حركة نزوح هي الأكبر من نوعها منذ سيطرة تنظيم الدولة على ريف حلب الشرقي، تشهدها العديد من مدن وبلدات المنطقة،نتيجة الحملة العسكرية التي أطلقتها قوات الأسد والمليشيات الداعمة لها في المنطقة مؤخراً.
معارك وحملات عسكرية
مطلع الشهر الجاري، أعلنت قوات الاسد والمليشيات الداعمة لها براً، وبغطاء جوي روسي، عن بدء حملة عسكرية جديدة تهدف إلى السيطرة على مدن وبلدات (دير حافر، الخفسة، المهدوم، مسكنة) الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة في ريف حلب الشرقي.
وفور اعلانها المعركة، تمكنت قوات الأسد من السيطرة على قرى (شويليح، رسم الكما، رسم الكبير) قرب بلدة دير حافر، بعد انسحاب عناصر تنظيم الدولة منها نتيجة القصف المدفعي والجوي الذي تعرضت له المنطقة.
وبحسب الناشط “خالد احسان” فقد تمكنت قوات الأسد يوم “الثلاثاء” من السيطرة على تلة حميمة ورسم الحرمل القريبتين من بلدة دير حافر، بعد قصف جوي ومدفعي استمرّ أكثر من شهر، لتتمكن بذلك من السيطرة على عقدة الطرق الواصلة بين مدن وبلدات ريف حلب الشرقي.
وأكد احسان أن الطائرات الروسية شنت أكثر من 100 غارة جوية على قرى ريف مدينة دير حافر خلال الأربع وعشرين ساعة الماضية، بالإضافة إلى عشرات الغارات التي استهدفت الجسور والطرق الرئيسة، الأمر الذي تسبب بموجة نزوح كبيرة في صفوف المدنيين المتواجدين في المنطقة.
أهداف الحملة
وبحسب بيان نشرته القيادة العسكرية التابعة لقوات الأسد، فإن حملتها الأخيرة على ريف حلب الشرقي، تهدف إلى السيطرة على ناحية الخفسة التي تضم محطتي تنقية المياه (محطة البابيري) ومحطة ضخ المياه المغذية لمدينة حلب، بهدف اعادة المياه الصالحة للشرب إلى المدينة.
وتحاول قوات الأسد الوصول إلى بلدة الخفسة التي تتواجد فيها محطتي تنقية وضخ المياه المغذية لمدينة حلب، بغية انتزاع آخر أوراق الضغط المتبقية بيد التنظيم في حلب، خاصة وأن التنظيم كان قد أوقف عنفات ضخ المياه عن مدينة حلب مطلع عام “2015” حسب ما أوضح الناشط الاعلامي “أحمد المحمد” خلال حديثه لوطن.
وأضاف المحمد: تقدم النظام الأخير وخريطة سير قواته يجعل من معركة السيطرة على ناحية الخفسة مجرد هدف، حيث يعمل النظام على نقل المعارك بينه وبين تنظيم الدولة إلى عمق مناطق سيطرة التنظيم بريف حلب الشرقي، بالإضافة إلى محاولاته تأمين محيط مطار كويرس العسكري بشكل كامل، وإبعاد تنظيم الدولة من محيط بلدة خناصر ومنطقة الجبول التي يمر منها طريق امداد قوات النظام إلى مناطق سيطرته في حلب وريفها.
وأكد المحمد أن الهدف الرئيس بالنسبة إلى النظام هو الوصول إلى محافظة الرقة، وفرض نفسه كقوة عسكرية قادرة على مواجهة تنظيم الدولة وطرده من عاصمته شرق سوريا، وهو ماتطمح إليه روسيا التي تشرف بشكل مباشر على عمليات النظام العسكرية، بعد خروجها خالية الوفاض من معارك مدينة الباب التي تقودها قوات درع الفرات.
المدنييون وقود الحرب
بالتزامن مع المعارك الدائرة في ريف حلب الشرقي، الذي تحول إلى ساحة حرب بالوكالة بين الدول المتنازعة في سوريا، يتراجع الحديث عن المدنيين والأوضاع التي يعيشونها بسبب نار الحرب التي تلتهم مناطقهم.
فقد شهد ريف مدينتي (دير حافر ومسكنة) حركة نزوح هي الأكبر من نوعها منذ سيطرة تنظيم الدولة على ريف حلب الشرقي منتصف عام “2013”، نتيجة القصف الجوي والمدفعي الذي تشهده المناطق القريبة من خطوط المواجهات بين التنظيم وقوات الأسد.
وبحسب “خالد السفراني” فإن أكثر من “40 ألف” مدني من سكان قرى (جناة السلامة ، ام المرا، الحرمل ، ام العمد ، تل حميس ، تل العنز) قرب مدينة دير حافر ، تركوا منازلهم وفروا إلى ريف محافظة الرقة الجنوبي، نتيجة القصف الجوي الذي تتعرض له مناطقهم.
وأضاف السفراني: لطالما كانت مدينتي “دير حافر ومسكنة” قبلة المدنيين الفارين من المعارك الدائرة في المنطقة، نظراً لبعدهما عن الجبهات المشتعلة، إلا أن الحملة الأخيرة التي أطلقها النظام دفع السكان الأصليين والنازحين للفرار إلى مناطق أكثر أمناً.
وتابع: يتجه معظم المدنيين النازحين من ريف حلب الشرقي إلى ريف الرقة الجنوبي والجنوبي الغربي، نظراً لمنع التنظيم خروج السكان من مناطق سيطرته، الأمر الذي يجعل منهم عرضة للقصف مرة أخرى، خاصة وأن محافظة الرقة مقبلة على حرب واسعة، بالإضافة إلى ظروف الحياة الصعبة التي ستواجههم نتيجة تردي الأوضاع الانسانية في مناطق سيطرة تنظيم الدولة.
الطريق إلى مدينة الباب أُغلقت بوجه نظام الأسد رغم كل محاولاته، وعليه، يركّز أنظاره اليوم على الطريق إلى الرقة، فكيف ستكون حظوظه، وسط صراعات تقاسم النفوذ والسيطرة الكبرى، وبين كل هذه الحسابات يبقى المدنيون هم الخاسر الأكبر.
منصور حسين/ حلب / وطن إف إم