عقب إقرار الشعب البريطاني في استفتاء 23 حزيران/ يونيو الماضي، خروج بلادهم من الاتحاد الاوروبي، بدأت الأوساط الاقتصادية بمناقشة مستقبل لندن، التي أصبحت في الآونة الأخيرة المركز المالي الأول على الصعيد العالمي، ومن المتوقع أن يتيح هذا الوضع الجديد فرصاً جديدة أمام إسطنبول.
بحسب دراسة أجرتها مجموعة “Z/Yen” المعنية بإعداد تقارير حول المراكز المالية العالمية، فإنّ لندن التي تجاوزت ولاية نيويورك الأمريكية في استيعاب رؤوس الأموال العالمية، تواجه عقب قرار الخروج من الاتحاد الاوروبي خطر دراسة بعض شركات التمويل إنهاء أو تخفيض فعالياتها فيها، أو نقل فروعها الموجودة في لندن إلى مراكز أخرى.
وفي هذا الصدد سربت بعض وسائل الإعلام البريطانية، تحذيرات مارك كارني، رئيس البنك المركزي البريطاني، حول احتمال قيام بعض الشركات بمغادرة لندن عقب نتائج الاستفتاء، مشيراً إلى أنّ بنك جي بي مورجان تشايس الأمريكي، كان أول المعلنين عن احتمال نقل الآلاف من عمّاله إلى فروعه الأخرى الموجودة داخل منطقة اليورو.
وبالتزامن مع الخطر الذي يحدق بلندن، دخلت مراكز التمويل في باريس وفرانكفورت ولوكسمبورغ ودبلن في سباق لمحاولة استغلال الوضع، واستقطاب الشركات التي تعتزم إغلاق أبوابها في لندن، كما دخلت إسطنبول خط المنافسة في هذا المجال بعد أن جعلت بنيتها التحتية القانونية متوافقة مع المعايير الدولية، فضلاً عن تجديد بنيتها التحتية التكنولوجية.
وتوقّع العديد من الخبراء الاقتصاديين، أن تكون إسطنبول واحدة من مراكز التمويل العالمية، لا سيما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
– إسطنبول تتصدر قائمة بدائل لندن:
وأوضح نائب رئيس الوزراء التركي نورالدين جانيكلي أنّ المساعي التي تبذلها الحكومة التركية لجعل إسطنبول مركزا للتمويل العالمي، ليست مرتبطة بقرار بريطانيا بالخروج من الاتحاد الأوروبي، مشيراً أنّ بلاده تسعى في هذه الفترة إلى جذب رؤوس الأموال إلى إسطنبول من خلال السلام وتأسيس البنية التحتية المناسبة وخلق الفرص الجديدة للاستثمار.
وتابع جانيكلي في هذا الصدد قائلاً: “نتخذ قرارات حازمة في هذا الخصوص، ونعمل على جعل إسطنبول مركزاً للتمويل العالمي، ومع مرور الزمن تتعاظم قدرة إسطنبول وتبدأ بالإقتراب من هذا الهدف، فعقب قرار الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، سيحصل فراغ اقتصادي في لندن، وستتآكل شيئاً فشيئاً، لتفقد صفتها الحالية”.
وأكّد جانيكلي أن الضعف الذي سيطرأ على الاقتصاد البريطاني لن يزول، حتى لو استمرت في العمل باتفاقية اتحاد الجمارك المبرمة بينها وبين الاتحاد الأوروبي، لافتاً أنّ بريطانيا ضيّقت على نفسها سعة السوق التي كانت تتحكم بها، وأنّ هذا الأمر سيدفع بالعديد من المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال إلى إعادة تقييم وجودهم في بريطانيا.
وأردف جنيكلي قائلاً: “المستثمرين ورؤوس الأموال سيتساءلون في المرحلة المقبلة عن قوة بريطانيا الاقتصادية، وسيلاحظون الفراغ الاقتصادي الحاصل فيها، وإسطنبول مرشحة قوية لملء هذا الفراغ، إنّ خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي سيساهم جزئياً في جعلها مركزاً جديداً للتمويل العالمي”.
– إمكانية تحول رؤوس الأموال ومراكز بعض الشركات الخليجية إلى إسطنبول:
وأفاد محمد علي أقبن، رئيس هيئة التنظيم والرقابة للعمل المصرفي التركي، أنّ وجود القطاع المالي المتكامل مع الأسواق العالمية، يستحوذ على أهمية بالغة بالنسبة للنمو الاقتصادي.
وأشار أقبن إلى أنّ تحسين فرص الاستثمار وتخفيض العبء الضريبي على المنتجات المالية، إضافة إلى تسهيل عمل المستثمرين الأجانب، عبر إصدار قوانين في هذا الخصوص، سيساهم في جعل إسطنبول مركزاً للتمويل المالي العالمي.
وتعليقاً على خروج بريطانيا من عضوية الاتحاد الاوروبي قال أقبن: “نتائج الاستفتاء البريطاني ستخلق نوعاً من الغموض بالنسبة لبريطانيا وللاتحاد الاوروبي، وهذا الامر سينعكس إيجابيًّا على إسطنبول، وسيولّد فيها لتكون مركزاً للتمويل العالمي، وفي هذا الإطار فإنه من المتوقع أنّ تتحول بعض الشركات ورؤوس الأموال من لندن إلى إسطنبول”.
وأضاف أقبن أنّ الانتهاء من بناء مطار إسطنبول الثالث، وجسر ياووز سلطان سليم، وباقي البنى التحتية، إلى جانب الاستقرار السياسي، سيجعل من إسطنبول منافسا قويا لكبرى مراكز التمويل العالمية.
من جانبه أوضح وحيد الدين إرتاش، رئيس هيئة سوق رأس المال، أنّ الحكومة التركية أقدمت على خطوات هامة من أجل جعل إسطنبول مركزاً للتمويل العالمي، مشيراً إلى التطور الحاصل في قطاع البنوك، والأسواق المالية، والتأمينات.
وذكر إرتاش أنّ من الشروط الواجب تحققها لكي تكون إسطنبول مركزاً للتمويل العالمي، إعداد البنية التحتية القانونية الملائمة للمعايير الدولية، وتحضير البنية التحتية التكنولوجية المتطورة، وتأهيل الخبراء في مجال المال، إضافة إلى قوة اليد العاملة، وتأمين المواصلات الحديثة، واستقرار المنطقة المحيطة.
المصدر : وكالات