جاويش أوغلو : عملية السلام في سوريا تتم عبر دستور سوري جديد وانتخابات نزيهة
قال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، إن الطريقة المثلى لإحلال سلام دائم في سوريا تتمثل في عملية سياسية شاملة ترتكز على “تشكيل دستور” يحظى بدعم السوريين، و”إجراء انتخابات نزيهة” تحت إشراف الأمم المتحدة.
غير أنه حذّر في الوقت نفسه من مغبة إعطاء الولايات المتحدة “المنظمات الإرهابية الانفصالية” (” ب ي د/ ي ب ك”،) “الحرية المطلقة” والاستمرار في تزويدهم بالأسلحة، مشيرًا أن ذلك من شأنه أن يفشل عملية السلام المنشودة ، حسب وصفه.
جاء ذلك في مقال لجاويش أوغلو بعنوان “هكذا يتحقق السلام في سوريا” نشرته مجلة “نيوزويك” الأمريكية على موقعها الإلكتروني.
وشدّد الوزير التركي في المقال على ما اعتبرهما شرطين أساسيين لنجاح مؤتمر سوتشي المزمع عقده نهاية الشهر الجاري؛ وهما: “الصلة القوية والواضحة بعملية جنيف التي تتم بوساطة الأمم المتحدة، فضلًا عن رفض مشاركة أي من المنظمات الإرهابية بما فيها “ب ي د / ي ب ك”.
ولفت جاويش أوغلو أنه “على الصعيد السياسي، هناك أمل (في إحلال السلام) في حال ترجم المجتمع الدولي أقواله إلى أفعال”، مضيفًا أن “الحل الدائم في سوريا يمكن إيجاده من خلال عملية فعّالة بقيادة سورية، بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن الدولي 2254”.
وتابع الوزير: “يمكن الوصول لحل سياسي من خلال عملية شاملة حرة ونزيهة بقيادة السوريين، تقود إلى تشكيل دستور يحظى بدعم الشعب السوري، وإجراء انتخابات حرة وعادلة بمشاركة السوريين المؤهلين تحت إشراف الأمم المتحدة”.
وقال الوزير التركي إنه تحقيقًا لهذه الغاية (إحلال السلام)، “أصبحت تركيا فعّالة في المبادرات الدولية الرامية إلى إنهاء الحرب. وعندما توقفت عملية جنيف، وتراجع دور المجموعة الدولية لدعم سوريا، بدأت تركيا في استكشاف سبل جديدة من أجل تحريك العملية السياسية، وكان لا يمكن القيام بذلك دون تخفيف التصعيد على الأرض في المقام الأول”.
وأوضح جاويش أوغلو أن “اتفاق وقف إطلاق النار في جميع أنحاء البلاد الذي تم بالوساطة مع روسيا لم يكن إنجازًا سهلًا، ولكنه قدم مساهمات إنسانية عميقة”.
وتابع أن “هذا النهج العملي أدّى إلى بدء محادثات أستانا. ومن خلال ثماني جولات من المحادثات التي تمت بدعم الضامنين الثلاثة، أي تركيا وروسيا وإيران، تم تخفيض العنف في سوريا”.
واستطرد بالقول إنه “نتیجة لذلك، کانت 2017 العام الأکثر ھدوءًا خلال ھذا الصراع. والأهم من ذلك أن محادثات أستانا مهدت الطريق لاستئناف جولات جنيف بعد توقف دام 10 أشهر”.
وشدّد وزير الخارجية التركي على ضرورة إنعاش عملية جنيف لافتًا أن “الاكتفاء بالكلام وعدم ترجمة ذلك الكلام إلى أفعال لن يقود إلى حل”.
وأشار أن “مؤتمر الحوار الوطني الذي سيعقد في مدينة سوتشي الروسية يمكن أن يكون بمثابة عملية مكملة في هذا الصدد”.
وزير الخارجية التركي أوضح أيضا في مقاله أنه خلال مؤتمر القمة الرئاسي الذي عقد في سوتشي في 22 تشرين الثاني / نوفمبر 2017، والذي ضم الدول الضامنة في أستانا، أكد الرئيس التركي أردوغان على شرطين، من بين أمور أخرى، لنجاح المبادرة: وجود صلة واضحة وقوية بعملية جنيف بوساطة الأمم المتحدة؛ ومشاركة الأعضاء الحقيقيين في المعارضة مع رفض واضح لأي شخص ينتمي إلى منظمات إرهابية، بما في ذلك “ب ي د/ ي ب ك”.
وأضاف أنه “في حال استيفاء هذين الشرطين، يمكن لمؤتمر سوتشي أن يكمل عملية جنيف ويخلق تآزرا وظيفيا. ومن المؤكد أن هذا يتطلب مشاركة بناءة من جانب جميع الأطراف المعنية”.
شدّد الوزير التركي على أن “الإمدادت المستمرة من الأسلحة الأمريكية لـ “ب ي د/ ي ب ك” لا يهدد أمن تركيا فحسب، بل يشكل تهديدًا على مستقبل سوريا أيضًا”.
وقال إن “سجل ذلك التنظيم في مجال حقوق الإنسان سيء وينعكس في تقارير منظمات حقوق الإنسان الدولية المستقلة (منظمة العفو الدولية(آمنستي)، وهيومان رايتس ووتش، والشبكة السورية لحقوق الإنسان، وغيرها”.
وأضاف أن ذلك التنظيم مارس عمليات “ترقى إلى جرائم حرب”، تشمل “التهجير القسري للكيانات غير الكردية، وتغيير التركيبة الديمغرافية للمنطقة، وتدمير القرى، والطرد، وسجن المنافسين السياسيين، والتعذيب وتجنيد الأطفال، الأمر الذي يرقى إلى جرائم الحرب”.
وأكّد جاويش أوغلو أن حزب “ب ي د / ي ب ك” بتعاونه مع نظام الأسد وتنظيم داعش، لا يمكن تقديمه كنموذج ديمقراطي للأكراد في سوريا”.
وأضاف أن “زعم التنظيم تمثيله للأكراد السوريين يتنافى مع وجود نحو 300 ألف كردي سوري في تركيا، ممّن فروا من بطش “ب ي د/ ي ب ك”، ولايستطيعون العودة إلى ديارهم”.
وأشار الوزير التركي أنه كما للمجلس الوطني الكردي مقعد في مفاوضات جنيف بشأن سوريا “يستحق أيضًا أن يكون له تمثيل في مؤتمر الحوار الوطني في سوتشي”.
وقال “إن دعم الولايات المتحدة لـ “ب ك ك / ب ي د / ي ب ك” هو جهد يسير بخطى فظيعة، وإن تصحيح المسار على نحو عاجل بات أمرًا حتميًا”. وأضاف إن “رؤية سوريا الموحّدة سياسيًا والمتكاملة إقليميًا ستكون بعيدة المنال إذا أعطيت المنظمات الإرهابية الانفصالية كامل حريتها والأسلحة لتحقيق أهدافها”.
ولفت أيضًا أنه “لا يمكن كسب الحرب ضد الإرهاب بالانحياز إلى منظمة إرهابية ضد أخرى”.
وذكّر بأن “الفكرة الأساسية لحلف الناتو تتمثل بأن أمن الحليف يحظى بالأولوية على المكاسب التكتيكية القصيرة الأجل التي تساعد فقط على خلق حلقة مفرغة من العنف”.
وشدّد على ضرورة أن “تتراجع الولايات المتحدة عن خطئها الفادح، وأن لا تسمح لنفسها أن تبتز من قبل جماعة إرهابية”.
على صعيد منفصل، أوضح وزير الخارجية التركي أنه “منذ بداية الثورة السورية تركنا أبوابنا مفتوحة أمام أولئك الفارين من الأعمال الوحشية في سوريا، وهذا ما جعل تركيا أكبر بلد يستصيف اللاجئين في العالم”.
وذكر أيضًا بأن “تركيا أنفقت 30 مليار دولار لقاء تلبية احتياجات 3.4 مليون سوري طلبوا اللجوء لجارتهم الشمالية.
وأضاف أن “تركيا وفّرت لضيفونا السوريين مجانًا العناية الطبية، والتعليم، وحق الانخراط في القوى العاملة للمساعدتهم في الاندماج بالمجمع المضيف”.
وختامًا أكّد جاويش أوغلو أن بلاده ستواصل العمل جنبا إلى جنب مع الشعب السوري في كفاحه من أجل الديمقراطية الدستورية التي تحمي جميع الحقوق والحريات الأساسية للسوريين على أساس المساواة وبغض النظر عن خلفياتهم العرقية أو الدينية أو الطائفية.
وطن اف ام