أكد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أنَّ “المرحلة القادمة، ستشهد إعادة هيكلة الجيش، بحيث تتماشى مع الدول العصرية، ونقطع صلته بالسياسية”.
جاء ذلك في تصريحاتٍ أدلى بها يلدريم، مساء أمس السبت، خلال مقابلة تلفزيونية مشتركة، مع قناتين محليتين، تناول خلالها آخر مستجدات الأحداث داخل البلاد، على خلفية محاولة انقلابية فاشلة، شهدتها منتصف يوليو/تموز الجاري.
وشدد على أن “هناك حاجة ماسة لإعادة هيكلة الجيش، فالكيان الموازي (منظمة فتح الله غولن الإرهابية) وكيانات أخرى كالأرغنكون والمطرقة، ظهرت بكل أسف داخل الجيش، وفي الدول العصرية المتقدمة، لا يمكن للجيش أن يشكل مصدر تهديد لشعبه ووطنه، ومن ثم وجبت إزالة هذه التهديدات، سواء من خلال إصلاحات أو إعادة هيكلة من جديد”.
تجدر الإشارة أن شبكة أرغنكون، منظمة سرية يُرجح أنها تأسست عام 1999؛ وتزعم بأن أهدافها المحافظة على علمانية الدولة التركية، وتُتهم بالقيام باغتيالات وتفجيرات في عدد من المدن التركية؛ ومحاولة الانقلاب على حكومة حزب العدالة والتنمية بين عامي 2003-2004.
واعتبر القضاء التركي، أرغنكون، منظمة إرهابية بعد تحقيقات استمرت 6 أعوام وشهرين؛ إثر اكتشاف 27 قنبلة يدوية في أحد المنازل في القسم الأسيوي من مدينة إسطنبول في حزيران/يونيو 2007.
“وتتلخص قضية “المطرقة” في مخطط لعدد من كبار جنرالات الجيش يستهدف الإطاحة بحكومة العدالة والتنمية، كُشف النقاب عنه في جريدة محلية مطلع عام 2010، وكان يتضمن اجتماعا لعدد من كبار الضباط في قيادة الجيش، وذلك في آذار/مارس من عام 2003، بهدف وضع خطة انقلابية ضد حكومة رئيس الوزراء آنذاك، رجب طيب أردوغان الأولى، من خلال تفجير أهم مسجدين مكتظين في إسطنبول، مما يجبر الحكومة على إعلان حالة الطوارئ، ومن بعدها تعمد إسقاط طائرة تركية فوق الأجواء اليونانية، مما يؤدي الى زعزعة الاستقرار في البلاد وتأليب الرأي العام الداخلي ضد الحكومة وغيرها من السيناريوهات المخططة.
وأضاف يلدريم “إذا تورط الجيش بالسياسة في دولة ما، فإن ذلك سيشكل وبالا عليها، ومن أهم أسباب سقوط الدولة العثمانية، هو تدخل الجيش بالسياسة في سنواتها الأخيرة (…) على كل شخص، استخدام الصلاحيات الممنوحة له وفق القانون، وإن تم استخدام السلطات خارج هذه الصلاحيات، فسيتحول الأمر إلى فوضى، وهذا لا يليق بالديمقراطية”.
وأضاف يلدريم نحن نعرف ما سنفعله على المستوى السياسي، والإجراءات في الدول الأخرى في هذا الخصوص واضحة، ووضع الجيش والسياسة واضح أيضا، سنعيد دراسة كل هذه الأشياء، ونطبق أفضل الإجراءات بما يليق مع وطننا” وحول المؤسسات والمدارس والجامعات الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني التابعة لمنظمة الكيان الموازي، والتي وضعت الدولة التركية وصاية قانونية عليها، أكد يلدريم أن “الوزارات التركية ستشرف عليها، بما يضمن استمرار عملها، وستتم تسميتها بأسماء الشهداء الذين سقطوا في مواجهة المحاولة الانقلابية الفاشلة”.
ولفت إلى إصدار الحكومة لقانون تعتبر من خلالها المدنيين الذين سقطوا في مواجهة الانقلابيين بمثابة شهداء من الدرجة الأولى، موضحًا أن عددهم بلغ 246 شهيدا.
وشهدت العاصمة أنقرة ومدينة إسطنبول، في وقت متأخر، من مساء الجمعة (15 تموز/يوليو)، محاولة انقلابية فاشلة، نفذتها عناصر محدودة من الجيش، تتبع لمنظمة “فتح الله غولن” (الكيان الموازي) الإرهابية، حاولوا خلالها إغلاق الجسرين اللذين يربطان الشطرين الأوروبي والآسيوي من مدينة إسطنبول (شمال غرب)، والسيطرة على مديرية الأمن فيها وبعض المؤسسات الإعلامية الرسمية والخاصة.
وقوبلت المحاولة الانقلابية، باحتجاجات شعبية عارمة في معظم المدن والولايات، إذ توجه المواطنون بحشود غفيرة تجاه البرلمان ورئاسة الأركان بالعاصمة، والمطار الدولي بمدينة إسطنبول، ومديريات الأمن في عدد من المدن، ما أجبر آليات عسكرية كانت تنتشر حولها على الانسحاب مما ساهم بشكل كبير في إفشال المخطط الانقلابي.
جدير بالذكر أن عناصر منظمة “فتح الله غولن” الإرهابية – غولن يقيم في الولايات المتحدة الأميركية منذ عام 1998- قاموا منذ أعوام طويلة بالتغلغل في أجهزة الدولة، لا سيما في الشرطة، والقضاء، والجيش، والمؤسسات التعليمية، بهدف السيطرة على مفاصل الدولة، الأمر الذي برز بشكل واضح من خلال المحاولة الإنقلابية الفاشلة.
وطن إف إم / اسطنبول