مقالات

هيثم الزبيدي – يغصون بلاجئين

تتخذ نسبة كبيرة من الناس حول العالم موقفا معاديا للاجئين. هذا مفهوم عندما يأتي الموقف من أفراد وشعوب يرون في اللاجئين، خصوصا عندما يأتون بأعداد كبيرة خلال فترة زمنية قصيرة، خطرا يهدد معطيات اجتماعية ومادية وأمنية.

تختلط الصورة بين لاجئين ومهجرين ومهاجرين مع صور لألبسة مختلفة وعادات غير مألوفة، فيصبح الموضوع مادة خصبة للتأويل والمعاداة.

ما هو غير مألوف وربما غير مفهوم، هو أن يتخذ لاجئ سابق أو مهاجر موقفا معاديا للاجئين والمهاجرين. من الصعب تفسير هذه الظاهرة.

خذ مثلا موقف التيار الوطني الحر في لبنان. أبوه الروحي ميشال عون كان لاجئا لـ15 عاما في فرنسا. أخرج عنوة من لبنان بعد حرب شنها النظام السوري عليه في أوج سيطرة دمشق على مقدرات لبنان. هو ضحية سابقة للنظام السوري الذي يحس اليوم هو وصهره وزير الخارجية جبران باسيل بأنهما قريبان من هذا النظام.

لا تتوقف تصريحات “طلب المغادرة” من اللاجئين السوريين. هذا لا يعني أن تزايد أعداد اللاجئين السوريين في لبنان ليس مدعاة للقلق في بلد تهتز فيه التوزيعات الديمغرافية الطائفية والعرقية. ولكن الكلام هنا عن البعد الإنساني (أو – للدقة – انعدام البعد الإنساني) لشخص أو مجموعة عاشت تجربة التهجير.

لبنان مثال. المثال الآخر هو كوريا الجنوبية. تحتجز هذه الدولة المتقدمة والثرية 561 لاجئا يمنيا في جزيرة. بكل الأعراف، لا يمثل هذا العدد أي تهديد من أي نوع لبلد مثل كوريا الجنوبية.

في بلد هاتف سامسونغ الذي يريد أن يكون في كل يد حول العالم، وقع مئات الآلاف من الكوريين مذكرات تطالب بطرد هؤلاء اللاجئين. غص 52 مليون كوري جنوبي بخمسمئة لاجئ يمني.

يقف الرئيس مون جيه-إن صامتا أمام مثل هذه الطلبات. هو رئيس محترم وسياسي متوازن. لكنه ظل صامتا أمام مثل هذا المد المعادي للاجئين، في بلد ليس معروفا بسياسات الأذرع المفتوحة للقادمين بالأصل.

نسي الملايين من الكوريين الجنوبيين أنهم كانوا لاجئين ومهجرين بين جانبي الحدود خلال وبعد الحرب الكورية. الرئيس نفسه ابن لاجئ من الشمال أنقذته سفينة حربية أميركية مع 14 ألفا من المهجرين واحتضنه برنامج إعادة التوطين.

مات الأب بعد سنوات ومعه حسرة عدم القدرة على العودة إلى دياره. لم يتردد عمدة سيول بارك ون-سون من القول لأبناء بلده “اخجلوا. لقد كنا أيضا مهجرين”.

المثالان اللبناني والكوري الجنوبي قد تحركهما المسؤولية الحكومية أكثر من الدوافع العاطفية. ماذا عن عشرات الآلاف من المهاجرين العرب وغير العرب في بريطانيا ممن صوتوا للخروج من الاتحاد الأوروبي لأنهم تعبوا من المهاجرين القادمين من بلدانهم أو من أوروبا؟

المصدر : العرب 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى