توصلت دراسة حديثة إلى أن قسوة الأبوين في التعامل مع المراهق، بما في ذلك التوبيخ المستمر والضرب والتهديد بالقيام بأقسى العقوبات، ينعكس سلباً على المراهق ويدفعه نحو السلوكيات المنحرفة بدلاً من تأديبه.
اشتملت الدراسة على حوالي 1500 طالب مراهق قام الباحثون بمتابعتهم لمدة تسع سنوات، ووجدوا بأن الطلاب الذين كانوا يُعاملون بقسوة من قبل ذويهم في الصف الأول الإعدادي (السابع) كانوا أكثر ميلاً لسلوك تصرفات سيئة بالمقارنة مع أقرانهم، مثل التسكع في الشوارع بدل كتابة الوظائف، أو الانخراط في سلوكيات جنسية أو عدوانية، كما ازدادت نسبة التسرب من المدارس بينهم.
تقول المعدة المساعدة للدراسة روتشيل هينتجز، الباحثة بقسم الطب النفسي بجامعة بتسبورغ الأمريكية: “عندما نفكر بالحلول، فينبغي علينا إيلاء الأهمية للبيئة المحيطة بالطالب، فإذا كان يعيش في بيئة تنطوي على الكثير من القسوة أو الخطر، فينبغي أن نركز على المكافآت الفورية وقصيرة الأمد، أما إذا كان يعيش في بيئة مستقرة وآمنة، فمن الأفضل أن نوجه اهتمامنا نحو الأهداف بعيدة المدى، مثل التعليم”.
وعلى الرغم من أن الباحثين وجدوا علاقة بين قسوة الأبوين وجنوح المراهق نحو السلوكيات الخاطئة، إلا أنهم لم يثبتوا علاقة سبب ونتيجة بينهما.
وبحسب معدي الدراسة فإن ثلثي المراهقين الأمريكيين يتسربون من التعليم قبل إتمام المرحلة الجامعية، وكانت دراسات سابقة وجدت بأن الأطفال الذين يتعرضون للمعاناة والأوضاع الصعبة في عمر مبكر (بما في ذلك قسوة الوالدين وسوء معاملتهم) يزداد احتمال مواجهتهم لمشاكل في المدارس وتسربهم منها.
قام الباحثون بتحري بيانات حوالي 1500 طالب من ولاية ميريلاند الأمريكية ومتابعتهم منذ الصف السابع وحتى عمر الحادية والعشرين. وكان هؤلاء الطلاب ينتمون لمجموعات عرقية وإثنية وطبقات اقتصادية اجتماعية مختلفة.
وقد عرف الباحثون قسوة الوالدين بأنها توبيخ وضرب الطفل وتهديده لفظياً أو جسدياً بالعقاب. ووجد الباحثون بأن الأطفال المعرضين لمثل هذه المعاملة كانوا يعتبرون مجموعات أصدقائهم أكثر أهمية من حياتهم الأسرية والالتزام بتعليمات الوالدين، وذلك عند وصولهم للصف التاسع (الثالث الإعدادي).
وعند الوصول للصف الثاني الثانوي، كان هؤلاء الطلاب أكثر انخراطاً في سلوكيات جنسية منحرفة أو في السلوكيات العنيفة والإجرامية، وكانوا أكثر احتمالاً للتوقف عن التعليم بعد انتهاء المرحلة الثانوية.
ويؤكد الخبراء على ضرورة أن يكون سلوك الآباء تجاه أبنائهم رحيماً وحازماً في الوقت ذاته، فيكونوا مثل كرة التنس.. تستطيع الارتداد عن الأرض وامتصاص الصدمات، دون أن تتمزق أو يتغير شكلها تحت الضغط.