أصدر مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها تقريراً حول مريضة توفيت بسبب إحدى أنواع البكتيريا المقاوِمة لجميع المضادات الحيوية الـ 26 المتوفرة في الولايات المتحدة، بما فيها المضاد الحيوي الذي يعتبر “الملاذ الأخير”. اذ يتم العمل حالياً على عدد من المبادرات والدراسات، ولذلك نأمل بإيجاد بديل عن المضادات الحيوية الحالية قبل انتشار إحدى أنواع هذه البكتيريا بشكل كبير.
إن قضية البكتيريا ذات المقاوَمة المدهشة للمضادات الحيوية ليست جديدة. لدرجة أن الأمم المتحدة (UN) قامت في عام 2016 برفع مشكلة المقاوَمة للمضادات الحيوية إلى مستوى الأزمة، وإعلان أنها “تهديد أساسي وطويل الأمد لصحة الإنسان والإنتاج الغذائي المستدام والتنمية”، على حد تعبير الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون.
ومن الواضح بأن أزمة المقاوَمة للمضادات الحيوية ونمو البكتيريا المقاوِمة يسيران جنباً إلى جنب، وقد أصدر حالياً مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) – وللمرة الأولى على الإطلاق – تقريراً حول مريضة توفيت بسبب إحدى أنواع البكتيريا المقاوِمة لجميع المضادات الحيوية الـ 26 المتوفرة في الولايات المتحدة.
وجاء في التقرير:
في 25 أغسطس 2016، تم إبلاغ إدارة الصحة في مقاطعة واشو في رينو بولاية نيفادا عن مريضة مقيمة في مستشفى للرعاية الصحية الحادة وتعاني من البكتيريا المعوية المقاوِمة للكاربابينيم (CRE) والتي أبدت مقاومة لجميع الأدوية المضادة للميكروبات المتوفرة. وتم عزل هذه البكتيريا الخاصة – الكلبسيلة الرئوية – من إحدى عينات الجروح المأخوذة في 19 أغسطس 2016. وبعد أن تم تحديد هذه البكتيريا، فقد وُضعت المريضة في غرفة منفردة. ويذكر بأن المريضة نقلت مؤخراً إلى أحد المستشفيات خارج الولايات المتحدة.
وكانت المريضة امرأة تبلغ من العمر 70 عاماً وأدخلت سابقاً إلى أحد المستشفيات في الهند بسبب كسر في الساق، مما أدى إلى حدوث عدوى في العظام. وتبين بأن هذه العدوى مقاوِمة للمضادات الحيوية الـ 26 المتوفرة في الولايات المتحدة. ومع ذلك، فقد كشف التحليل التالي للوفاة بأن هذه البكتيريا كانت عرضة للتأثر نوعاً ما بالفوسفوميسين، وهو مضاد حيوي غير معتمد في الولايات المتحدة لعلاج نمط العدوى الذي أصيبت به المريضة.
إذاً، كيف تمكنت هذه البكتيريا من أن تصبح مقاوِمة لـ 26 نوعاً من الأدوية المضادة للميكروبات؟
يتمثل أحد الطرق المحتملة لاكتساب مقاوَمة لبعض المضادات الحيوية أو جميعها من خلال تبادل البلازميد البكتيري، وهو حمض نووي ريبي منقوص الأكسجين عائم وخالٍ من العقد ويمكن البكتيريا أن تمرره ذهاباً وإياباً بين بعضها البعض. فلنقل بأن البكتيريا “أ” المقاوِمة للكوليستين اجتمعت في الأمعاء مع البكتيريا “ب” المقاوِمة للكاربابينيم. وفي حين تبقى هذه البكتيريا غير نشطة، إلا أنها يمكن أن تستمر في تبادل البلازميدات مع غيرها من البكتيريا التي قد يتعرض لها الشخص، والنتيجة هي بكتيريا مقاوِمة بشكل عام.
ورغم ذلك، فقد يكون هناك ما هو أكثر إثارة للقلق من هذه البكتيريا الخاصة المقاوِمة لجميع المضادات الحيوية الـ 26، ألا وهو مقاومتها للكوليستين بالتحديد، والذي غالباً ما يعتبر الملاذ الأخير من المضادات الحيوية، وتنجم المقاوَمة له عادةً عن طريق الجين MCR-1. ومع ذلك، ووفقاً لمركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها: “بسبب ارتفاع التركيز التثبيطي الأدنى (MIC) للكوليستين، فقد تم اختبار البكتيريا المعزولة في مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، لفحص جين MCR-1، والذي يمنح مقاوَمة متوسطة بالبلازما للكوليستين، وكانت النتائج سلبية”. وهكذا فلم تكن هذه البكتيريا مقاوِمة للكوليستين فقط، بل لم نعرف لماذا كانت مقاوِمة أيضاً.
وقد أُبقيت الضحية – التي ذُكرت في تقرير مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها – معزولة خلال إقامتها في المستشفى، وحتى الآن لم يُلاحظ أحد أي رجوع لهذه البكتيريا المعوية المقاوِمة للكاربابينيم عند مرضى آخرين في المستشفى. ومع ذلك، فليس هناك بعد أي ضمان بأن هذه البكتيريا قد اندثرت رسمياً. وحتى لو حدث ذلك، فمن المرجح أن تظهر في المستقبل بكتيريا أخرى مقاوِمة عالمياً. إذاً، هل هناك شيء يمكننا القيام به في الوقت الراهن لمكافحة البكتيريا المقاوِمة؟ لحسن الحظ، يتم حالياً العمل على العديد من المبادرات والدراسات، ولذلك نأمل بإيجاد بديل عن المضادات الحيوية الحالية قبل انتشار إحدى هذه البكتيريا بشكل كبير.