وافق البرلمان اللبناني، الخميس على أول ميزانية للدولة في 12 عاما في خطوة حيوية نحو إصلاح الاقتصاد الهش ومنع ارتفاع عبء الدين العام.
وفشلت الحكومات المتعاقبة في تمرير ميزانيات سنوية بسبب سلسلة من الأزمات السياسية منذ اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري في 2005.
وقال وزير المال علي حسن خليل لوكالة “رويترز” بعد التصويت، إنها “خطوة أساسية في مسار عمل الدولة يعود فيها الانتظام إلى المالية العامة ومن شأنها أن تؤسس لمرحلة جديدة”.
وأضاف أن إقرار موازنة عام 2017 اليوم “تمهد لإقرار موازنة العام 2018 على أسس علمية متضمنة رؤية اقتصادية تلحظ تطور الأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية في البلد وستتضمن مجموعة من الإجراءات المالية والإصلاحية لتخفيض نسبة العجز وزيادة النمو”.
وتابع: “وسوف نعمل على إقرار موازنة العام 2018 في أقرب وقت وسنقرها قبل نهاية العام الحالي”.
ويمثل إقرار الميزانية الأولوية الرئيسية لحكومة رئيس الوزراء سعد الحريري التي تولت السلطة في كانون الثاني/ يناير الماضي.
ومتحدثا إلى الصحفيين بعد التصويت وصف الحريري إقرار الموازنة بأنه “إنجاز تاريخي” بعد 12 سنة من دون موازنة.
وقال إن الخلافات السياسية في البلاد كانت سببا من أسباب عدم التوافق على الموازنة أما اليوم فإن التوافق السياسي هو الذي يؤمن تصحيح المسار.
أضاف قائلا: “ليس لدينا عصا سحرية وأكيد هناك فساد وهدر.. لكن هؤلاء الذين يرفعون أصواتهم لماذا لم يحاربوا الفساد في الحكومات السابقة وهم كانوا أعضاء فيها؟ أؤكد لكم أننا سنقوم بخطوات إصلاحية وسوف نسرع بهذا المسار لتعود الدولة إلى عافيتها المالية والسياسية.. وأعدكم بأن موازنة العام 2018 سوف نبدأ بدرسها من الأسبوع المقبل”.
وبعد ثلاثة أيام من المناقشات صوت أعضاء مجلس النواب اللبناني بأغلبية 61 صوتا بالموافقة على الميزانية في حين صوت أربعة أعضاء بالرفض وامتنع ثمانية عن التصويت.
وكان أبرز المعترضين على الموازنة نواب حزب الكتائب اللبنانية المسيحية والنائب المسيحي بطرس حرب. وامتنعت كتلة حزب الله عن التصويت وكذلك رئيس الوزراء السابق نجيب ميقاتي والنائبان المسيحيان أنطوان زهرا وشانت جانجيان عن حزب القوات اللبنانية. وحضر الجلسة 73 من أصل 127 نائبا.
وقال حسن فضل الله النائب بالبرلمان عن حزب الله لوكالة “رويترز”: “التصويت على الموازنة يتم على مرحلتين.. المرحلة الأولى تناقش بندا بندا وخلالها وافقنا على العديد من البنود واعترضنا على أخرى لأنها لا تتوافق مع رؤيتنا للإصلاح المالي. وحين المناداة على المشروع ككل بصيغته النهائية وتسهيلا لتمريره امتنعنا عن التصويت”.
وكانت إحدى العقبات الرئيسية التي حالت دون إقرار ميزانية 2017 والميزانيات السابقة مطالبة بعض السياسيين بإجراء قطع حساب وهو ما يعني مراجعة الإنفاق من خارج الميزانية عن السنوات الماضية.
وكان البرلمان وافق يوم الأربعاء على قانون يسمح بتمرير الميزانية قبل اكتمال عملية التدقيق في الحسابات وأعطى البرلمان وزير المالية فترة تصل إلى عام لتنفيذها.
ويعاني الاقتصاد اللبناني منذ 2011 جراء الحرب في سوريا التي دفعت نحو مليون ونصف مليون لاجئ إلى أراضيه وسط أزمة بفعل تدني الاستثمار وضعف البنية التحتية. ومنذ عام 2011 انخفض النمو إلى أكثر من واحد بالمئة بعدما كان 8 بالمئة قبل الحرب.
وتقول وكالة موديز للتصنيف الائتماني إن نسبة نمو الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في لبنان هي ثالث أعلى نسبة في العالم وستصل إلى ما يقرب من 140 بالمئة في 2018.
ويقول خبراء اقتصاديون إن الميزانية العامة شيء حيوي لإصلاح المالية العامة لكن ما زال هناك المزيد الذي يجب القيام به لتحسين النمو وتعزيز ثقة المستثمرين في البلاد، مثل تطوير البنية التحتية وتعزيز تحصيل الضرائب والتقنين في المياه والكهرباء. ويشيرون أيضا إلى أن خدمة الإنترنت ووسائل الاتصالات تسير ببطء شديد والشوارع مكتظة بالسيارات.
وطن اف ام / وكالات