لا أعرف ما إذا كان الدكتور صادق جلال العظم، رئيس رابطة الكتاب السوريين، جاداً بشأن الرسالة التي وجهها باسم رابطته إلى الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب (هذا إذا كان على علم بالرسالة التي نشرتها جريدة القدس العربي باسمه في الثالث عشر من هذا الشهر)، وطالب فيها بضم رابطته إلى الاتحاد بديلاً عن اتحاد الكتاب العرب، ممثل نظام بشار الأسد من الاتحاد الأم، أم أنه (في حال كان هو الذي أرسلها) كان يؤدي من خلالها عملاً روتينياً يُذكّر فيه بأن رابطة الكتاب السوريين التي أنشئت عام 2012 في فورة تأسيس كيانات ونقابات معارضة لا تزال على قيد الحياة!
ولا أعرف ما إذا كانت معلومات الدكتور العظم بشأن الرابطة التي يريد إحلالها بديلاً لاتحاد الكتاب التابع للنظام تتجاوز بأنه الرئيس الشرفي لها، وعليه فقد كان من المنطقي قبل أن يوجه رسالته، أو يوافق على من اقترح عليه فكرة الرسالة وصيغتها وربما قرأها عليه عبر سكايب، أن يسأل نفسه ما الذي لم تفعله رابطته من كل الاتهامات التي وجهها العظم في رسالته لاتحاد الكتاب العرب التابع للنظام، والتي تتضمن لائحتها طرد الاتحاد لأعضائه بحجج واهية، ونعت كل مَن يخالف النظام بالخيانة، وتزوير الانتخابات وتدخل أجهزة الأمن في شؤونه، وتوزيع المكاسب بين المتنفذين والمنتفعين؟
منذ تأسيسها (على يد نوري الجراح وقبل أن يتركها إلى سبوبة أخرى) كانت العقلية التي أسست وأدارت اتحاد الكتاب العرب في دمشق هي القانون الذي سار فيه مؤسسو رابطة الكتاب السوريين، فاعتمدت أولاً على تنسيب كم ممن سيُعاملون باعتبارهم أصواتاً ناخبة تصب في صالح مُنسبيهم في أية انتخابات قد تجري، وهذا ما حدث بالفعل، وتقصدت استثناء أسماء بحجج لا علاقة لها بالكتابة، كما حدث عندما وضع فيتو على اسم الدكتور عبدالرزاق عيد، ولم تشترط نتاجاً مطبوعاً لأي كاتب يود الانتساب إليها، أو سوية فنية وإبداعية، وقبلت المدون وكاتب المقال السياسي والسجين السابق وكاتب ستاتوس الفيسبوك، كما حدث مع ياسين سويحة وسواه من مدونين ومحامين، لمجرد أنهم كتبوا مادةً هنا أو مقالاً هناك، وعاملتهم على حد سواء مع الروائي والشاعر والمسرحي.
بعد مشكلة التأسيس الذي تولاه مجموعة من ضعاف الموهبة وحاملي مظلوميات السجن وجوعى السلطة الذين قرروا أخذ حصتهم من النفوذ والانتشار عبر مؤسسات الثورة، جاءت مأساة التمويل، فقبلوا بالتحول إلى مروجين لمشاريع سياسية لرجال أعمال مقابل تمويل مؤتمرهم الأول، وفيما بعد مجلتهم التي لا تزال تصدر بما يتحنن به عليهم رجال الأعمال هؤلاء من أموال، وفيما بعد حاولوا شرعنة وجودهم على رأس إقطاعيتهم فأجروا انتخابات لا تقل هزلاً عن انتخابات اتحاد الكتاب العرب التابع للنظام، واشترطوا على المرشحين فيها تشكيل قوائم تضمن بقاء وضعهم التسلطي على الرابطة، مع توزيع طائفي ومناطقي للمناصب يشبه توزيعات النظام الطائفية، ولكن بالاتجاه الآخر؛ لينتهوا في النهاية إلى مجموعة متقوقعة على نفسها، لا أحد يعرف نشاطاتها، ولا توجد شفافية في معاملاتها المالية، ولم تستطِع أن تقوم بدور أو تترك أثراً لدى السوريين خلال أربع سنوات من عمرها، وأقصى ما فعلته خلال وجودها هو مجاملة أعضائها لبعضهم البعض وتدبيج ملفات عن نتاجهم، وتنسيب أو طرد أعضاء حسب مصالحهم، وإضافة أسماء أو حذفها من هيئة تحرير مجلتهم ربما لمجرد مشاكل شخصية لا علاقة لها لا بالكتابة ولا بالسياسة ولا بالرابطة.
فهل هذه هي الرابطة التي يقترح الدكتور صادق جلال العظم ضمها إلى الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب بديلاً لاتحاد الكتاب العرب التابع لنظام بشار الأسد، فإذا كان الجواب نعم، فأظن أن الاقتراح الأنسب هو دمج اتحاد كتاب نضال الصالح برابطة كتاب جلال صادق العظم؛ لأنهما يكمل بعضهما البعض!
المصدر : هاف بوست عربي