قام الباحثون بتطبيق العديد من تقنيات تحليل العلوم العصبية التقليدية على المعالج الدقيق 6502 لجهاز الألعاب أتاري 2600، ووجدوا بأنها لا تقدم معلومات قوية حول كيفية عمل النظام فعن طريق اختبار تقنيات التحليل الحالية على الأنظمة التي نفهمها، يمكننا تحسين جدوى هذه التقنيات في شرح الأنظمة التي لا نفهمها كالدماغ البشري.
من الاستخفاف أن نقول بأن الشبكات العصبية – والتي هي أساس الدماغ البشري – صعبة الفهم، فهي في الواقع معقدة جداً، ولذلك يسعى الباحثون في مجال علم الأعصاب باستمرار نحو تحسين طرق تحليل الدماغ، ويأملون بأن يتوصلوا في نهاية المطاف إلى ما من شأنه أن يزودنا بمعلومات حول كيفية معالجة الدماغ للمعلومات.
وتبدأ الكثير من أبحاث علم الأعصاب بجمع الكثير من بيانات نشاط الدماغ ومن ثم تحليل تلك البيانات باستخدام الخوارزميات. ومع ذلك، يبقى من الصعب اختبار صحة هذه التقنيات في تحليل البيانات، لأن كيفية عمل الأجهزة العصبية البيولوجية لا تزال غير واضحة.
وقد أراد الباحثان إيريك جوناس من جامعة كاليفورنيا في بيركلي وكونراد كوردنغ من معهد إعادة التأهيل في شيكاغو والتابع لجامعة نورث وسترن أن يختبرا مدى فعالية بعض تقنيات علم الأعصاب المستخدمة على نطاق واسع، ولكن بدلاً من اختبار هذه التقنيات على الدماغ الحي، قاموا بتطبيقها على نظام حاسوبي من صنع الإنسان، والذي هو أبسط بكثير من الشبكات العصبية البيولوجية، وهو جهاز الألعاب الكلاسيكي أتاري 2600.
وقام الباحثان في دراستهما بتطبيق العديد من تقنيات تحليل العلوم العصبية التقليدية على المعالج الدقيق 6502 لجهاز الألعاب أتاري 2600، وهو نظام حاسوبي يفهمانه بالفعل. وأوضح جوناس: “بما أن الإنسان هو من قام بتصميم هذا المعالج ابتداءً من الترانزستور وصولاً إلى البرنامج، فنحن نعرف كيفية عمله بكافة المستويات، ونفهم ما يعنيه هذا النظام بشكل بديهي. وكان هدفنا هو تسليط الضوء على بعض أوجه قصور الفهم الناجمة عن تطبيق تقنيات التحليل المعاصرة على مجموعات البيانات الضخمة لأنظمة الحوسبة”.
أدوات وحدود العلوم العصبية
وقام الباحثان بتطبيق هذه التقنيات القياسية لتحليل العلوم العصبية على المعالج الدقيق لجهاز الألعاب أتاري 2600 لاختبار مدى قدرتهم على تسليط الضوء على الخصائص المعروفة، مثل الاتصالات بين الأجزاء المختلفة من الرقاقة أو ما يحدث عندما يتم تخريب الترانزستورات. وللأسف، لم تكن النتائج مُرضية، ولم تتمكن التقنيات من تقديم نفس مستوى الفهم الذي يتوصل إليه طالب الهندسة عند دراسته للنظام.
وأوضح الباحثان في الدراسة التي نُشرت في مجلة PLOS Computational Biology: “لقد أظهرنا بأن هذه التقنيات تكشف عن بنية البيانات ولكنها لا توضح التسلسل الهرمي لمعالجة المعلومات في المعالج الدقيق. وهذا يشير إلى أن التقنيات المستخدمة حالياً في تحليل العلوم العصبية قد تكون قاصرة عن إنتاج فهم هادف للأجهزة العصبية، بغض النظر عن كمية البيانات”.
وبالتأكيد، فإن مجال العلوم العصبية قد زاد بشكل كبير من فهمنا لكيفية عمل الدماغ. وكما قال كوردنغ: “يتطلب التقدم تحسين التجارب والنظريات وتقنيات تحليل البيانات”. ولا تكون البيانات الكبيرة فعالة دائماً في فهم آلية عمليات الدماغ. وأشار جوناس: “بدون التفكير الدقيق، قد لا ترقى تقنيات البيانات الكبيرة المستخدمة حالياً على العلوم العصبية إلى مستوى وعودها أو تنجح في تطوير هذا المجال”.
وأخيراً، فإن الدراسة تكشف عن محدودية التقنيات الحديثة للعلوم العصبية، ولهذا السبب يقترح الباحثان استكشاف طرق جديدة لفهم الدماغ بشكل أفضل، تماماً كما فعلا في تجربة جهاز الألعاب أتاري. ووفقاً لجوناس: “يمكننا أن نتعلم الكثير عن كيفية تصميم الأنظمة البيولوجية من خلال تصميم الأنظمة الاصطناعية”.