول الجينوم الخاص بهم. وعلى الرغم من أن التسلسلات (والتحليلات الوجيزة والمشكوك فيها) التي تقدَّم للمستهلكين، شيئاً مثيراً للاهتمام، إلا أنها لا تنفع للأغراض العملية الجادة.
ويمكن لتحديد التسلسل الجينومي السريع ومعقول التكلفة أن يحدث ثورة في الطريقة التي يتم بها تقييم صحة الإنسان. ولأن الناس مؤلّفون من مثل هذه الخصائص الفريدة، فإن نقل الرعاية الصحية نحو نهج أكثر تخصيصاً يمكنه زيادة معرفتنا للأمراض المعروفة وإتاحة الفرصة لخيارات علاجية أكثر ملاءمة. وفي حال أتيح لجميع المرضى الذين يتلقون العلاج الطبي إمكانية الوصول إلى تسلسلهم الجينومي الكامل، فيمكن لأطبائهم الحصول على المزيد من المعرفة.
وعلى الرغم من أن أجهزة نوفاسيك لم تتمكن بعد من تحديد تسلسل الجينوم بأكمله مقابل أقل من 100 دولار أمريكي، وأن البيانات الخام التي يمكن أن تتولد خلال أقل من ساعة تستغرق وقتاً أطول بكثير لتفسيرها، فإنه عندما يتم اعتماد هذه التكنولوجيا الجديدة، فمن المتوقع أن يهبط السعر، كما سينخفض الوقت اللازم للتحليل المفيد للبيانات أيضاً.
وفي حين أن الجهاز حالياً لا يملكه سوى ستة عملاء – بمن فيهم مختبر بيوهب لمبادرة شان زوكربيرج، ومعهد برود التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة هارفارد، وشركة ريجينيرون، وشركة هيومان لونجفيتي – إلا أننا نأمل أن تُثبت فترة الاختبار الأولية هذه بأنه سيكون هناك مستقبل مشرق لهذا الجيل القادم من أجهزة تحديد التسلسل.