توصلت دراسة حديثة إلى أن دواءان قابلان للحقن يمكن أن يساعدا على خفض مستويات الكولسترول أكثر من الستاتينات، بما قد يُقلل إلى حد بعيد من معدلات الإصابة بالنوبات القلبية أو السكتات الدماغية مستقبلاً.
ولكن المشكلة الحالية تكمن في غلاء ثمن هذين الدواءين، إذ تصل تكلفة العلاج بهما إلى حوالي 14 ألف دولاراً في السنة، ما يثير التساؤل عن جدوى استخدامهما.
وبحسب بعض أطباء القلب والأوعية الدموية فإن استخدام هذين الدواءين الجديدين ينبغي أن يقتصر على المرضى من ذوي الخطر الأعلى للإصابة بأمراض القلب.
يحمل الدواءان الجديدان اسمي إيفولوكوماب evolocumab (الاسم التجاري: ريباثا Repatha) و إنكليسيران inclisiran، ويستهدف كلا الدواءين الإنزيم PCSK9 الذي يُنظم قدرة الكبد على التخلص من الكولسترول السيء منخفض الكثافة (LDL) من الدم. وعند تثبيط هذا الإنزيم يتحفز الجسم على التخلص من المزيد من الكولسترول.
وقد أظهرت التجارب السريرية بأن استخدام دواء إيفولوكوماب ارتبط مع تراجع احتمال الإصابة بحالات خطيرة من الأمراض القلبية عند المرضى الذين كانوا يتناولون الستاتينات عقب تعرضهم لأمراض قلبية. وتشتمل هذه الحالات القلبية الخطيرة الموت القلبي المفاجئ، والنوبة القلبية، والسكتة الدماغية، والذبحة الصدرية التي تستدعي الجراحة لعلاجها.
يقول المعد الرئيسي للدراسة الدكتور مارك ساباتين، رئيس قسم طب القلب والأوعية الدموية بمستشفى بريجمان للنساء بمدينة بوسطن الأمريكية: “لقد ترافق استخدام دواء إيفولوكوماب مع تراجع قدره 20 في المائة في خطر الإصابة بالنوبات القلبية أو السكتات الدماغية أو الموت القلبي المفاجئ. وإن استخدام هذا الدواء في علاج مرضى القلب الذين يتناولون الستاتينات مسبقاً يُقلل من خطر النوبات القلبية والسكتات الدماغية لديهم مستقبلاً، كما إن الدواء يتميز بهامش أمان ممتاز”.
وفي معرض التعليق على نتائج الدراسة، يقول الدكتور جريج ستون، مدير مركز أبحاث الأمراض القلبية والوعائية بكلية الطب بجامعة كولومبيا الأمريكية: “رغم النتائج الإيجابية، فإن دواء إيفولوكوماب لا يُقلل من خطر الوفاة بسبب الأمراض القلبية إطلاقاً عند المرضى”.
يُذكر بأن دواء إيفولوكوماب يُكلف حوالي 14 ألف دولار سنوياً، وقد جرى طرحه في الأسواق منذ عامين تقريباً. وهو يعمل عن طريق أجسام مضادة صناعية تعمل على تثبيط مستقبلات إنزيم PCSK9 في الكبد.
وبالمقارنة مع دواء إنكليسيران، الذي يمثل الجيل الثاني من مثبطات إنزيم PCSK9، والذي يعمل على تثبيط قدرة الكبد على إنتاج هذا الإنزيم، فإن الدواء قادر على تخفيض مستوى الكولسترول بنسبة 30-50 في المائة زيادة عما تستطيع الستاتينات فعله، وذلك بحسب ما صرح به الدكتور كوسيك راي، اختصاصي أمراض القلب والأوعية الدموية بالكلية الملكية بلندن. بالإضافة إلى ذلك، فإن دواء إنكليسيران قادر على الاحتفاظ بفعاليته لفترة أطول، ما يعني بأن المريض لا يحتاج إلى زيارة الطبيب لمرات كثيرة لأخذ الدواء.
ويُضيف راي: “إن الجرعة الأفضل من دواء إنكليسيران هي حقنة أولية تتبعها حقنة مُعززة بعد ثلاثة أشهر، ومن ثم حقنة أخرى بعد ستة أشهر. في حين أن دواء إيفولوكوماب ينبغي أخذه بشكل شهري أو نصف شهري. وبمقارنة بسيطة نرى أن دواء إنكليسيران يتطلب أخذ 3 أو 4 جرعات في السنة، في حين أن دواء إيفولوكوماب يحتاج 12 أو 24 جرعة في السنة”.
يُذكر بأن كلا الدواءين يتمتعان بهامش أمان جيد، ولم تسجل أية آثار جانبية خطيرة من استخدامهما، وقد يكونان أكثر أماناً من الستاتينات.
وتبقى المشكلة في غلاء ثمن هذين الدواءين، التي لا يمكن أن توازي الفائدة المحققة منهما مقارنةً بالستاتينات، وقد ينحصر استخدامهما على المرضى من فئة الخطر المرتفع للإصابة بأمراض القلب.
جرى نشر الدراسة في السابع عشر من شهر مارس الحالي في مجلة نيو إنجلاند الطبية New England Journal of Medicine، ومن المقرر أيضاً عرض نتائجها في الاجتماع السنوي للكلية الأمريكية لطب القلب الذي سيُعقد في العاصمة الأمريكية واشنطن