قالت صحيفة “صندي تايمز” في تقرير لمراسلتها لويز كلاهان، عن التطورات في محافظة إدلب، إن تنظيم القاعدة يحكم قبضته على المحافظة، في الوقت الذي تنشغل فيه الولايات المتحدة بملاحقة تنظيم الدولة.
وافتتحت كلاهان تقريرها بالقول، إنه في محافظة إدلب، شمال غرب سوريا، أجبرت طالبة في الجامعة على تغطية وجهها، ولاحق قتلة إسلاميون قادة من المعارضة المعتدلة، فيما اختفى عضو في مجلس محلي دون ترك أي أثر؛ نظرا لدعمه الأساليب الديمقراطية.
وأوضحت الكاتبة أن هؤلاء كانوا ضحايا تنظيم القاعدة، الذي أصبح وبشكل هادئ من أكثر القوى المؤثرة في سوريا، في وقت يركز فيه الغرب على سحق تنظيم الدولة.
وأكد التقرير الذي ترجمه موقع عربي 21، أن تنظيم القاعدة عمل في السنوات الماضية على تدمير أو استيعاب بقية الجماعات المسلحة في إدلب، التي تعد منطقة معارضة دائمة لنظام بشار الأسد، لافتا إلى أنه يطمح الآن بحكم المنطقة دون منازع.
ونقل التقرير عن أسامة حسين، وهو عضو المجلس المحلي فرّ من المنطقة إلى تركيا الشهر الماضي، قوله: إنهم خطرون، ولا يمكنهم وقفهم، ويحاولون جذب السكان لتقبلهم، لكنهم لم ينجحوا، وعاجلا أم آجلا سيظهرون وجههم الحقيقي.
وتعلق كلاهان قائلة إن استراتيجية تنظيم القاعدة كانت التعلم من أخطاء تنظيم الدولة، الذي يواجه انهيارا محتوما، حيث يقول السكان إن تنظيم القاعدة حاول كسب عقولهم وقلوبهم، بدلا من فرض قوانين تعسفية عليهم، وقام أتباعه بتسيير قوافل المساعدات الإنسانية للسكان، وتجنبوا العقوبات العامة، مثل الجلد والإعدام، ولم يفرضوا الحجاب في البداية.
وتابع حسين كلامه للصحيفة إن القاعدة تحاول تسوبق نفسها جيدا في سوريا والدول الأخرى، وإنها تريد السيطرة على مفاصل المجتمع المدني كلها، مجالس المياه والمجالس المحلية، فعندما يقول المجتمع الدولي إنه لن يتعامل معها، سترد: انظروا إننا نسيطر على كل شيء.
وأشار التقرير إلى أن الكثير من المدنيين الذين تعبوا من الحرب قبلوا بحكم تنظيم القاعدة، وهناك من يشعر بالقلق من الطريقة البطيئة التي يقوم من خلالها التنظيم بفرض قوانين متشددة، حيث احتل عناصر في تنظيم القاعدة مراكز مهمة في جامعة إدلب، وفرضوا الفصل بين الجنسين في الفصول الدراسية، وطلبوا من الطالبات لبس النقاب، حيث تقول طالبة في السنة الثانية من دراستها: “كنت أتمنى لو لم يدخلوا جامعتنا.. وأثروا على جهودنا الدراسية”.
وأفاد التقرير بأن المدنيين بدأوا بالاحتجاج، واجتمعوا في ساحات البلدان حول المحافظة، واستطاعوا إلغاء قانون يحرم التدخين، مستدركة بأن التظاهرات ليست قوية بدرجة تؤثر على قوة تنظيم القاعدة.
وأشار إلى أن تنظيم القاعدة استخدم منذ ظهوره في إدلب عام 2012، عددا من الأساليب لإخفاء هويته الحقيقية، حيث دخل المحافظة تحت مسمى جبهة النصرة، غير أنه أعاد تسمية نفسه إلى هيئة تحرير الشام، ليقول قادته إنهم انفصلوا عن تنظيم القاعدة، إلا أن المراقبين لم يتعاملوا مع الموضوع بجدية.
كما أن الجماعات المسلحة التي كانت تدعمها الولايات المتحدة تخشى من فقد القدرة على هزيمة تنظيم القاعدة؛ بسبب تركيز واشنطن وهوسها بحرب تنظيم الدولة، في حين إن المقدم أحمد السعود، وهو قائد الفرقة 13 من الجيش السوري الحر، الذي هرب من إدلب إلى بلدة تركية حدودية، حيث أرسل التنظيم مسلحين لاغتياله، يقول: “نقاتل جبهة النصرة من البداية، لكن الولايات المتحدة قررت قطع الدعم عنا فجأة، وتسيطر جبهة النصرة على 100% من إدلب، وأخبرت الأمريكيين بهذا الأمر، وهم يعرفون هذا بالطبع، لكن لم يحدث شيئا”، حسب التقرير.
وتوقع السعود توقف تدفق السلاح والدعم الأمريكي في نهاية العام الحالي، فيما أوقفت بريطانيا الدعم الطبي والمالي، حيث أدت المحادثات في أستانا، عاصمة كازاخستان، إلى الاتفاق على جعل إدلب منطقة يجمد فيها النزاع، تديرها روسيا وتركيا وإيران، مشيرة إلى أن هذا الأمر لن يغير من مجال القوة في المحافظة، التي يسيطر عليها تنظيم القاعدة.
ونوه التقرير أن القوى تنشغل في الوقت الحالي بحرب تنظيم الدولة، حيث تتقدم قوات الأسد مع الميليشيات المساندة لها إلى دير الزور، وتحاول القوات المدعومة من الولايات المتحدة السيطرة على الرقة، أما تركيا، التي تشترك بحدود مع تنظيم القاعدة، فتركز على منع الأكراد من توسيع نفوذهم في الشمال.
ويأمل أن السعود بأن يساعد الغرب بعد هزيمة تنظيم الدولة بالتصدي لتنظيم القاعدة، غير أن الدبلوماسيين والمحللين في المنطقة يشكون في هذا الأمر، حيث يقول حسن حسن من معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط إنه لا أحد يعرف ما الذي يجب عمله بشأنهم.
وختم التايمز تقريرها بالإشارة إلى قول حسن، إنه ليست لدى الأسد أو الولايات المتحدة المصادر للتقدم نحو إدلب، ولهذا وضع الطرفان الموضوع على الرف، ولا أحد يتوقع حملة عليها في العام المقبل، وفي الوقت ذاته، فإن لدى تنظيم القاعدة الوقت والراحة ليفعل ما يريده.
وطن اف ام