نادى أردوغان: أيتها الأمة هبي مع الحق ومع الشرعية ردي على العدوان.. أجابت الأمة (لبيك أردوغان لبيك)…
نداء وجهه الزعيم أردوغان مبكرا ليلة الخامس عشر والسادس عشر من يوليو الجاري إلى شعبه، من خلال نافذة صغيرة، هذا ما بقي لديه، بعد أن حاصره الانقلابيون، وحرموه من كل وسيلة اتصال، وما أكثرها في هذه الأيام.. ورغم ذلك كانت النافذة كافية لقلب الطاولة على المتآمرين وزلزلة الأرض من تحت أقدامهم.. التفاتة ذكية ومنحة ربانية جاءت في اللحظة المناسبة، كأنها قدر مكتوب، وهي كذلك قطعا، مكنت الزعيم من الإطلال على شعبه.
ظهر الزعيم في لحظة فارقة كان يحتاجها الشعب التركي؛ ليطمئن أولا على سلامة زعيمه، وليراه كما كان يلتقيه في كل مرة خطيبا مفوها، واثقا من نفسه، متماسكا صارما عزوما، وليستمع إلى توجيهاته، ويتحرك بناء عليها ثانيا، وهذا ما حصل.
قضى على الانقلاب الغادر في هذه اللحظة الفارقة، ليس قبلها وليس بعدها، عندها استجاب الشعب التركي وخرج إلى الشوارع والساحات بقضه وقضيضه، ملبيا نداء زعيمه المحبوب، خرج شعب تركيا بكافة أطيافه وتلاوينه وأحزابه عن بكرة أبيه، وانضم إلى زعيمه، مقتنعا ومدافعا عن الشرعية والاستقرار والتقدم، متصديا ومواجها بصدوره العارية دبابات الانقلابيين…خرج وهو يرفض دكتاتورية العسكر وقمعهم وتسلطهم المعهود، طبقا لسجلهم الأسود في أربعة انقلابات عسكرية سابقة جرت الخراب والدمار على تركيا.
هبة الشعب التركي واستجابته لنداء الزعيم كانت بمثابة استفتاء جديد للتصويت على خيارين: إما التقدم والاستقرار والديمقراطية، وإما الاستبداد والتخلف والفوضى.. واختار الشعب ما هو في صالحه، وليؤكد للزعيم مرة أخرى “نحن معك لإنجاز المهمة الناجحة التي بدأت بها عام 2002، وسنبقى معك حتى النهاية”.. حتى إكمال المهمة، وأمام الجميع بالطبع أهداف خطة طموحة لعام 2023، التي لا يمكن اعتبارها إلا نقلة نوعية تاريخية لا مثيل لها ستشهدها تركيا في مختلف مجالات الحياة.
الانقلاب الغادر ما كان عدوانا على شخص، بل كان عدوانا على القيم النبيلة التي يحملها هذا الزعيم، بل عدوانا على المبادئ السامية التي يبشر بها هذا الزعيم، بل على المواقف الجريئة والمنصفة التي عرف بها الزعيم رجب طيب أردوغان على مدى عقد ونصف من الزمن، والتي بسببها أصبح نصير المستضعفين، وبموجبها كسب احترام وحب شعبه، بل حب كافة شعوب العالم الإسلامي أجمع.
العدوان كان كبيرا.. بل كبيرا جدا.. ورغم أنه فشل فشلا ذريعا، لكن التصدي لآثاره وانعكاساته المحتملة مهمة لا ينبغي أن ينهض بها الشعب التركي وحده فحسب، بل ينبغي أن يشاطره العبء كافة المظلومين والمضطهدين في العالم أجمع، وعلى وجه الخصوص أولئك الذين احتضنتهم تركيا وفتحت أمامهم أبوابها وأراضيها بأريحية نادرة، ووقفت معهم ضد الاستبداد والقهر، بل وضحت بسبب ذلك بالكثير من المصالح والفرص.. إنها فوق ذلك مهمة الشرفاء في العالم أجمع دولا وشعوبا، بألّا يترددوا، بل يسجلوا موقفا تاريخيا مشرفا، ويساندوا تركيا في هذا الظرف الدقيق بالذات.. وقد كانت دولة قطر سباقة في هذا المجال، كما هو عهدنا بها.
المصدر : الشرق