تحدّث المسؤول العتيق نفسه في المنظمة اليهودية إياها المكلّفة رسمياً الدفاع عن مصالح إسرائيل داخل أميركا، وعن دوافع رفض رئيس مصر عبد الفتاح السيسي قيام قاعدة بحرية في غزة يتفاوض عليها الرئيس التركي أردوغان مع حكومة نتنياهو، قال: “الدافع الأول وقوع غزة تحت سيطرة “حماس” التابعة لـ”الاخوان المسلمين”.
والدافع الثاني هو العلاقة القوية بين “حماس” وتركيا من زمان وترسّخها واستمرارها ورسميتها. هناك مركز في اسطنبول تُدار منه هذه العلاقة. والسيسي يقول إنهم (الحمساويون) خطر إرهابي مثل “داعش” و”بيت المقدس” في سيناء. لذلك يجب عدم السماح لهم بالوقوع تحت سيطرة الأتراك وعلى نحو كامل. طبعاً لا أنسى هنا المشكلة الأخرى بين تركيا وإسرائيل المتعلقة بالباخرة “مرمرة”.
توصلت حكومتاهما الى حلول لغالبية المشكلات بينهما. فأسقطت تركيا الدعاوى القضائية التي رفعتها على إسرائيل. لكن ما تريده الأخيرة ضمانات بأن عائلات الأتراك الذين قتلوا على يد إسرائيليين في الباخرة المذكورة لن تعود مستقبلاً الى رفع دعاوى على إسرائيل. وهناك مشكلة ثالثة هي الغاز وتصديره الى تركيا. فذلك يحتاج الى أنبوب يمر في أراضي سوريا ولبنان وذلك مستحيل، أو يمر في قبرص. وذلك مستحيل أيضاً لأن العداء بين قبرص غير التركية وتركيا لا يزال مستمراً.
والله وحده يعرف موعد حل هذه المشكلة”. ماذا عن التفاهم الإسرائيلي – الروسي الذي لا أسميه حتى الآن اتفاقاً! سألتُ. أجاب: “ليس هناك اتفاق بالمعنى الرسمي للكلمة، ولا حتى تفاهم. لكن طبعاً علاقات إسرائيل وروسيا جيّدة جداً. وعلاقة نتنياهو وبوتين جيدة. طائرات روسيا الحربية “العاملة” في سوريا لمساندة الأسد تخترق أحياناً كثيرة المجال الجوي لإسرائيل. لكن هذه تركت ذلك يحدث ولا تحرّك ساكناً. طبعاً عندما قصفت إسرائيل أهدافاً في سوريا فإنها قد تكون أطلقت صواريخ من أرضها تلافياً للاصطدام مع روسيا في الأجواء السورية”.
سألتُ: ما هي رؤية إسرائيل لتطوّر الأوضاع في سوريا؟ أجاب: “تعتقد إسرائيل أن بقاء الأسد خطر عليها وكذلك استعادته السيطرة على سوريا كلّها، لأن ذلك يعني تحوّل سوريا كلها أو بعضها قاعدة إيرانية. ويشكّل ذلك خطراً كبيراً عليها وخصوصاً مع تحوّل لبنان من زمان قاعدة إيرانية أيضاً. وهي لا تزال تعتبر إيران خطراً وخصوصاً “حزب الله” الذي أسّسته ولا تزال ترعاه وتسيّره والذي يمتلك عشرات آلاف الصواريخ في لبنان وسوريا. فهو أصبح قوة إقليمية مهمة وجيشاً محترفاً. طبعاً ليس مريحاً استمرار الحرب في سوريا لكنه أفضل من انتصار الأسد على كل السوريين. استطاعت إسرائيل في حال الحرب هذه أن تحافظ على هدوء جبهتها مع سوريا (الجولان) رغم وجود إيران و”حزب الله” في مناطق عدة، وهي ساعدت عناصر “جبهة النصرة” في الجولان وفصائل معتدلة أخرى وتساعد الناس. وهي لن تترك أي مجال لكي تصبح هذه المنطقة خطراً عليها. أما في لبنان فإن هناك نوعاً من الردع المتبادل (توازن الردع) بين إسرائيل و”حزب الله”. وهو يهدِّدها بحرب نووية (استهداف مصانع الأمونياك في حيفا) إذا هاجمته في لبنان. وهي تهدِّده بحرب شاملة كاسحة لا تبقي شيئاً في لبنان ومن “الحزب” إن استهدفها أو سهَّل استهدافها. وفي حرب كهذه لا بد من سقوط ضحايا كثيرة من الجانبين. طبعاً هذا الخطر يبقى قائماً لكن الردع المتبادل يمنعه حتى الآن.
أما مستقبل سوريا فلا يزال غامضاً، جولات المفاوضات ستستمر وقد تأخذ سنوات. وعلى الأرجح فإن ما سنراه في النهاية هو “تقسيم واقعي” لها. الأسد سيبقى حاكماً لسوريا المفيدة التي حصّنها له الروس بعدما أدركت إيران مع حلفائها وبعد أربع سنوات من القتال أنها لن تستطيع منع انهياره الصيف الماضي”.
دار بعد ذلك حديث عن التقسيم المشار إليه. ثم سأل عن لبنان واحتمالات نشوب الحرب فيه فأجبت: لن يستقرّ لبنان على حال قبل حل مشكلة سوريا. وحاله اليوم مستقرة مقارنة بما يجري في محيطه. طبعاً استقراره هش في ظل خلاف “شعوبه” ووجود اللاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين على أرضه. علّق: “حزب الله” قادر على حسم الأمور بجيشه. لكن هل السنّة فيه قادرون على تأسيس جيش أو ميليشيات”؟ أجبت: قد يكون متفوقاً عليهم عسكرياً، لكنه لا يريد حرباً تورّطه وتهدّد طموحاته. كما أن السنّة قادرون بعد حسمه الأمور إذا فعل على إحراجه بعمليات عسكرية غير نظامية انتحارية وغير انتحارية”.
ماذا في جعبة أحد أهم المسؤولين النافذين في تجمع لغالبية المنظمات اليهودية الأميركية؟
المصدر : النهار