مقالات

ميسرة بكور – كلاكيت رابع مرة: جنيف… المشهد الأول

أسدل الستار عن فصل جديد من دراما الحل السياسي، مسرح جنيف اربعة.

ولسان حال السوريين يقول: كلّما استيقــظ جنيف من غفوتـــه جلب التـعس إلينا.

في غمار بحثهم عن مخرج سياسي «حصرا» للثورة السورية التي باتت أزمة دولية حسب ما يحلو للإعلام تسميتها وهو حقيقة اختزال لتضحيات السوريين وانسياق وراء ما يفضله تنظيم الأسد من توصيف للمشهد السوري.

يفتح دي ميستورا مزاده في مشهد جديد من فصول جنيف الاربعة يقول فيه أن لديه خطتين «ب، ج» 2254. وأنه سيسترشد به ويمضي قدما بنوره.

قبل اندلاع الجولة الجديدة من المزاد الجنيفي على الثورة السورية، لم يكن أحد يراهن على شيء يصدر عن جنيف فضلا عن تحقيق خرق في مسار الحل السياسي غير المتناهي.

للأمانة نستطيع القول إن ثمة شيئا من التحلحل رافق دوران عجلة جنيف هذه المرة، خاصة باعتماد «السلال «الثلاث خاصة الوفد المفاوض وسلة تم الموافقة على ادراجها للحزمة التفاوضية لتصبح اربع «سلال «ستكون موضوع جنيف رابع مرة المشهد الثاني.

الشيء الوحيد الذي لا يختلف عليه اثنان أن المفاوضات استمرت حسب الجدول الزمني المحدد لها من قبل دي ميستورا الذي قدم في نهاية العرض «وثيقة المبادئ «لتنضم بدورها إلى جملة الوثائق والقرارات الأممية وشقيقاتها من جنيف واحد إلى بيان فيينا مرورا بميونخ والنقاط الست أصبحت اثنتي عشرة نقطة.

رغم تحفظي الشديد على كيفية تشكل وفد الهيئة العليا للمفاوضات «المحاصصة» وتوزيع كراسي جنيف على أعضاء الوفد، كنا نقف خلف الوفد في جنيف نشد على أيديهم بقوة.

واعتقد أنه من الصواب القول إن وفد الهيئة قد نجح إلى حد بعيد في قطع الطريق على موسكو ومنصاتها مشاركة تنظيم سوريا الديمقراطية، وتمكنت من تحجيم وفد القاهرة، رغم قبولها حضور الجلسة الافتتاحية إلى جانب واحد ولكن على طاولة منفصلة هذا ما تؤكده مجريات الأيام الثمانية حيث ان المفاوض الرئيسي الذي يعتد به كان وفد الهيئة العليا للمفاوضات.

ما زال يتساءل الكثيرون عن جدوى حضور أكثر من وفد إلى جانب الوفد الرئيس المفاوض، «وفد الهيئة العليا للمفاوضات، وفد الائتلاف الوطني، حشد كبير من الإعلاميين ناهيك عن إعطاء نصف العدد للوفود العسكرية « ولم افهم مبرر وجودهم ومن تحمل نفقاتهم ومن ارسلهم وعلى أي مبدأ، هنا علينا ان نذكر بوثيقة «الرياض» ومبادئها، أن أي شخص يشارك في مفاوضات جنيف لن يكون جزءا من الحكومة الانتقالية، يبدو أن أولئك الأشخاص ليست لديهم طموحات سياسية حتى يضحوا بها من أجل تسجيل حضور في جنيف، أو انهم من الآن قرروا أن يلتفوا على ميثاق الرياض ولن يعجزوا في إيجاد فتوى.

مع بدء المباحثات وإثارة موضوع تشكيل وفد موحد، وافقت منصة القاهرة لكن بشروط، عدم الاعتراف بميثاق الرياض، وعدم الإندماج بل الإنخراط في وفد واحد.

على عكس ما اشترط الوفد المفاوض الاعتراف بمبادئ الرياض والاندماج في وفد التفاوض.

هنا علينا ان نتوقف لنسأل عن عدم قبول منصة القاهرة بالوحدة وقبلت في التوحد في وفد واحد، هنا يمكننا ان نقرأ أن منصة القاهرة لا تريد الاعتراف بميثاق القاهرة حتى تكون حرة في الانخراط بالحكومة الانتقالية وهذا ما يمنعه ميثاق الرياض، النقطة الثانية منصة القاهرة تتساءل ربما، لماذا يتم الطلب الينا الاندماج في وفد الهيئة العليا للتفاوض المنبثقة عن اجتماع الرياض الذي تشكل من مجموعات واسعة من الهيئات المعارضة من الائتلاف والمجلس الوطني وهيئة التنسيق وشخصيات مستقله واحد أعضائها الشيخ معاذ الخطيب الذي حضر اجتماعا واحد فقط و أحمد الجربا ما زال حتى الآن عضوا في الهيئة، قد يكون التساؤل هنا على لسان منصة القاهرة في حال تم تشكيل هذه الهيئة ووضع ميثاق لها ووافقت عليه جميع المنصات الحاضرة، لماذا لم تقم تلك المنصات والهيئات بحل نفسها والاكتفاء ب»الهيئة «كواجهة سياسية للثورة بينما يطلب الينا ان ننخرط بها ونتخلى عن منصتنا؟ وربما لها اجندات مرتبطة بمصالح ودعم دولي.

ليس من الحكمة عندي بشيء ان تقعد ملوما محسورا تقلب كفيك دون ان تفعل شيئا فلا انت تنتصر بحرب ولست على توحيد الفصائل بقادر، وتولي وجهك عن المحافل والمنابر، التي تدعى اليها في جنيف وغيرها، بل الحكمة ان تستغل كل ما بوسعك لتستغل الفرصة لتحقيق مكاسب ولاتتهم بانك المعرقل المتمرد، ولا بأس في ان تطرق باب المحافل الدولية ربما فيها شيء.

لا يعني هذا بشكل أن تذهب مستسلما يائسا، دون أوراق تلقيها تلاعب فيها خصمك، ولا يعني ان تلقي اليهم السلم وهم يلقون عليك القنابل.

نعم ندرك أن ما أخذ بالدبابات لا تعيده الثرثرة والمؤتمرات والا لكانت فلسطين والجولان محررتين مذ عقود، ويدرك الجميع أن تنظيم بشار الأسد لن يتنازل عن السلطة وأن تنظيم الأسد لن يقدم بالحوار ما عجز الآخرون عن اخذه بالسلاح، وانه لن يعطي المعارضة في جنيف وغيرها، شعرة في ذيل بغل حرون يرعى في جبال اللاذقية.

استدل الستار عن المشهد الأول من جنيف بانتظار المشهد الثاني، في ضوء تفاؤل من وفد التفاوض، صيح انها خطوة مهمة تحسب للوفد المفاوض بإجبار تنظيم الأسد على مناقشة الانتقال السياسي حسب فهم الوفد المفاوض، حكومة وحدة وطنية حسب الجعفري.

دعوني اذكركم ان الانتقالي السياسي الذي سيناقشها ممثل تنظيم الأسد لا يعني رحيل بشار فهو خط أحمر، هم يتحدثون عن تشكيل حكومة وحدة وطنية فقط ومن ثم تعديل الدستور واجراء انتخابات بكل تأكيد بشار الأسد جزء منها وليس كما يظن البعض رحيل الأسد.

تذكروا قول دي ميستورا حكومة ذات مصداقية شاملة غير طائفية، ولا حرف يشير أو يوحي إلى مصير الأسد.

لا معتقلون تم الإفراج عنهم ولا وقف إطلاق النار تحقق ولا قوافل إغاثة دخلت، بل في صباح اليوم التالي لانتهاء جنيف شنت الطائرات الروسية غارة عدة شمال سوريا وارتكبت طائرات تنظيم الأسد مجزرة مروعة في حي الوعر والحولة المحاصرة.

وخرج محامي الشيطان بشار الجعفري في الإعلام يقول أنه حقق ما أراد من جنيف وهو مناقشة نقاط أربع «الحكومة والدستور والانتخابات، محاربة الإرهاب» التي وافق عليها جمع الأطراف ما عدا وفد «الرياض» وكانت نسبة المناقشة 80% وهو كذب صريح حيث تم حشر هذه النقطة إلى مواضيع الحوار ولم تكن أساسية، وقد أوضحت المعارضة كما هو مشار اليه في القرار 2245ليس من اختصاص مجموعة دي ميستورا مناقشة الإرهاب، وهذه إشارة واضحة ان تنظيم بشار الأسد كما أكدنا دائما ليس في وارد تقديم أي تنازلات وهو لم يفكر بذلك حتى.

في جنيف الثالث كانت تدمر حاضرة بعد أن سيطرت عليها قوات تنظيم الأسد حينها، اليوم تم استدعاؤها لكن بعد أن فشلت الرسالة التي وصلت للجعفري على حد زعمه، تفجير المقرين الارهابيين التابعين لمخابرات تنظيم الأسد، كان لافتا للأنظار حينها أن الجعفري لم يمارس هوايته التشبيح واختلاق المهاترات مع وفد المعارضة، ولم يطلب هذه المرة من رئيس وفد المفاوضات المعارض ان يحلق لحيته كما فعل في جنيف ثلاثة حين طلب من محمد علوش الذي كان شغل كبير المفاوضين، لكنه استعاض عن ذلك بأن طلب من وفد الرياض وتحداه ان يدين ما يسميه الإرهاب بعد تفجير حمص، وقد فعل لكن بطريقته وبما يخدم وفـده.

بعد فشل رسالة الجعفري التي وصلت «تفجير حمص «في احداث ما كان ينتظره الجعفري منها في تمييع التفاوض، كان لا بدَّ من استدعاء الإرهاب ومكافحته، فكان تنظيم الدولة حاضرا لهذه الخدمة، فتم استدعاء تدمر واعادتها لحضن الوطن بالصدفة أثناء جنيف أربعة كما حدث وبنفس الصدفة في جنيف ثلاثة.

استطاعت موسكو ان ترسل رسالة للمجتمع الدولي انها شريكة في صنع السلام والحرب بعد مجزرة حلـب.

كما استطاعت شرعنه أستانا، السوفييتية، كمـنصة شريكة ومكملة لجنيف بانتظار تحويلها إلى المنصة الدولية الرسمية وبديلة عن جنيف الأوروبية الدولـية.

في المقابل لم تقدم أي تنازلات في استراتيجيتها المتبعة فهي في جنيف دعمت المفاوضات وشجعت التقدم وحسب نصر الحريري ضغطت على الأسد للقبول بمناقشة الانتقال السياسي.

اما موسكو وبعد أقل من اثنتي عشرة ساعة على تصريح الحريري قالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية «زغاروفا « إن المعارضة غير فعالة وتسعى لهدم المفاوضات. وسبق هذا كله أن احبط مندوب موسكو في مجلس الأمن قرارا يتم بموجبه فرض عقوبات على مسؤولين في تنظيم الأسد.

وفي شمال سوريا سلمت عصابات سوريا الديمقراطية ضواحي منبج لقوات تنظيم الأسد لقطع الطريق على تقدم درع الفرات المدعومة من تركيا وعرقلة انشاء مناطق آمنة واللعب بالورقة الكردية في وجه الأتراك.

الحوار زمن الطائرات ثرثرة، وما سحقته جنازير الدبابات لا يعيده الحوار توقفوا عن استخدام الكلمات المدورة؟

المصدر : القدس العربي 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى