أوضح الرئيس ترامب في فترة انتخابه للرئاسة الأميركية عن وجود العديد من القضايا المطروحة على الساحة الدولية أو اتفاقيات تم الوصول إليها في وقت سابق تشكل خطراً ويجب إعادة النظر فيها وكان الاتفاق النووي الإيراني واحداً من هذه الاتفاقيات.
فمن الصعب القول أن الاتفاق الذي وقعته إيران مع مجموعة الدول 5+1 في تموز من عام 2015 لديه ضمانٌ في المستقبل.
فبحجم الجهود الذي بذلها الرئيس السابق أوباما من أجل توقيع هذا الاتفاق لم يقف الرئيس الحالي ترامب عن مهاجمة هذا الاتفاق حيث أنه سيبذل قصارى جهده في اول فرصة تسمح له للعمل على عدم تطبيق هذا الاتفاق.
وفي إيران أيضاً أن الدوائر الغير راضية عن توقيع الاتفاق ليست قليلة وعدا عن انه في هذا الربيع سيتم انتخاب رئيس لإيران مما سيجعل من الاتفاق النووي أكثر أهمية.
ومن ناحية أخرى هنالك بعض الدول أيضاً غير راضية عن الاتفاق وبالأخص تلك الدول التي ترى أن إيران تشكل خطراً على أمنها القومي وفي مقدمة هذه الدول تأتي إسرائيل والمملكة العربية السعودية التي ترى بإيران أنها منافسة لها في المنطقة ولديها نفس الرؤية التي تمتلكها إسرائيل.
وفي المنتدى العالمي للعلاقات التي تم إنشاؤه من قبل تركيا وأميركا وروسيا والصين والمملكة المتحدة وفرنسا والهند وإسرائيل شارك فيه مجموعة عمل دولية مكونة من خبراء ايرانيين أصدروا به بيان في 17 آذار يتطرق إلى مستقبل الاتفاق النووي.
جاء في البيان أنه على الرغم من التسليم بوجود هيكلية اتفاق معقدة وطلب منه أن يكون صاحب أهداف رنانة وعلى الرغم من الصعوبات التي واجهها الاتفاق إلا أنه استطاع إلى الآن تحقيق النجاح.
وفي هذا السياق أيضاً ذكرت إيران الخطوات المتخذة لتنفيذ التزاماتها بموجب الاتفاقية من أجل طمأنة المجتمع الدولي حول البرنامج النووي وأشارت أيضاً إلى التزام مجموعة الدول 5+1 برفع العقوبات الاقتصادية عن إيران.
أي أن البيان أشار قبل كل شيء إلى أن الاتفاق مثالي واعتبره كاملاً وأكد على أنه من غير الممكن أن يكون الاتفاق أفضل في ظل الظروف الراهنة.
أي أن البيان أراد أن يؤكد على أن إعادة فتح التفاوض من أجل إرضاء جميع الأطراف ليس من شأنه أن يؤدي إلى نتائج مختلفة ولذلك فان إعادة التفاوض على الاتفاق من شأنه أن يفتح طريقاً لعدم الوصول إلى اتفاق وذلك ناتج عن سوء تقدير وقد يؤدي ذلك لحدوث كارثة في الشرق الأوسط.
ومن أهم التطورات التي ستضاف على مسار مستقبل الاتفاق النووي هو الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في إيران حيث أن الرئيس الحالي روحاني لعب دوراً هاماً في إبرام هذا الاتفاق وبعد أن تم الإعلان رسمياً عن أن روحاني سيعيد ترشيح نفسه للانتخابات يعتقد أنه سيتلقى الدعم من الدوائر الإصلاحية في إيران.
وبطبيعة الحال سوف يتم ترشيح مرشحين آخرين ومع ذلك فإن الخلاف لم يزل قائماً بين الإصلاحيين والمتشددين من الحرس الثوري حيث إن المتشددين سوف يرشحون محمد باقر قاليباف رئيس بلدية طهران وبالتالي فإن مهمة روحاني لن تكون سهلة.
وهناك دورٌ هام للاتفاق النووي في إعادة تصحيح العلاقات بين إيران والمجتمع الدولي وهذا التصحيح يكمن في رفع العقوبات الاقتصادية التي فرضت على الشعب الإيراني منذ سنين وهذا قد يؤدي إلى عودة ظهور الفرص الاستثمارية الدولية في إيران وهذا سوف يسمح بتطوير البيئة الاجتماعية مما سيؤدي إلى تعزيز احتماليات حدوث سلام في المنطقة.
وبالإضافة إلى المشاكل الناتجة عن الاتفاق النووي والتوترات والاختلافات في الرأي مع المجتمع الدولي حول ما يحدث في سوريا والعراق من الممكن مع استمرار جهود روحاني أن تتحول إيران إلى فاعل بناء في المنطقة ولكن يجب التوقع من معارضين جهود روحاني في الداخل الإيراني والخارج الإيراني أن يتصرفوا بعقلانية وأن يروا بيئة الواقع جيداً وبالطبع تأتي الولايات المتحدة ورئيسها الجديد دونالد ترامب في المقدمة.
أن التقارير المعدة من قبل من هم خارج الدوائر الرسمية في إيران وبالأخص تقييمات الخبراء الدوليين ومنظمات المجتمع المدني والتعبير عن رأيهم بخصوص مستقبل الاتفاق النووي هو أمرٌ مهم.
حيث يملأ التقرير الذي قدم في المنتدى العالمي للعلاقات فجوة في هذا الصدد وحث البيان جميع الأطراف المعنية إعلانهم مرة أخرى التزامهم بالاتفاق وقد أعلن المنتدى العالمي للعلاقات عن إعداده تقرير حول هذا الموضوع وسيتم نشره في الفترة المقبلة.
المصدر : صحيفة حريات ، ترجمة وتحرير وطن اف ام