التايمز البريطانية : على الغرب أن يجد طرقاً تدفع الأسد للتنحي
نشرت صحيفة “التايمز” مقالا للمعلق روجر بويز، يدعو فيه الغرب لرفض محاولات بشار الأسد التسلط في بلاده، وشراء صفقات إعمار البلاد منه.
ويبدأ بويز مقاله بالقول إن “خبراء الشرق الأوسط طالما تساءلوا عما إذا كان بشار الاسد هو المعادل لرجل المافيا الشرس مايكل كورليوني، الابن الذي يعاني من نزاع داخلي في فيلم (العراب)، أو شقيقه الجبان فريدو كورليوني”.
ويجد الكاتب في مقاله، أنه “بعد سبعة أعوام من الحرب، التي أدت إلى مقتل نصف مليون، وتشريد ستة ملايين في داخل بلادهم، وأكثر من خمسة ملايين لاجئ في الخارج، فعلى ما يبدو أن بشار الأسد هو الأب دون كورليوني والابن مايكل جمعا في شخص واحد، وبعد أن كتبت نهايته تبين أنه ناج ومدافع عن عائلة حاكمة دموية”.
ويقول بويز: “هذا لا يعني أن الأسد رجل يملك زمام أمره، فعندما بدأت القوات التركية تتحرك نحو شمال سوريا، هدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأن تركيا ستواجه قوة طيران الأسد، وفي الحقيقة لم تتحرك الطائرات من مدارجها؛ لأن روسيا هي التي تتحكم في المجال الجوي، ولا تريد مواجهة بين أردوغان والأسد”.
ويؤكد الكاتب أن “روسيا وإيران هما من تدعمانه، وحقق مكاسب بسببهما، وعليه في هذه الحالة أن يتقيد بالقواعد التي تضعها هاتان الدولتان، وبسبب الدعم الذي لقيه لم يعد تنظيم الدولة إلا في جيوب في الصحراء، والمقاومة لحكمه منحصرة في إدلب ومناطق متفرقة من البلاد”.
ويبين بويز أنه “مع أنه ليس حاكما مستقلا إلا أنه يستطيع التحرك دون أي قيود أخلاقية، وكما اكتشف مايكل كورليوني في (العراب) فهو حاسم، ويحضر رأس النظام لهجوم شامل على الغوطة الشرقية، التي يسيطر عليها مقاتلو الثوار، والتي يعيش فيها أكثر من 400 ألف مدني، علقوا وسط القصف المدفعي والجوي، وتم إسقاط البراميل المتفجرة على منطقة حضرية واسعة محاصرة، وقام طيران النظام بـ 72 غارة جوية يوم الاثنين وضرب خمس مستشفيات”.
ويقول الكاتب: “لأنه لم تعد هناك حرب واحدة في سوريا، بل حروب متعددة، فإنه من الغرابة بمكان أن يقوم الأسد أو أي طرف بالإعلان عن النصر، فتركيا ضد الأكراد، وإيران ضد إسرائيل، والجماعات الوكيلة للسعودية ضد الجماعات الوكيلة لقطر، والولايات المتحدة ضد روسيا، وكلها تحاول تجنب مواجهة مباشرة، بالإضافة إلى أن السنة ضد الشيعة، وهي جزء من النزاعات التي تثير أسئلة حول قدرة الأسد على استعادة السيطرة على كامل الجمهورية العربية السورية التي ورثها عن والده”.
ويلفت بويز إلى أن “سوريا تحولت إلى جحيم من الأضداد المتنازعة، وجمهورية على غرار جمهورية الكونغو الديمقراطية، لكن بأشجار زيتون، وينظر إليها لا كونها دولة، لكن بحروبها التي لا تنتهي”.
ويفيد الكاتب بأن “حسابات الأسد حتى الآن تقوم على الاحتفاظ بحكم مدن سوريا الكبرى والساحلية، ولا يعد هذا في حد ذاته نصرا، لكنه إنجاز عظيم أكبر مما حققه أعداؤه الداخليون، وسيسمح له هذا بإعادة خلق نفسه من بشار السفاح الباني، وهو يعلم أن إعادة إعمار سوريا يجب أن تبدأ قبل تحقيق السلام، ولهذا السبب يركز النظام الجزء الأكبر من طاقته على تسوية الغوطة بالتراب، ويريد أن يظهر أن هذا الجزء من مناطق سلطته، التي تصل إلى نسبة 55%، والتي تحتوي على معظم السكان السوريين، وهذا يعني أن سوريا آمنة وجاهزة للأموال الأجنبية”.
وينوه بويز إلى أن “عمان والكويت والهند وقعت عقودا تجارية مع سوريا، وتحوم مصر ولبنان والعراق حول الحمى، ويقدر البعض كلفة إعادة إعمار سوريا بحوالي 350 مليار دولار، وهو مبلغ لا يمكن للاعبين الإقليميين وروسيا جمعه، وربما كانت أوروبا أو الولايات المتحدة بالتأكيد من الدول التي قد تنجذب إلى قائمة الذين يريدون طرح عطاءات، وقد ينجذب الباحثون عن الربح لسوريا، التي تحطم اقتصادها، وزادت نسبة التضخم فيها إلى مستويات عالية, ويتوقع منتجو الإسمنت ازدهارا على الطلب، ويشعرون بالحماسة بأن عملية الإعمار لا تعتمد على تسليم آخر مسلح سلاحه، ويقوم الوسطاء بالبحث عن استشارة من الفرق التي قامت بإعادة إعمار عاصمة الشيشان غروزني؛ في المحاولة المحبطة للاستقلال”.
ويقول الكاتب إن “الأسد يعتقد أن المستثمرين سيأتون إليه، وسينسب الفضل لنفسه؛ لأنه أعاد بناء البلد، وحمى حدوده، وستحصل المناطق العلوية أو (أرض الأسد) على حصة أكثر مما تستحق، وستكون بمثابة الجذب للدولة القديمة”.
ويضيف بويز أن “هذا هو الحديث الذي ربما دار بين الأسد وأسماء وهما يتصفحان مجلات الديكور والتصميم اللامعة الغربية، وربما تخيل الأسد أنه قد مارس النفوذ على ما سيأتي من أموال لمساعدته، ويتحول إلى رمز مؤثر في الإقليم”.
ويختم الكاتب مقاله بالقول إن “على الغرب، خاصة وزير الخارجية بوريس جونسون، أن يتخيل أن إعادة الإعمار هي بمثابة ورقة مقايضة مع الغرب، وطريقة لدفعه للخروج من السلطة، وهذه قراءة خاطئة لعقلية الكثير من السوريين، الذين تركوا بلادهم هربا من القتال خلال السنوات الماضية، وبالنسبة لهم فطالما ظل الأسد هناك فلا أمل بعودتهم وتعريض حياة أطفالهم للخطر، حتى لو منحوا بيتا جديدا لامعا، وهم خائفون من انتفامه، ويفهمون أكثر المخاطر الحقيقية، والديكتاتور الذي لا يثق بنفسه، ويقولون لك إنه فريدو كورليوني أكثر من كونه مايكل كورليوني”.
وطن اف ام / عربي 21