روسيا تسعى لتطبيق “سيناريو الشيشان” في سوريا
تسعى موسكو من خلال استهدافها للمدنيين بغاراتها الجوية في سوريا، على تطبيق خطة “تهجير السكان”، مثل ما فعلت قبل أعوام في الشيشان، حيث أجبرت المدنيين على مغادرة المناطق التي يقيمون فيها بترهيبهم من المجازر، وذلك بعد فشلها في التغلب على المقاتلين الشيشان بالقوات البرية.
وتوفّر روسيا الغطاء الجوي لنظام الاسد ، الذي اعترف بصعوبة إمداد جيشه بالجنود الجدد في العام الخامس من الحرب، سعيًا منها إلى تحويل كافة المناطق في ساحات قتال، وقطع الدعم الذي يقدّمه المدنيون لقوات المعارضة السورية، وقلب المعادلة لصالح النظام.
وتستهدف الغارات الجوية الروسية، التي انطلقت في سوريا في 30 سبتمبر/أيلول الماضي بدعوى “مكافحة الإرهاب”، المناطق الخاضعة لسيطرة قوات المعارضة المعتدلة والمدنيين المقيمين فيها، أكثر من استهدافها لمواقع تابعة لتنظيم “داعش”.
وكثّفت المقاتلات الروسية غارتها الجوية في تشرين الأول/أكتوبر الماضي على محافظات إدلب وحماة وحمص فضلا عن شمالي محافظة حلب، وبدأت بعد منتصف الشهر نفسه، باستهداف المناطق التي تسيطر عليها قوات المعارضة جنوبي إدلب وجنوبي وشمالي حلب، ومنطقة “بايربوجاق” ذات الغالبية التركمانية في ريف محافظة اللاذقية ، وتواصل ذلك حتى اليوم.
وبحسب معلومات من الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فإن الغارات الجوية الروسية في سوريا، أسفرت عن مقتل ألف مدني خلال مئة يوم.
وكان المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة “ستيفان دوجاريك”، أعلن بتاريخ 3 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، أن 123 ألف و842 شخصًا اضطروا للنزوح من منازلهم بسبب الغارات الروسية التي ازدادت على حلب وحماه وإدلب خلال الفترة من 5 إلى 30 تشرين الأول/أكتوبر 2015.
ماذا حدث في الشيشان؟
أدى إعلان الشيشان استقلالها عقب تفكك الاتحاد السوفيتي، إلى حدوث اشتباكات مع قوات حكومة الكرملين في الفترة ما بين كانون الأول/ديسمبر عام 1994 وآب/أغسطس عام 1996، وتمكن خلالها المقاتلون الشيشان من إلحاق هزيمة برية كبيرة بروسيا، أعقبه توقيع اتفاقية وقف إطلاق النار بين الطرفين، إلا أن روسيا التي كانت راضية عن الاستقلال، قامت باحتلال هذه الجمهورية المتمتعة بالحكم الذاتي، عام 1999، وأدخلت قواتها الجوية إلى الحرب.
ووفقًا لمصادر متعددة، فإن القوات الروسية شنّت نحو ألف و700 غارة جوية على العاصمة الشيشانية غروزني والمناطق المحيطة بها، خلال الفترة ما بين نهاية آب/ أغسطس ونهاية أيلول/سبتمبر من عام 1999، وتواصلت الغارات التي استخدمت القنابل العنقودية، نحو ستة أشهر، قُتل جراءها مئات المدنيين واضطر نحو مئة ألف للنزوح عن المناطق التي كانوا يقيمون فيها.
“تهجير السكان” يتكرر في سوريا
كانت الهجمات الروسية ضد المدنيين الشيشان، تهدف لتشكيل ضغط نفسي وجسدي على الشعب، ليقطع دعمه عن المقاتلين المحليين، وعند فشلها في تحقيق ذلك، أجبرت روسيا الناس على الهجرة من مناطقهم.
وفي سوريا، استهدفت المقاتلات الروسية بتاريخ 12 كانون الثاني/ يناير الحالي مسجدًا في حلب، ما أسفر عن مقتل 8 أشخاص، فيما قُتل في نفس اليوم، 37 شخصًا وأصيب 55 آخرون في غارات نفّذتها على مناطق مأهولة بالسكان في إدلب.
وقُتل 17 شخصًا بينهم 8 طلاب بتاريخ 11 كانون الثاني/ يناير الحالي، في قصف للمقاتلات الروسية، استهدف بلدة عنجارة في حلب.
وفي 26 كانون الأول/ديسمبر الماضي استهدفت المقاتلات الروسية مدرسة في إدلب، ما أدى لمقتل 9 أشخاص بينهم 5 أطفال، وإصابة 11 شخصًا بجروح.
كما قُتل 16 مدنيًا وأصيب 20 آخرون بتاريخ 18 كانون الثاني/ يناير الماضي، في قصف استهدف منطقة سكنية ببلدة جسر الشغور التابعة لإدلب.
واستهدفت المقاتلات الروسية بتاريخ 30 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، مخبزًا في منطقة سراقب التابعة لمحافظة إدلب، كان يوفر الخبز لـ 40 ألف مدني، وقصفت في 26 من الشهر نفسه، شاحنات محملة بالمساعدات الإنسانية ببلدة اعزاز (في حلب)، ما أدى إلى مقتل 7 أشخاص وإصابة 10 آخرين، فضلًا عن إلحاق أضرار كبيرة بـ 20 شاحنة.
المصدر : الاناضول