أخبار سورية

نازحو الشمال السوري .. قطعوا 100 كيلو متر بحثاً عن الحياة

مئة كيلو متر هي المسافة التي قطعتها مئات العائلات النازحة من قرى ريف ادلب الشرقي وريف حلب الجنوبي نحو الحدود السورية التركية، هرباً من القصف المكثف الذي تتعرض له مناطقهم وعمليات التقدم المستمرة لقوات الأسد في ريف ادلب.

نازحون بلا مأوى

عائلة  “أبو عبد الكريم” كانت من بين مئات العائلات التي اختارت النزوح نحو الشريط الحدودي الفاصل بين الأراضي السورية والتركية، على أثر اكتظاظ المدن الداخلية والمدن الحدودية بالنازحين.

“عند سماعنا خبر وصول جيش الأسد إلى قرية سرجة، بدأنا بجمع مايلزم من بطانيات ومفروشات وتجهيزها استعداداً للخروج من القرية، وفي اليوم الذي سمعنا فيه خبر اقتراب النظام من بلدة “سنجار” نزح جميع سكان القرية، وكنت مع أبنائي الخمسة وأحفادي ضمن النازحين ” كما يوضح أبو عبد الكريم.

ويضيف الرجل الستيني أيضاً: استغرقت رحلة نزوحنا من قريتي “الخيارة” قرب سنجار وصولاً إلى الشريط الحدودي أربعة أيام من المسير والتنقل بين القرى والمناطق المحررة، قطعنا خلالها أكثر من مئة وعشرين كيلو متراً، محاولين البحث عن مأوى في قرى ريف ادلب الشمالي لكن دون جدوى. 

وتعتبر عائلة “أبو عبد الكريم” النازحة من قرية “الخيارة”،محظوظة بالمقارنة مع باقي العائلات النازحة من ريف إدلب أخيراً، كما يقول أبو عبد الكريم ذاته، فهو ” يعيش مع أفراد عائلته المكونة من ستة عشر شخص، داخل شادر حولوه إلى خيمة، بعد أن كان يستخدم في تغطية المحاصيل الزراعية سابقاً، على عكس الكثير من العائلات التي تفترش العراء الآن” حسب وصفه، إلا أنه يعيش ذات المعاناة التي تعيشها باقي العائلات في التجمع الجديد الذي أوجده النازحون للتو.

أوضاع انسانية صعبة

انعدام المأوى في ظل المنخفض الجوي الذي تمر به المناطق الحدودية مترافقاً مع الأمطار، وتحول الأراضي الترابية إلى وحل، تعتبر من أكبر مشاكل النازحين من ريف ادلب، بالإضافة إلى انعدام أدنى مقومات العيش ونقص حاد في المساعدات الانسانية.

ويقول أبو كريم: كنت محظوظاً بامتلاكي هذا الشادر، لكن رغم ذلك اضطر إلى وضع الأوعية البلاستيكية داخل الخيمة نتيجة تسرب مياه الأمطار من شقوق الشادر، كما يقوم ابنائي بتسخين المياه واشعال الحطب خارجاً وادخاله للحصول على بعض الدفئ في ظل البرد القارس الذي نعاني منه.

وليس ببعيد عن خيمة أبو كريم، نصبت عائلة “أم حميد”، النازحة من قرية سرجة والتي سيطرت عليها قوات النظام مؤخراً،  خيمة تمت حياكتها من الأقمشة وأكياس الخيش.

وتقول أم حميد عن معاناتها: “أنا هنا منذ اسبوع، لم يزرنا أي شخص، خرجنا من منازلنا محمليين ببعض المؤن، لكنها نفدت، واليوم نفتح أفواهنا للهواء، كل مانريده الطعام والمسكن حتى ولو كانت مجرد خيمة صغيرة تؤوي أطفالي وبعض الطعام يسد رمقنا”.

عشرة آلاف عائلة نازحة

الحملة العسكرية الأخيرة التي تشنها قوات الأسد، مدعومة بمليشيات أجنبية براً وبسلاح الجو الروسي وسيطرة النظام على بلدة سنجار بريف ادلب الشرقي وقرى مجاورة لها، دفعت أكثر من عشرة آلاف عائلة من قاطني ريف ادلب الشرقي وريف حماة وريف حلب الجنوبي إلى الفرار نحو الحدود السورية التركية.

بلغ تعداد النازحين الفارين من مناطق الاشتباك الأخيرة بريف ادلب الشرقي، والتي شهدت تقدم قوات النظام، بلغ أكثر من “ثمانين ألف نازح” حسب ما أكده “حسان الادلبي” الناشط في مجال الاغاثة المدنية بريف ادلب.

وقال الادلبي: تعتبر الارقام الحالية لتعداد النازحين الذين قاربوا من العشرة آلاف عائلة نازحة أرقاماً أولية، خاصة مع استمرار القصف الجوي والبري على مناطق ريف ادلب الشرقي والمعارك الدائرة في المنطقة.

عشرون ألف عائلة جديدة من ريفي حلب وحماة

وأضاف حسان الادلبي: موجة النزوح الحالية لم تنته بعد، فقد تم استقبال أكثر من “عشرين ألف” عائلة وافدة من قرى ريف حلب الجنوبي وريف ادلب الجنوبي الشرقي وريف حماة يوم الاثنين الماضي، فرو من القرى القريبة من معامل الدفاع قرب منطقة الحص والقرى القريبة من مدينتي “معرة النعمان وخان شيخون بريف ادلب.

ويؤكد “حسان الادلبي” أن تعداد النازحين تضاعف بشكل كبير بعد خروج قاطني أكثر من مئة قرية بريف حلب الجنوبي تحديداً “منطقة الحص”، وذلك نتيجة تخوف المدنيين من سيطرة على منطقة الحص وحصار القرى القريبة من بادية حماة.

عشرة موجات من النزوح عصفت بمناطق الشمال السوري منذ عام “2014” حولت الحديث عن النازحين ومعاناتهم إلى قصص متكررة لم تعد تلقى اهتماماً واسعاً من قبل الجهات الانسانية والحقوقية الدولية، لكنها ورغم ذلك. تبقى مأساة لا يمكن إلا تسليط الضوء عليها وتحميل كل طرف المسؤولية عنها كما يجب.

وطن اف ام 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى