اتفاق بين الروس والأمريكان يضع مصير الأسد بيد بوتين
قال مصدر دبلوماسي روسي، بشأن اتفاق تم التوصل إليه بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا، حول وقف إطلاق النار في سوريا.
يأتي ذلك في وقت أعلن فيه وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، أمس الأربعاء 5 يوليو/تموز 2017، استعداد بلاده لأن تبحث مع موسكو الجهودَ المشتركة لتحقيق الاستقرار في سوريا، بما في ذلك إقامة مناطق حظر جوي.
وصرَّح أندريه كورتنوف، رئيس مجلس العلاقات الدولية الروسي، حصرياً لهاف بوست عربي، بأن موسكو وواشنطن قد توصلتا لاتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا، لتجنُّب تصعيد الموقف بين الولايات المتحدة وروسيا، والتقليل من احتمالية الاصطدام الروسي الأميركي المباشر بعد التصعيد المتبادل خلال الأسابيع الماضية.
وقال كورتنوف إن الاتفاق سيتم الإعلان عنه مع لقاء الرئيسين الأميركي دونالد ترامب، والروسي فلاديمير بوتين على هامش قمة العشرين، التي تعقد في هامبورغ الألمانية، وتنطلق الجمعة، 7 يوليو/تموز 2017.
وبالرغم من أن كلتا الدولتين تعلنان أن وجود قواتهما في سوريا، سواء الجوية أو البرية هدفها القضاء على تهديد تنظيم (داعش)، إلا أن التوترات بينهما تصاعدت منذ إطلاق الولايات المتحدة صواريخ باليستية على منشآت عسكرية لنظام بشار الأسد، عقب تنفيذ النظام هجمات كيماوية ضد مدنيين في مدينة خان شيخون بريف إدلب، شهر أبريل/نيسان الماضي.
تفاهمات الاتفاق
وأكد كورتنوف أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه تضمَّن تفاهمات تتعلق بالطلعات الجوية، وتحديد مناطق عمل قوات الدولتين، وإذا ما تم تنفيذه بشكل كفء، فستنتقل الدولتان لتنسيق مواقفهما في جنيف لبحث مستقبل الأسد، والإصلاحات الدستورية، وما يتعلق بالحكومة المركزية وغيرها من الموضوعات العالقة.
من ناحية أخرى، أشار كورتنوف إلى أن الاتفاق لا يحل جميع الإشكاليات العالقة، ولا يضمن تحقيق أهداف بعيدة المدى أو سلام طويل الأمد في البلاد.
لكن كورتنوف أكد مع ذلك، أن الهدف الأول هو التقليل من التصعيد المتبادل، وتجنُّب المواجهة المباشرة، والسعي لتقليص أعداد الضحايا من المدنيين عبر إنشاء مناطق آمنة.
وفي إجابته عن سؤال حول الأطراف التي قد يتضمنها الاتفاق، قال كورتنوف إن جميع اللاعبين الإقليميين، خاصة تركيا وإيران، سيكون لهم وجود في الاتفاق الحالي.
وعن الموقف الروسي المتمسك بنظام الأسد، قال كورتنوف بوضوح، إن الجانب الروسي لا يزال يسعى للحصول على تطمينات من الأطراف المختلفة، بعدم انهيار الأوضاع بشكل كامل في حال غياب الأسد، مضيفاً أن روسيا تسعى للحفاظ على نفوذها في سوريا، والإبقاء على القاعدة البحرية الروسية في طرطوس.
وتابع كورتنوف منتقداً الموقف الغربي: “إن الدول الغربية لا تزال منشغلة بمستقبل الأسد، ولم تقدم أي سيناريوهات عقلانية للانتقال في سوريا حال غيابه”.
وشدَّد على أن الجانب الروسي لن يفرض أي حلول على السوريين، وأن أي سيناريو يجب أن يُقبل في جنيف قبل أن يتم تطبيقه.
مناطق حظر جوي
وقال وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، إن الولايات المتحدة تريد أن تناقش مع روسيا الاستعانة بمراقبين ميدانيين لوقف إطلاق النار، وتنسيق توصيل المساعدات الإنسانية للسوريين.
وقال في بيانٍ قبل قمة مجموعة العشرين التي تُعقد في ألمانيا هذا الأسبوع: “إذا عمل بَلَدانا معاً لتحقيق الاستقرار على الأرض، فإن هذا سيضع أساساً للتقدم نحو تسوية من أجل مستقبل سوريا السياسي”.
ولم يتطرَّق البيان لمستقبل بشار الأسد، الذي دعت الولايات المتحدة خلال الصراع الممتد منذ ستة أعوام إلى تنحيه.
وقال تيلرسون، إن روسيا مُلزَمة بمنع استخدام حكومة الأسد للأسلحة الكيماوية.
وبينما تقترب المعركة ضد تنظيم داعش من نهايتها، قال تيلرسون إن على روسيا “مسؤولية خاصة” لضمان استقرار سوريا.
وأضاف أن على موسكو أن تضمن ألا يقوم أي فصيل في سوريا “باستعادة أو احتلال مناطق بشكل غير شرعي”، بعد تحريرها من قبضة التنظيم أو جماعات أخرى.
وتحاصر قوات مدعومة من الولايات المتحدة مدينة الرقة، معقل التنظيم المتشدد في سوريا.
وأشاد تيلرسون بالتعاون بين الولايات المتحدة وروسيا في إقامة مناطق عدم التصعيد في سوريا، وقال إنها دليل “على أن بلدينا قادران على إحراز مزيد من التقدم”.
وقبل أن يغادر واشنطن متَّجها إلى هامبورغ قال تيلرسون: “أعتقد أن الجانب المهم هو أننا بدأنا من هنا جهوداً لبدء إعادة بناء الثقة بيننا وبين روسيا، بين الجيشين، وأيضاً على المستوى الدبلوماسي”.
وفي مارس/آذار، قال تيلرسون إن الولايات المتحدة ستنشئ “مناطق استقرار مؤقتة” لمساعدة اللاجئين على العودة إلى ديارهم في المرحلة التالية من المعركة، ضد تنظيمي داعش والقاعدة في سوريا والعراق.
وحذَّر تشارلز ليستر من معهد الشرق الأوسط في واشنطن من أن تتبع الولايات المتحدة نهجاً في سوريا، تعتمد فيه على روسيا.
وقال “روسيا لا تستطيع، وغير مستعدة لمنحنا ما نريد في سوريا”.
وأضاف “عقدت إدارة (الرئيس باراك) أوباما المرة تلو الأخرى آمالها على روسيا، بوصفها الضامن الوحيد لعدم التصعيد والمساعدات الإنسانية والتقدم السياسي، ومرة تلو الأخرى أصيبت إدارة أوباما بخيبة أمل… لماذا تظنون أنه سيكون هناك اختلاف هذه المرة؟”.
وطن اف ام / هاف بوست