تنغمس تركيا إلى ما فوق أذنيها بالأزمة المندلعة منذ نحو 4 سنوات في جارتها الجنوبية، فهي فتحت حدودها بكل كرم لآلاف المقاتلين الأجانب للعبور إلى سوريا كرد مباشر على إسقاط النظام السوري طائرة تركية قبالة الشاطئ السوري في يونيو (حزيران) 2013، لتسقط بعدها المراكز الحدودية السورية مع تركيا واحدا تلو الآخر، وهو ما فاخر به رئيس الوزراء التركي آنذاك (الرئيس الحالي للجمهورية) رجب طيب إردوغان في لقاء مع شخصيات عربية بعد ذلك بأشهر.
لكن تركيا بدأت مؤخرا تخشى أن تلسعها، النار السورية، من خلال المقاتلين الأجانب المتشددين الذين يستعملون أراضيها كقاعدة عمليات خلفية، خصوصا أن من بين هؤلاء آلاف الأتراك الذين تتفاوت التقديرات حولهم من 3 آلاف إلى نحو 12 ألفا، سيعودون يوما إلى بلادهم التي بدأت سياساتها الخارجية تتباعد مع سياسات التنظيمات المتطرفة، كـداعش والنصرة.
وأتى التفجير الانتحاري الأخير، الذي وقع في إسطنبول ليرفع من درجة الإنذار التركي إلى الحد الأحمر. وعلى الرغم من مسارعة المصادر التركية إلى الربط بين الانتحارية التي فجرت نفسها بمركز للشرطة السياحية وبين تنظيمات يسارية متطرفة اعتادت تنفيذ عمليات مشابهة، إلا أن تواتر الأنباء اللاحق يفيد بأن الانتحارية هي أرملة مقاتل نرويجي من «داعش» الذي بدا وكأنه يشهر البطاقة الصفراء بوجه الأمن التركي الذي يتجاوب جزئيا مع ضغوطات دولية هائلة ترمي إلى تقليص المساحات أمام المتشددين في تركيا لمنعهم من العبور إلى سوريا والعراق.
ويعتقد على نطاق واسع أن المتشددين أقاموا شبكات واسعة تتولى تقديم الدعم اللوجيستي للمقاتلين الأجانب في تركيا، إذ تتولى استقبالهم وتأمين إقامتهم في مناطق تركية مختلفة، قبل تأمين انتقالهم إلى سوريا أو العراق.
ويقول مفيد يوكسال، الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية : إن «جميع المحاربين الأجانب يستخدمون الأراضي التركية فقط للعبور إلى سوريا والعراق ولكن التنظيمات الراديكالية في تركيا هي التي تقوم تنظيمهم ومساعدتهم لعبور الحدود عن طريق عصابات المافيا التي تهربهم إلى هناك مقابل الأموال يعني يستخدمون المافيا كجسر للعبور إلى سوريا والعراق».
ويشدد على ضرورة قيام قوات الأمن التركية بضبط الحدود لأنها الآن شبه خالية من القوات التركية. ورأى أن في تركيا فراغ أمني كبير، مشيرا إلى أن الأراضي التركية باتت مسرحا للمخابرات الأجنبية تسرح وتمرح بها بل تقوم بجرائمها وتصفي عناصر المعارضة لها وقت ما تشاء كما حصل قبل أسبوعين حيث تم اغتيال رجل دين شيشاني معارض للهيمنة الروسية في بلاده حيث قتل وضح النهار وبدم بارد.
وأضاف أن المحاربين الأجانب في سوريا والعراق هم في الحقيقة ليسوا بمحاربين في بلادهم، لأن أغلبهم يأتي من أوروبا مثل ألمانيا وإيطاليا أو فرنسا ومن باقي دول العالم وجميعهم من أبناء تلك البلدان، ولهذا يأتون إلى تركيا حيث يجدون الكثير من التنظيمات المتشددة التي تساعدهم في جميع الأمور وتقدم لهم الخدمات المجانية، كما أن البعض منهم يلجأ إلى عصابات المافيا التي أخذت من مناطق الحدود مراكز لها لإدخال من يريد إلى سوريا والعراق مقابل مبالغ طائلة.
ويلفت يوكسال إلى أنه ليس كل القادمين من الإسلام الراديكالي، بل يوجد بينهم مثلا علويون أتوا من ألمانيا للمشاركة في القتال الدائر في سوريا إلى جانب النظام، وأيضا أتى بعض الشيوعيين من أوروبا وفرنسا والتحقوا بتنظيم داعش فقط لأنهم يريدون أن يعيشوا مغامرات. وهذا ليس بجديد على المنطقة ففي الستينات والسبعينات كانت سوريا ولبنان مركزا لجذب الشيوعيين واليساريين من أوروبا والعالم وتركيا للانخراط في صفوف الثورة الفلسطينية.
وكشف أن الرقم الذي توصلنا إليه بأنه يوجد أكثر من 1500 علوي عربي من تركيا الآن يقاتلون إلى جانب النظام.
وأوضح يوكسال أنه يوجد من دول البلقان مثل ألبانيا ومقدونيا ما يقارب 1500 مقاتل الآن هم في سوريا يقاتلون مع داعش ضد النظام، كما يوجد أيضا مقاتلون من الشيشان ومن دول أوروبا وهذا يعني أنه يوجد تجمع دولي للمقاتلين في داعش.
ورأى أن هذا الكم الهائل من التجمع البشري في داعش يحتاج إلى مبالغ طائلة لا يمكن لأي تنظيم عادي أن يقوم بها، معربا عن اعتقاده بأنه يوجد تنظيمات دولية هي التي تحرك «داعش» من وراء الستار.
وأضاف يوكسال أنه يوجد ما بين 6 إلى 7 آلاف مقاتل كردي ذهبوا من تركيا إلى الأراضي السورية وانضموا إلى (داعش)، فمثلا من يحاصر عين العرب من (داعش) جميعهم أكراد يعني الأكراد يحاصرون الأكراد في عين العرب، ونفس الشيء تكرر في رأس العين حيث كان (داعش) يقاتل (النصرة) وأيضا الأكراد هناك كانوا يقتلون الأكراد».
وأعرب يوكسال عن اعتقاده بأنه بعد أن تنتهي الحرب في سوريا فإن الأغلبية العظمى من هؤلاء المقاتلين سيتم تصفيتهم جسديا سواء في بلادهم أو في سوريا ولن يسمح لهم بالعودة إلى بلادهم لكي يسرحوا ويمرحوا. وقال: «الآن يوجد ما يقارب 100 ألف مقاتل أجنبي في سوريا والعراق ماذا سيكون مصيرهم. أما بالنسبة لتركيا أعتقد أنها لن تسمح لمواطنيها المقاتلين في سوريا والعراق بالعودة إلى تركيا وكانت قد فعلت هذا مع المجاهدين في أفغانستان قبل ذلك ومن الطبيعي أن تكرر نفس الشيء فيما بعد».
وفي الإطار، أعلن البروفسور أوميت أوزداغ الذي يترأس معهد تركيا «القرن الـ21» أن المعهد أجرى بحثا عن عدد المقاتلين الأتراك الذين عبروا من الحدود التركية إلى سوريا والذي يقدر عددهم بـ12 ألف مقاتل الأغلبية العظمى منهم التحقوا بتنظيم داعش و«النصرة».
وقال أوزداغ وهو عضو في البرلمان التركي عن مدينة إسطنبول لحزب الحركة القومية إن «الذين دخلوا الأراضي السورية يحملون الجنسية التركية، بعضهم ذهب منفردا، وبعضهم الآخر اصطحب عائلته معه».
وقال: «إلى جانب المواطنين الأتراك مثل هناك قبيلة تتكون من 400 شخص أتوا من شمال كازاخستان واستوطنوا في مدية الرقة .
ونقل أوزداغ عن الرئيس الثاني للأركان الجنرال يشار جولار قوله في كلمة أمام سفراء تركيا في الخارج إننا نجحنا في منع نحو 100 ألف شخص أرادوا عبور الحدود إلى سوريا وكان أكثر من 7 آلاف منهم من الأجانب. معتبرا أن هذا يعني أن 93 ألفا من من أرادوا دخول الحدود هم من الأتراك.
وكشف أنه دخل إلى الأراضي السورية عبر تركيا أكثر من 12 ألفا الأغلبية منهم انضم إلى داعش والنصرة.
وقال إن البحث في ملفات المنظمات الإرهابية الراديكالية ما زال مستمرا، حيث سنسلط الضوء على الوضع الاجتماعي والاقتصادي لتلك الأشخاص الذين ذهبوا للقتال في سوريا، متحدثا عن نتائج لافتة منها أنه يوجد ما يقارب الـ6 في المائة في المجتمع التركي ممن يطمحون أو يؤيدون الذهاب للقتال في سوريا وهذا يعني أن 4 ملايين مواطن يمثلون قاعدة شعبية كبيرة لتلك الأفكار.
المصدر : الشرق الأوسط
خبر فاشل لا يمت للواقع بصلة
تناقض مرعب جعلني أحاول أن أعيد بعض المقاطع منه مرتين ليس فقط لضعف السرد، بل لتضارب المعلومات، تارة يخبرون بأن الحدود التركية مع سوريا مفتوحة وتارة يقولون أن المجاهدين يضطرون لاستخدام مهربين ودفع مبالغ طائلة؟؟!!
وكأن الخبر يريد تحريف الحقيقة وتشويه دور تركيا الإنساني الذي يظهر مثل الشمس جليا ولا يغطيه خبر كهذا